(الأمين العام) .. هل يعمق الخلافات داخل حزب “الأمة القومي”؟

“عروة الصادق”: هناك خلافات وصراعات في المواقف

“عبد القادر محمود”: قحت أصبحت الحزب الفرعي للأمة القومي

“الفاتح عثمان”: الأمين العام يدير الحزب بطريقة غير ديمقراطية

الخرطوم: محجوب عيسى

برزت خلافات داخل حزب الأمة القومي مجدداً وهي صراعات قديمة متجددة ولم تكن وليدة اليوم وإن كان ظهورها هذه المرة مختلفاً بعض الشيء، لأنها ارتبطت برفض (50) عضواً من المكتب السياسي للمنهج الذي يدار به الحزب وانفراد الأمين العام بالقرار داخله.

وأكد حزب الأمة القومي أن الأمين العام للحزب يعمل وفق قرارات المؤسسات الحزبية وأن الخط الذي ينفذه مجاز من المكتب السياسي، وفي الوقت ذاته أقر وجود خلافات وصراعات داخل الحزب من حيث المواقف والمبدأ، وأنها خلافات داخلية تم تسريبها إلى الإعلام لمزيد من الضغط لصالح المجموعة التي تريد أن يعلو صوتها داخل الحزب، ويمكن فصلها بواسطة رئيس الحزب المكلف أو أن يحيلها إلى لجنة الرقابة وضبط الأداء.

ويرى متحدثون لـ(اليوم التالي) أن ما يحدث داخل أروقة حزب الأمة القومي يعكس صراع ونفوذ الأجنحة المسيطرة على الحزب وشؤونه السياسية ومسألة صنع القرار داخل دوائر الحزب المختلفة.

خلافات وصراعات

أوضح القيادي بحزب الأمة القومي عروة الصادق الخلافات داخل الحزب ويقول لـ(اليوم التالي) إن الحزب به تراكم أجيال، جيل الاستقلال بقيادة رئيس الحزب المكلف اللواء فضل الله برمة وجيل انتفاضة أكتوبر 64 وأبريل 85 بالإضافة إلى جيل ديسمبر، الأمر الذي أحدث تدافعاً في كابينة القيادة المكتظة بالكوادر القيادية والوسيطة والمهنية والقطاعات الحية الشباب والطلاب والمرأة.

ويضيف هناك من يطمح للإحلال والإبدال داخل المنظومة وهذا توقف منذ آخر مؤتمر لحزب الأمة القومي 2009، أعقبته ثلاثة انعقادات للهيئة المركزية التي جاءت بالقيادة الحالية.

وبضيف ترى مجموعة ضرورة مشاركتها في القرارات، وأن هناك جزءاً مهيمناً على الحزب وتريد أن تتخذ الوسائل الديمقراطية المشروعة مثل المذكرات والاحتجاج.

وأقر الصادق بوجود خلافات وصراعات داخل الحزب من حيث المواقف والمبدأ “الموقف السياسي والموقف من العملية السياسية ومن المؤسسة العسكرية”، وتابع هي مواقف متباينة داخل الأمة القومي على رأسها قيادات من كل المستويات المختلفة شكلت تيارات ضغط وتنافس حميد.

خط مجاز

وفي الوقت ذاته أكد عروة أن الأمين العام لحزب الأمة يعمل وفق قرارات المؤسسات الحزبية وأن الخط الذي ينفذه مجاز من المكتب السياسي للحزب المنتخب، وأي خلل أو خروقات يمكن أن يشار إليها يتحملها المكتب السياسي لا سيما وأن الأمين العام لا يعمل من هواه وأن الخطوات التي يسير عليها لا يستطيع المواصلة فيها دون إجازة من المكتب السياسي، وهذا ما يحدث في الحراك السابق واللاحق.

وطبقاً لعروة أن رئيس الحزب المكلف يحق له أن يفصل في الخلافات أو أن يحيلها إلى لجنة الرقابة وضبط الأداء، ويمكن أن يستدعي الفرقان ويستجلي ما في مذكرتهم.

ويرى أن الخلافات الداخلية تم تسريبها إلى الإعلام لمزيد من الضغط لصالح المجموعة التي تريد أن يعلو صوتها داخل حزب الأمة القومي، وتابع ما يخيفنا ويهدد أنشطة الحزب أن تتخذ المذكرات طابعاً إعلامياً وأن تشن حرب إعلامية تجبر مؤسسات الحزب الرد عليها بصورة مماثلة وهو ما يمكن أن يعمق الشرخ داخل الحزب مستقبلاً، ويؤكد أن قيادات الحزب تسعى لسماع كل الآراء لجهة أنها تركة الإمام “احتكموا إلى المؤسسات”، ولا يمكن أن نستجيب لابتزاز عبر وسائل الإعلام.

صراع نفوذ

فيما يقول المحلل السياسي عبد القادر محمود إن ما يحدث داخل أروقة حزب الأمة القومي يعكس صراع ونفوذ الأجنحة المسيطرة على الحزب وشؤونه السياسية ومسألة صنع القرار داخل دوائر الحزب المختلفة، ويرى محمود في إفادة لـ(اليوم التالي) أن الحزب ظل يعمل منذ وفاة الإمام الصادق المهدي بسياسة “رزق اليوم باليوم” وفق تعبيره، ويضيف لا يوجد تقدم في مواجهة القضايا المصيرية للبلاد سوى السعي الدؤوب نحو استعادة قدر من السلطة والحقائب الوزارية من خلال مظلة قوى الحرية والتغيير لدرجة أن قوى التغيير المركزي أصبحت الحزب الفرعي للأمة القومي جراء الاهتمام بقوى الحرية أكثر من شؤون الحزب وتحالفاته الإستراتيجية مع قوى الثورة والقوى الإجتماعية المرتبطة بقضايا الثورة والتحول الديمقراطي الحقيقي للدولة.

ويشير عبدالقادر إلى أن حزب الأمة الآن بلا قيادة كاريزمية تستطيع لملمة أطرافه التي بدأت تنتفض ضد القيادة الجديدة وهي قيادة تمثل جناح المصالح والأعمال داخل الحزب على عكس الأجنحة الأخرى التي هي أقرب إلى قضايا الجماهير خاصة الشباب داخل الحزب ولهم خطهم الواضح تجاه الثورة والسلطة الانقلابية الراهنة، لا سيما وأنهم يرون أن الحزب ينبغي أن يتبنى كافة شعارات الثورة للمضي قدما نحو البناء المدني للدولة وتجاوز كل الإشكالات التي أقعدت السودان منذ استقلاله، ويؤكد أن هذا الاتجاه كان سائداً وبقوة حتى في عهد الراحل الإمام الصادق المهدي.

وحذر من تجاهل الحزب لأصوات القوى الرافضة لتوجهات الحزب الراهنة، ويقول إن الوضع داخل الحزب سيكون صعباً وربما نشهد تصدعات قد تؤدي إلى انشقاقات جديدة كما هو معلوم عن الحزب بتصدعاته وانشقاقاته المتكررة في فترة حكم النظام البائد.

ورهن محمود تجاوز أزمة الصراع على النفوذ والقرار داخل أروقة حزب الأمة القومي، بإدراك الأمر من قبل أعضاء الحزب من آل المهدي عبر إيجاد قيادة ملهمة لقيادة الحزب، علاوة على أن الحزب يحتاج إلى إجراء مراجعات حقيقية لآلية عمله الحالية التي لا تضع أولوية لقضايا الثورة والدولة المدنية وتطلعات الشباب والثوار.

ضعف قيادة

غير أن الخبير الإستراتيجي الفاتح عثمان أرجع الصراع داخل مؤسسات حزب الأمة القومي لسيطرة أصهار الإمام الصادق المهدي على الحزب في ظل الضعف الكبير في القدرات القيادية لأبناء الإمام، فضلاً عن تخوفات من سيطرة مبارك الفاضل المهدي علي حزب الأمة في حال وجود ثغرة ينفذ منها للحزب مرة أخرى.

وتابع عثمان خلال حديثه لـ(اليوم التالي) أن الأمين العام لحزب الأمة الواثق البرير يدير شؤون الحزب بطريقة غير ديمقراطية بغرض السيطرة التامة عليه والحيلولة دون عودة مبارك الفاضل المهدي المنافس الشرس على زعامة حزب الأمة القومي، ونوه إلى أن منهج البرير واجه غضباً ورفضاً كبيرين داخل أروقة الحزب، وزاد ولا أحد يستطيع التاكيد بأن مبارك الفاضل المهدي ليس خلف هذا الحراك الحزبي.

مذكرة احتجاجية

وفي وقت سابق رفع (50) عضواً بالمكتب السياسي لحزب الأمة القومي مذكرة احتجاجية لرئيس الحزب المكلف اللواء فضل الله برمة ناصر، ترفض المنهج الذي يدار به الحزب وانفراد الأمين العام الواثق البرير بالقرار داخل الحزب والعبث بتاريخه وتشويه دوره القيادي لصالح التزاماته التحالفية التي تخدم أجندته ومجموعته لا أجندة الحزب الوطنية.

وطالبت المذكرة بمراجعة موقف الحزب السياسي من مجمل الأزمة الوطنية بعد تخلي الأمين العام ومجموعته عن مشروع العقد الاجتماعي مما أدى لبعد الحزب عن الشارع الثوري واضمحلال دوره القيادي وتقزمه داخل مجموعة محدودة تسيطر على قرار الحرية والتغيير في منهج مغلق على الإقصاء فاقم من تعميق الأزمة الوطنية.

وطعنت المذكرة بعدم مشروعية قرارات المكتب السياسي بعد تصعيد أعضاء بطريقة مخالفة لدستور الحزب ولوائحه ورفض المنهج التآمري الذي يدار به المكتب السياسي عبر رئيسه.

وقالت المذكرة إن الحزب فقد دوره القيادي وسط الجماهير بعد أن كرس أمينه العام جهده لتحالف الحرية والتغيير وتخلى عن واجباته المنصوص عليها في الدستور، وطالبت المذكرة رئيس الحزب المكلف بوضع حد للخروقات المؤسسية في الجهاز السياسي والتنفيذي والدعوة لهيئة مركزية عاجلة لمحاسبة المكتب السياسي والأمانة العامة.

وطالبت المذكرة رئيس الحزب ورئيس الهيئة المركزية بالدعوة لاجتماع الهيئة المركزية لمحاسبة الأجهزة ووضع حد لخروقاتها وتوحيد الحزب والدعوة لعقد المؤتمر العام وفقاً لمتطلبات التأسيس الرابع، وقال الأعضاء الموقعون على المذكرة إنهم سوف يتخذون إجراءات تصعيدية، منها عقد مؤتمر صحفي لتنوير الرأي العام وجماهير الحزب بالخروقات التنظيمية والمؤسسية وانحراف الحزب عن رؤيته المرجعية (العقد الاجتماعي) لمعالجة الأزمة الوطنية، وأضاف الموقعون في حالة استمرار المماطلة ستتم الدعوة للهيئة المركزية وفقاً لما هو منصوص عليه في الدستور بتوقيع خمسين + 1 لتصحيح الوضع المؤسسي والتزام الموقف السياسي الذي يعيد للحزب وضعه القيادي والذي يعبر عن جماهير الحزب ومواقفه التي اختطها الإمام الراحل.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب