لطيف القول لا يحتاج نظماً.. فكم واست أناساً (كُرْ علي)

لطيف القول لا يحتاج نظماً.. فكم واست أناساً (كُرْ علي)

 

نهى محمد الأمين أحمد

nuha25@yahoo.com

 

دفعني بيت الشعر الذي جعلته عنواناً لهذا المقال للكتابة عن القول الحسن الجميل، فالكلام هو وسيلة التواصل بين الناس ووسيلة التعبير، وتنبني عليه العلاقات الإنسانية بمختلف أنواعها، وقد اهتم القرآن الكريم بهذا الأمر كما ينبغي، وهو أساس الذنوب، وأكثر ذنوبنا نحن البشر تأتينا مما تنطق به ألسنتنا، ورقيب وعتيد (الملكان المكرمان)، يدونان ويرصدان كل ما نتفوه به من قول، وقد جاء في سيرة النبي الكريم أنه كان بشوشاً حسن القول لينه، وذلك للأثر الكبير الذي يتركه الكلام في نفس من يسمعه، وقد أمرنا (صلى الله علي وسلم)، بأن نقل خيراً أو نصمت، ورب كلمة جارحة كانت أكثر إيلاماً من طعنة خنجر، وكم انهدمت علاقات استمرت طويلاً بمجرد كلمة قيلت في لحظة غضب، ندم قائلها وتأسف، ولكن من سمعها لم يستطع تجاوزها وظلت ترن في أذنيه، فآثر التخلي عن من قالها بدون رجوع،

ومن كرم الله وعطائه وتفضيله بين البشر، خص البعض بالمقدرة على الكلام اللطيف الحسن الذي يجلب محبة الناس، وقناعتي أن هذه الخاصية هي من ضمن الأرزاق التي يوزعها الله على العباد فيعطي كلاً بمقدار.

والكلمة الطيبة تفعل مفعول السحر في نفس من يسمعها، وبالمقابل للكلمة الجارحة، ورب كلمة طيبة، أعادت المياه إلى مجاريها، ونجحت في رأب علاقة متصدعة كادت أن تذوي بعد عمر طويل،

الكلام اللطيف الجميل لا يحتاج إلى مدارس ولا جامعات، وكم من الحكايات عن أجدادنا وجداتنا الذين كانوا أميين لا يكتبون أسماءهم، ولكن كانت لهم الصدارة في المجتمعات، لأنهم أجادوا فن الحديث، وعرفوا ماذا يقولون ومتى يقولونه.

ولكن كما أسلفت هي موهبة ونعمة من الله سبحانه وتعالى، وفي كل المجتمعات إذا كانت

مجتمعات الأهل والأقارب، الدراسة والعمل أو الجيران، هناك من يجمعون الحب ويلتف الناس حولهم لجميل حديثهم، وعندما قال (صلى الله عليه وسلم): (الكلمة الطيبة صدقة)، فذلك يعني أن لها من الله أجر الصدقة، وهو أجر كبير بلا شك والصدقة من الطاعات العظيمة عند الله تعالى، وسبحانه جل وعلا ما ترك شاردة ولا واردة إلا شملها في محكم تنزيله أو سنة رسوله، والإسلام دين يتمم مكارم الأخلاق، وجمع النبي أمته بلينه وطيب حديثه، ولو كان فظاً غليظ القلب لانفضوا من حوله.

القول الجميل، البشاشة والطلاقة، الابتسام، وذكر محاسن الناس، يجمع حولنا القلوب، ويجعلنا نجني ثمار هذه الصدقة التي لا تكلفنا مالاً.

أدعوكم جميعنا أن نتعمد الكلام الجميل في أي مكان نكون فيه، أن نمدح الزملاء ونثني على ملابسهم ومقتنياتهم، أن نخاطب كبارنا بالتبجيل والاحترام، أن نلاطف أطفالنا ونكيل لهم المديح، أن نقول عبارات الشكر والامتنان في كل مكان وزمان، أن نكون على الدوام لطفاء، لا نتفوه من القول إلا جميلاً.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب