ورش تقييم السلام .. هل تعمِّق الخلاف؟

ورش تقييم السلام .. هل تعمِّق الخلاف؟

“علي آدم”: ورش السلام عرجاء وتحفر قبراً للإطاري

“مصطفى تمبور”: مخرجات ورش السلام غير ملزمة لنا

“الفاتح عثمان”: غياب “مناوي” و”جبريل” يضعف مخرجات تقييم ورشة اتفاق جوبا

تقرير: أمنية مكاوي

أصبحت المخاوف تمثل هاجساً للموقعين لاتفاقية جوبا لسلام السودان بسبب الحديث عن مراجعة هذا الاتفاق ولا سيما أن الاتفاق الإطاري قد أفرد حيزاً لمراجعة الاتفاق، بيد أن الموقعين عليه يرون أن أمر مراجعة الاتفاق ينطلق من دوافع سياسية ومكايدات من قبل قوى الحرية والتغيير المركزي وأن القوى الموقعة الاتفاقية نفسها واشتراكهم في كيفية المعالجة.

تعقيد مشهد

يقول الناطق الرسمي بالإقليم الشرقي علي آدم أحمد لـ(اليوم التالي) إن ورش المجلس المركزي تؤدي لتعميق الأزمة ولم يوفق المجلس المركزي والداعمون للإطاري في وضع البلاد في طريق الحل السياسي، بل ساهموا بتعقيد المشهد ككل بالاتفاق الإقصائي ومنحوا أنفسهم حصانة ضد النقد وعملوا على إغلاق المسرح السياسي بحجج واهية لا تسهم إلا في خلق بيئة تؤسس لدكتاتورية مدنية قد تؤدي إلى انفجار الوضع السياسي لأسوأ مما كان عليه، وزادت الوضع تأزيما بالورش التي تعقدها مع نفسها بعيداً من أصحابها المعنيين بها، مثل ورشة تقييم سلام جوبا وورشة خاصة بشرق السودان بعيداً من الفاعل الحقيقي في السودان، ألا وهو المجلس الأعلى لنظارات البجا بقيادة الناظر محمد الأمين ترك،

فهي بهذه الورش تحفر قبراً للإطاري إذا ظلت تمارس هذا النهج الإقصائي لقيادات ذات أثر كبير في الإقليم الشرقي وعلى المجلس المركزي أن يعي بأن المرارات القديمة لا تبني مستقبلاً سياسياً لها، فقد سقطت حكومة حمدوك من شرق السودان وسقوط الإطاري سيكون مسألة وقت، وحذر من الاستمرار في تقديم الورش، وأضاف في حال واصل المجلس المركزي على النهج القديم الانفراد والإقصاء بالمشهد السياسي، لجهة أن المؤشرات الإقليمية والدولية كلها تذهب إلى ضرورة إخراج العملية السياسية إلى بر الأمان ولا يكون ذلك إلا عبر توسيع المشاركة دون شروط وتوصيف معيب للقوة الثورية الأخرى.

وأضاف آدم أن الهروب بالإطاري خارجياً عبر الجولات الخارجية التي تقوم بها الحرية والتغيير إلى عدد من دول الإقليم والمنطقة بحجة كسب الدعم للاتفاق الإطاري ما هو إلا هروب إلى الأمام بالمشكل السياسي القائم المعقد، في نفس الوقت كان من الأجدى والأسهل الحوار الداخلي مع الفرقاء السياسيين والكتل الرافضة للاتفاق بدلاً من هذه الجولة التي لا تقدم، بل تأخر في وضع حل حقيقي للمشكلة.

ستذهب إلى جوبا وأديس أبابا وتشاد والإمارات والسعودية ثم ماذا بعد، لن يجدوا من هذه الدول غير كلمة واحدة عليكم بالحوار ومزيدآ من الحوار لإيجاد صيغ سياسية وتفاهمات من أجل حل لمشاكلكم، ولن يجدوا أكثر من هذه الكلمات، كان من الأجدى أن يختصروا الطريق منذ البداية ويعملوا على حلها داخليآ دون تعنت واستخدام لغة خشبية متشبثة، لأن الفعل السياسي فعل متحرك لا يقبل التخندق خلف مواقف لا يدعمها المنطق السياسي والاقتصادي القائم الآن.

ويرى آدم أن السودان لا يتحمل المزيد من الإخفاقات السياسية وليس لديه الوقت من أجل الترف السياسي، ووصف ورش السلام التي تريد الحرية والتغيير المضي فيها، بأنها عرجاء ومكسحة لا تصمد حتى وإن دعمها المجلس العسكري والمبعوث الخاص لأسباب كثيرة، أولها التشظي والانقسام حولها من معظم أصحاب المصلحة الاجتماعية وشركاء الثورة السودانية العظيمة من التيار الثوري والكتلة والديمقراطية ولجان المقاومة وغيرها من الملفات الشائكة كملف شرق السودان وأطراف العملية السلمية، وأكد أن القضية لن تحل إلا بالحوار الحقيقي وإن فشل الحوار لا بد من مزيد من الحوار حتى الوصول لصيغة سياسية اجتماعية تعبر بالوطن عنق الزجاجة.

مخرجات غير ملزمة

فيما يرى رئيس حركة تحرير السودان مصطفى تمبور أن اتفاق جوبا هو اتفاق كبير وشامل ونجح في مخاطبة جذور الأزمة السودانية في الأقاليم المختلفة، ولكن لم يجد حظه من التنفيذ، أما مسألة تقييمه فهو إجراء يخص الأطراف الموقعة عليه فقط (الحكومة والتنظيمات المسلحة والمدنية)، وأضاف تمبور في حديثه لـ(اليوم التالي) أن اتفاق جوبا لا يستطيع أحد أن يمس بالاتفاق أو تقييمه، وفي حال عقدت ورشة الحرية والتغيير وقيمته فإن المخرجات غير ملزمة بالنسبة لنا، كما نؤكد بأن جميع التنظيمات الموقعة على السلام تلقت دعوة للذهاب إلى جوبا لتقييم تنفيذ الاتفاق في الفترة ما بين ١٦ حتى ١٨ فبراير القادم.

وفي السياق كشفت مصادر لـ(سوداميديا) عن رفض حكومة جنوب السودان، مشاركة الحرية والتغيير المجلس المركزي في تقييم اتفاق السلام، وأبلغ مسؤولون جنوبيون وفد الحرية والتغيير، أن تقييم الاتفاق يتم بواسطة الموقعين عليه من الطرفين فقط، ووجهت جوبا الدعوة إلى أطراف السلام لحضور ورشة تنعقد في جوبا.

وكان مني أركو مناوي حاكم إقليم دارفور، قد أعلن عن تسلمهم دعوة رسمية من حكومة جنوب السودان لتقييم تنفيذ اتفاق سلام جوبا، وقال في تغريدة: عليه سيترتب وضع جداول زمنية لإنفاذ الاتفاق، نشكر إخوتنا في جنوب السودان على هذا الاهتمام بسلام إخوتهم في النصف الشمالي.

 

ضياع وقت

ومن جهته اعتقد القيادي بالحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية وحركة العدل والمساواة إدريس لقمة أن الورش المزمع قيامها من قبل الحرية والتغيير المركزي وبمشاركة الآلية الثلاثية فولكر، أنها ضياع للوقت مثل المجرم الذي يضع نفسه على كرسي الحاكم ويحاسب نفسه، وأصحاب المصلحة هم من وقعوا على هذه الاتفاقية نتيجة لنضال طويل ولن نوقع مع ثلاثة أحزاب لا يمثلون شيئاً وفق تعبيره، وأضاف مسبقاً نعرف نوايا الحرية والتغيير بشأن السلام وهم لديهم رؤية مخالفة للسلام ويريدون استمرار الحرب، وتابع لقمة في تصريحه لـ(اليوم التالي)، كانوا يرفضونه فقط الآن هم يبحثون عن آليات لإلغاء اتفاق السلام وهذا لن يستطيعون فعله، وذلك لأن الاتفاقية موقعة بضمانات دولية ولا يملكون ضامناً دولياً.

وأشار إلى أن الحركات المسلحة من يملك ويحدد من الذي يريد الاتفاق أم لا، وتابع لقمة كل هذه الأحاديث تمرير الاتفاق الإطاري الذي ولد ميتاً وأن الكتلة الديمقراطية أتاحت لهم فرصة، وزاد في حال يستطيعون فعل شيء لوحدهم فليفعلوا ونحن لا نريد وساطات ورأينا واضح وأصحاب المصلحة هم من يستطيعون أن يقدموا أو يؤخروا.

 

ضعف مخرجات

ويرى المحلل السياسي الفاتح عثمان في تصريح لـ(اليوم التالي) أن غياب حركتي مناوي وجبريل عن ورشة تقييم اتفاق جوبا للسلام يؤدي إلى إضعاف قيمة مخرجات هذه الورشة، وأضاف الفاتح إلا إن بصمت على الاتفاقية من دون أي إضافات، وهذا الأمر ينطبق أيضاً على ورشة أزمة شرق السودان وورشة العدالة الانتقالية وربما أيضاً ورشة توحيد ودمج القوات النظامية وقوات الحركات الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام.

وتابع الفاتح أن الإصرار على إقامة الورش في غياب أهل المصلحة يعتبر عملاً غير مسؤول ولن تنتج عنه حكومة توافق سياسي سوداني، بل قد يؤدي إلى إفشال الاتفاق الإطاري في ذات نفسه، ولهذا على قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي تبني مواقف تفاوضية مرنة تجاه الكتلة الديمقراطية للحرية والتغيير بقيادة جعفر الميرغني للخروج بتوافق يصلح لتكوين حكومة توافق سياسي سوداني بقيادة مدنية.

استكشاف طرق

وفي وقت سابق أعلن رئيس البعثة الأممية فولكر بيرتس شروع الآلية الثلاثية في التحضير لورشة العمل الخاصة باتفاقية جوبا للسلام، فيما أكدت قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي أن ‏العملية السياسية تمضي كما رتب لها دون تغيير، وقال رئيس البعثة الأممية فولكر بيرتس ‏إن الآلية الثلاثية شرعت في التحضير لورشة العمل الخاصة باتفاقية جوبا للسلام. وأوضح أن الهدف الرئيسي من الورشة سيكون استكشاف الطرق العملية لتنفيذ وإحياء اتفاقية السلام وليس تقويضها، وأضاف: نأمل مشاركة واسعة من جميع أصحاب المصلحة لترجمة السلام إلى حقيقة واقعة.

ومن جهته أكد عضو مجلس السيادة الانتقالي الهادي إدريس الإثنين، مضي العملية السياسية إلى مراحلها النهائية لحل الأزمة التي تمر بها البلاد، وبين إدريس أنه بحلول مطلع شهر فبراير المقبل سيتم البدء في ورشة السلام، وبيّن أن هناك العديد من الجهود المبذولة لإلحاق الممانعين بالاتفاق الإطاري للتوقيع عليه حتى تكون العملية السياسية شاملة تؤسس لمسيرة التحول والانتقال المدني الديمقراطي.

وقال إن دولة الجنوب بوصفها دولة وسيطة وضامنة لاتفاقية السلام، يجب أن يكون لها دور في الورش الخاصة بالعملية السياسية، لا سيما تلك المتعلقة بقضية الشرق والسلام، وأكد الناطق باسم قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي جعفر حسن أن ‏العملية السياسية تمضي كما رتب لها دون تغيير.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب