المناقل وجنوب الجزيرة .. الحياة تحت الماء؟

أحمد المفتي: سد النهضة ليست له علاقة بالفيضانات الحالية
الإقليم الأوسط: يجب فتح تحقيق مباشر مع وزير الري ولجنة تقصي الحقائق
وزير الرعاية الاجتماعية: توقعات بإعلان البلاد منطقة كوارث طبيعية خلال الساعات المقبلة
أمين علي: فقدان (477) ألف فدان مزروع بسبب الفيضانات

قضية: رفقة عبدالله
غمرت المياه بشكل كلي مدنية المناقل ومحلية جنوب الجزيرة وسط السودان وأصبح الحصول على الخيمة منتهى أحلام الكثير من السكان، ووسط هذه الظروف، أصبحت الأسر دون مأوى، وتفرقت بين المدارس وملاعب كرة القدم، إضافة الى نذر كارثة بيئية مقبلة بسبب اختلاط مياه الصرف الصحي مع مياه السيول، كما غمرت السيول قرى بأكملها وأغلقت الطرق المؤدية إلى المستشفيات والمراكز الصحية وأوقفت الإمدادات الغذائية التي تأتي من المدن الكبيرة، وتكمن المشكلة الكبرى في الوقت الحالي في إمدادات الإيواء والمياه الصالحة للشرب والأدوية الضرورية، وهنالك مطالبات من المواطين بفتح نحقيق فوري وتكوين لجنة تقصي مع وزير الري لمعرفة مصدر المياه.
مطالبات بحقيق
غمرت المياه أكثر من (89) قرية بولاية الجزيرة وكانت محلية المناقل وجنوب الجزيرة الأكثر ضرراً، عدد من المزارعين والمواطنين اعتبروا أن مصدر المياه مجهول وطالبوا بعمل تحقيق ولجنة تقصي حقائق حول الموضوع، أما نظارات الإقليم الأوسط فطالبوا بفتح تحقيق مباشر مع وزير الري لمعرفة مصدر المياه، وأعلنوا أن محلية المناقل تعتبر منطقة كوارث نسبة للفيضانات والسيول التي اجتاحت المحلية، وناشد الأمير عوض الجيد في تصريح لـ(اليوم التالي) المنظمات الدولية والإنسانية والمؤسسات الحكومية لدعم ولاية الجزيرة ومحلية المناقل بصفة خاصة التي تأثرت جراء السيول والأمطار كاشفاً عن وجود كارثة صحية بسبب سقوط دورات المياه بسبب الأمطار، وكشف الأمير عوض الجيد عن انهيار آلاف المنازل بولاية النيل الأبيض وولاية سنار حيث هدمت الأمطار المنازل ما بين كلي وجزئي، مبيناً أن الحاجة الآن لعدد ٣٠ ألف خيمة للأسر التي فقدت منازلها، كما أعلن أن منطقة المناقل تعتبر منطقة كوارث نسبة للضرر الكبير الذي لحق بالأهالي في المناقل جراء السيول والفيضانات، وأن حجم الدمار للطرق والكباري جعل وصول الدعم من دواء ومأوى يواجه صعوبة، وطالب الأمير عوض الجيد بدعم الجانب الصحي حتى لا تتكاثر الأمراض نسبة لتوالد الباعوض والحشرات.
منطقة كوارث
وقد أعلنت السلطات أمس ارتفاع عدد ضحايا الأمطار والسيول لـ77 قتيلاً، فيما أعلنت محلية المناقل بولاية الجزيرة “منطقة كوارث”، وقال والي الجزيرة المكلف إسماعيل عوض الله لدى تفقده المناطق المنكوبة “إن محلية المناقل باتت منطقة كوارث تستدعي استنفار كل المنظمات داخلياً وخارجياً لإغاثة مواطنيها”، وأضاف: “الضرر كبير ولا بد من التعاون والمساعدة من الجميع داخل وخارج السودان، فقدت آلاف الأسر بالمدينة منازلها جراء السيول، وقالت غرفة الطوارئ إن أكثر من 750 منزلاً انهارت كلياً بجانب تدمير 3000 جزئياً، محذرا من كارثة بيئية. كما حذر أيضاً من كارثة إنسانية تهدد آلاف الأسر التي غمرت السيول مساكنها، حيث يتجمعون وسط وضع مأساوي ويشكون من بطء تعامل السلطات الحكومية مع الأوضاع.
وتوقع وزير التنمية الاجتماعية أحمد آدم بخيت أنه قد يتم إعلان البلاد منطقة كوارث طبيعية خلال الساعات المقبلة بسبب السيول، وقال في تصريحات لـ«العربية» و«الحدث»، إن «حالة التأهب مستمرة ونتوقع مزيداً من الأمطار». وكشف عن تضرر (43) ألف منزل بشكل جزئي أو كلي بسبب السيول، مما قد يجبر السلطات على فتح جسر جوي حال تعذر فتح الطرق، مضيفاً أن هناك احتياجات عاجلة للغذاء وإيواء متضرري السيول.
سبب السيول
عدد من الخبراء في مجال المياه اعتبروا أن سبب السيول والفيضانات التي ضربت ولايات عدة من السودان ترجع إلى سد النهضة، بينما اعتبر الخبير القانوني في سد النهضة أحمد المفتي في تصريح لـ(اليوم التالي) أن السبب الرئيس في الفيضانات والسيول هو الأمطار فقط، وما حدث ليس له علاقة بسد النهضة.
تحذيرات وتوقعات
وحذرت هيئة الأرصاد الجوية، أمس “الأحد” من فيضانات تضرب أغلب مناطق البلاد بسبب زيادة الأمطار، وضربت سيول وأمطار عنيفة عدد من الولايات منذ مطلع الشهر الجاري مخلفة خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات وتعد ولايتا نهر النيل والجزيرة أكثر المناطق تضرراً، حيث بدأت عملية إنقاذ جوي للمتأثرين في مدينة المناقل ولاية الجزيرة وسط السودان، والخميس الماضي، اجتاحت السيول في ولاية الجزيرة أكثر من خمسين قرية مخلفة دماراً كبيراً في المنازل والممتلكات، وسط تزايد المخاوف من تفاقم الوضع الصحي والبيئي.

فقدان 477 ألف فدان
وكشف أمين الشباب بالإقليم الأوسط عبد الباقي علي عن فقدان أكثر من (477) ألف فدان في الجزيرة مزروعة إضافة إلى تأثير أكثر من 89 قرية بالفيضانات، وانهيار كلي للمنازل (291) منزلاً، مؤكداً في تصريح لـ(اليوم التالي) اختلاط الصرف الصحي مع مياه الشرب، وأرجع عبد الباقي سبب المطالبة بفتح التحقيق وتكوين لجنة تقصٍ أن 90% من المياه الغرق ليست لها علاقة بمياه الخريف، وأن قنوات الري مفتوحة في الوقت الذي يجب أن تكون مغلقة، لهذا طالبنا بفتح تحقيق فوري، مشيراً الى أنه منذ تأسيس مشروع الجزيرة لم يأتِ فيضان مثل هذه المرة، وأن كل الطرق والمراكز الصحية والمدارس مغلقة، ونوه الى أن الوضع الآن في الجزيرة يحتاج إلى تدخل فوري والمواطنون بحاجة الى أماكن إيواءو إلى خايم، إضافة الى أدوية وإسعافات أولية.
كوارث صحية
وحذرت لجنة أطباء السودان المركزية أمس الأحد من وقوع كارثة صحية في المناطق المنكوبة بالفيضانات والسيول، مشيرة إلى وجود مؤشرات لظهور عدة أمراض مثل “الحميات والإسهالات الحادة والنزلات المعوية”، وقالت لجنة أطباء السودان في بيان نشر على صفحتها عبر منصة فيسبوك، إن المناطق المتأثرة بالسيول والفيضانات تعاني من ضعف استجابة وزارات الصحة، وانعدام المرافق الصحية، وأشار البيان إلى أن «آلاف الأسر فقدت منازلها وممتلكاتها وهم الآن دون مأوى، في وقت لا يوجد فيه حصر دقيق لعدد المتضررين، كما تهدمت آلاف المنازل واختلطت مخلفات الصرف الصحي مع المياه الراكدة، في ظل ندرة المياه الصالحة للشرب وانعدام التيار الكهربائي».
فلاش باك
ومنذ خريف عام 2020، ارتفعت وتيرة السيول والفيضانات في البلاد، وهو الأمر الذي عزاه مسؤولون إلى بدء ملء سد النهضة الإثيوبي، وعادة ما تكون الفيضانات في السودان بسبب الارتفاع المفاجئ في منسوب المياه في نهر النيل، لكن في الآونة الأخيرة تسببت الأمطار المحلية الغزيرة في سيول ضخمة، بجانب معدلات هطول عالية وغير متوقعة، وهو ما تواجهه البلاد هذه الأيام، ويخشى على نطاق واسع من تزامنها مع ارتفاع معدلات نهر “النيل الأزرق”، سيما بعد إعلان إثيوبيا إكمال المرحلة الثالثة من تخزين المياه في “سد النهضة”