لماذا فقدنا الأخلاق الحميدة؟

لماذا فقدنا الأخلاق الحميدة؟

 

نهى محمد الأمين أحمد

nuha25@yahoo.com

 

ذهبت صديقتي برفقة زوجها المريض في رحلة علاجية إلى الهند، ولا بد أن أنتهز هذه السانحة لأشيد بهذه الدولة (القارة)، العظيمة، التي وبفضل مجهود أبنائها، وضعت نفسها في مصاف الدول العظمى، وها هي تسير بخطى مسرعة وواثقة في كل المجالات، وتتصدر قوائم الدول الرائدة في الطب وتكنولوجيا الاتصالات والصناعة، وتفرض هيمنتها الاقتصادية في تفرد منقطع النظير،

مع ازدياد أعداد المتجهين إلى الهند للإستشفاء، بالإضافة إلى حاجز اللغة، فقد طفت على السطح وظيفة جديدة ألا وهي (عميل)، وهو سوداني مقيم بالهند، يتم التواصل معه بالوسائط من السودان، مهمته أن يقوم بالترتيبات من حجز في المستشفيات والفنادق، توفير وسيلة المواصلات من تاكسي وخلافه، وعند وصول المريض ومرافقيه، يكون ملازماً لهم، ليقوم بمهمة الترجمة والتواصل حتى يتم إنجاز الأمر إذا اقتضى ذلك عملية جراحية أو خلاف ذلك.

أخبرتني صديقتي أنهم اتبعوا هذه الطريقة المعروفة، وتواصلوا مع أحد السودانيين الذي كان في استقبالهم، وقام بأخذهم إلى فندق، وأصبح ملازماً لهم في رحلة الاستشفاء، قالت إن زوجها سأله منذ البداية عن قيمة أتعابه، وأعطاه ما طلب مع زيادة مقدرة، لاحظت أن الفندق الذي اختاره لهم كان بعيداً للغاية عن المستشفى، وهو قريب من مكان سكن هذا الشخص، فكان يأتيهم يومياً بتاكسي للذهاب في رحلة طويلة للغاية ذهاباً وإياباً من المستشفى بالرغم من علمه بأن طول الجلوس

صعب وضار للغاية على زوجها لظروفه الصحية، عندما انتبهت للأمر طلبت الانتقال إلى شقة قريبة من المستشفى مما يوفر المال والوقت وعناء الجلوس الطويل على زوجها، فماطلهم في الأمر لتتفاجأ بأنها عندما استفسرت من استعلامات المستشفى، عرفت أن هناك شقق فندقية تابعة أصلاً للمستشفى بأسعار مناسبة للغاية، مع خدمات متكاملة تشمل توصيل المريض من وإلى المستشفى، وخدمة نظافة الشقة يومياً.

استمر هذا الشخص في هذا السلوك غير القويم وحاول التحايل لزج فاتورة تخصه مع فاتورتها عندما اشترت موبايل لابنها، وقام أيضاً بسرقة دواء أحضرته معها من السودان لأنها تستعمله بصورة دائمة من الثلاجة حتى تضطر لمقابلة طبيب والحصول على دواء آخر ليأخذ عمولاته من كل الأطراف.

أخبرتني أنها عندما لم تجد الدواء ذهبت لصيدلية قريبة من سكنهم، وأفادها الصيدلي أن هذا الدواء غير موجود بالهند، ووعد بتوفيره من دبي بعد يومين، وذهبت وتسلمته فعلاً ودفعت نفس السعر الذي تدفعه هنا في السودان بدون أي زيادة مقابل الخدمة، فهذا الهندوسي الذي يعبد البقر كان كريماً وإنساناً أكثر من السوداني المسلم للأسف الشديد.

في ذات السياق قالت إنها وجدت امرأة سودانية حضرت مع بنتيها لإجراء جراحة قلب مفتوح بالغة التعقيد، وحدثتها عن مبلغ ضخم للعملية، وعندما اطلعت على الأوراق وجدت أن مرافقهم السوداني استغل عدم معرفتهم باللغة الإنجليزية، وطالبهم بدفع ضعف المبلغ المطلوب من المستشفى ليأخذ كل هذا الفارق لنفسه، والله إنني حزينة، متألمة، محبطة وأشعر بالخذلان، إذ أن هذا الاستغلال يحدث لأناس في أقسى حالات الضعف وهي حالة المرض، مما يزيد الأمر بشاعة، لماذا ضاعت قيمنا، لماذا أصبحنا مضرباً للمثل في البلطجة، الاحتيال، المراوغة والغش، بدلاً عما كنا عليه من مثال للنزاهة والشرف، الكرامة والأمانة، كنا المفضلين للعمل في دول الخليج والعالم لصفاتنا هذه، لماذا فقدنا كل جميل كان يميزنا.

حسرتي عليك يا وطني وحسرتي عليك يا شعبي.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب