تقرير: محجوب عيسى
ما زالت الجهود الدولية مستمرة لتحقيق العدالة لضحايا دارفور سيما وأن المدعي العام في يناير الماضي قال إن عدم تحقيقها سيستمر في التأثير على جهود السودان نحو تحقيق الاستقرار وسيادة القانون، والعمل مع السلطات بغية إحراز تقدم في قضية دارفور، وقد وصل البلاد المدعي العام للمحكمة الجنائية في زيارة رسمية تستغرق خمسة أيام، وتباينت آراء المتحدثين لـ(اليوم التالي) حول هدف الزيارة، فيرى البعض أنها بغرض جمع أدلة لإدانة المتهم علي كوشيب الذي يواجه تهماً خطيرة لجهة أن الأدلة المتوفرة لدى الجنائية الدولية لا تكفي لإدانته وتجنب السيناريوهات السابقة فضلاً عن عدم المطالبة الرسمية بتسليم البشير إلى حين توفر أدلة تسمح بمحاكمته، فيما يرى آخرون أنها لن تأتي بالجديد في حال لم تسلم السلطة المطلوبين وقالوا إنها حجر لتحريك بركة محاكمة المطلوبين للمحكمة الجنائية والتي ظلت راكدة، وفي غضون ذلك أكد المجلس السيادي على التزام الحكومة وتعاونها مع الوفد الزائر، بتسهيل مهمته ومدّه بالمعلومات، مشيراً إلى تحسن الوضع الأمني والإنساني بإقليم دارفور وعدم وجود انتهاكات منظمة ضد المدنيين.
جمع أدلة
الخبير السياسي د. الفاتح محجوب قال إن زيارة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية للبلاد تهدف لجمع أدلة تكفي لإدانة المتهم علي كوشيب الذي يواجه تهماً خطيرة لجهة أن الأدلة المتوفرة لدى المحكمة الجنائية الدولية لا تكفي لإدانته وفق ما صرح به المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، وأبان الفاتح لـ(اليوم التالي) أن المدعي العام للجنائية الدولية يسعى لبحث وجمع أدلة تكفي لإدانة المتهم علي كوشيب وتجنب السيناريوهات السابقة فضلاً عن تجنب المطالبة الرسمية بتسليم البشير الى حين توفر أدلة تسمح بمحاكمته وإدانته وتابع: إنه أمر غير متوفر حالياً للمحكمة الجنائية الدولية، وبحسب محجوب أن المحكمة الجنائية الدولية قد فشلت في إدانة رئيس دولة ساحل العاج السابق، وكذلك مسؤولي الحكومة الكينية ما رسخ الاعتقاد السائد لدى القادة الأفارقة بأن المحكمة الدولية أسست لإذلال الحكام الأفارقة بدليل أنها لم تحاكم أحداً غيرهم وأنها تتهمهم دون أدلة بغرض محاكمتهم سياسياً وتشويه سمعتهم .
فيما وصف القانوني عوض الكرنديس زيارة مدعي عام الجنائية بأنها حجر لتحريك بركة محاكمة المطلوبين للمحكمة الجنائية والتي ظلت راكدة لفترة ونفى في حديثه لـ(اليوم التالي) وجود علاقة للزيارة بسحب ملف المحكومين وقال إن الملف سحب بناءً على استئناف تقدمت به هيئة الاتهام.
بطءٌ وتسويف
إلا أن هيئة محامي دارفور كان لها رأي آخر وقطعت بأن الزيارة لن تأتي بجديد في حال لم تسلم السلطة القائمة المطلوبين، وتقول عضو الهيئة المحامية نفيسة حجر لـ(اليوم التالي) إن زيارة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية للبلاد لم تكن الأولى من نوعها وقد زار السودان في أغسطس الماضي في عهد حكومة حمدوك التي أبدت رغبتها في التعاون مع المحكمة وأضافت: كانت خطوة جيدة في حينها وأن انقلاب ۲۵ أكتوبر قطع الطريق أمامها، واتهمت حجر الحكومة السودانية بالتسويف والبطء تجاه المتهمين المطلوب مثولهم أمام المحكمة الدولية لجهة أن الدعوى محالة للمحكمة الجنائية من قبل مجلس الأمن لا علاقه لها بأمر التصديق على ميثاق روما، إلا أن المصادقة تعزز عملية مثول المتهمين المحتملين، وأشارت عضو الهيئة إلى مثول المتهمين للمحاكمة داخلياً وأكدت استحالة محاكمتهم بواسطة القانون السوداني وقالت إنه أمر غير متوقع وذلك لأن القانون السوداني لم ينص على الجرائم موضوع الدعوى المرفوعة لدى الجنائية في فترة وقوع تلك الجرائم فضلاً عن أن القانون لا يسري بأثر رجعي، ودعت أسر الضحايا وكل فئات الشعب للخروج في مسيرات للمطالبة بتسليم الجناة وذلك تعزيزاً لعدم الإفلات من العقاب.
تعاون مع الجنائية
وفي وقت سابق التقى عضو مجلس السيادة الانتقالي الطاهر أبوبكر حجر، وفد المحكمة الجنائية الدولية برئاسة نائب المدعي العام للمحكمة، نزهة شامين خان، وأكد على التزام الحكومة وتعاونها مع الوفد الزائر بتسهيل مهمته ومدّه بالمعلومات، وكشف عضو مجلس السيادة عن أنّ الوضع الأمني والإنساني بإقليم دارفور، يشهد تحسناً ملحوظاً، وأنّه لا توجد أيّ انتهاكات منظمة ضدّ المدنيين حالياً، كما بحث التطوّرات الإنسانية والأمنية بإقليم دارفور، في إطار اللقاءات التي يعقدها الوفد، مع كبار المسؤولين بالبلاد، لا سيما أطراف اتّفاق جوبا لسلام السودان، وقال حجر لوفد المحكمة الجنائية الدولية، إنّه لا توجد أيّ انتهاكات منظمة ضدّ المدنيين في الوقت الراهن، وأردف: “هناك مساعٍ جارية لاحتواء بعض المشاكل الأمنية من خلال تفعيل دور القوات المشتركة”.
وقد وصل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إلى البلاد في زيارة رسمية تستمر خمسة أيام، يلتقي خلالها كبار المسؤولين، كما يرتقب أن تشمل الزيارة إقليم دارفور، وتطالب المحكمة بتسليمها الرئيس المخلوع عمر البشير واثنين من مساعديه وأحد قادة المجموعات التي حملت السلاح، بعد اتهامهم بارتكاب جرائم إبادة جماعية وضد الإنسانية وجرائم حرب أثناء النزاع في إقليم دارفور، وفي أغسطس الماضي وقعت المحكمة الجنائية مذكرة تعاون مع الحكومة المدنية الانتقالية قبل إجراءات التصحيح التي قام بها رئيس مجلس السيادة القائد الأعلى للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عندما نفذ انقلاباً عسكرياً في 25 أكتوبر من العام الماضي.
زيارة دارفور
وبحسب تقارير إعلامية سافر المحقق الدولي إلى نيالا، بولاية جنوب دارفور، وانخرط مباشرة في اجتماع مع لجنة أمن الولاية، برئاسة حامد التجاني هنون والي الولاية، بحضور بعض ضحايا العنف المسلح، وقال مدعي الجنائية الدولية أمام الضحايا في مخيم للنازحين: يحتاج الناجون وأسر الضحايا الذين يعيشون الآن في مخيمات دارفور منذ 17 عاماً إلى تحقيق العدالة، وليس مجرد الاستماع إلى العدالة، ونوه إلى استمرار الإجراءات المتعلقة بمحاكمة علي كوشيب.