ضريبة الوطن

بلاغ

ضريبة الوطن

لؤي عبدالرحمن

يبدو أن ورشة القاهرة ستتحول لتكوين جسم معارض للاتفاق الإطاري أو الحكومة الجديدة التي ستتكون بموجبه، وذلك بشكل مباشر ورسمي، أو بطريقة غير مباشرة قوامها التنسيق المشترك؛ لأن المجموعة التي اجتمعت هناك شرعت في تشكيل لجان موازية لما تم في قاعة الصداقة، وكأنها تريد أن تفرض أمراً واقعاً جديداً في صورة ليس لها معنى سوى تجريف الاتفاق الإطاري وماتبعه من ورش ومؤتمرات، وأن الخطوة تبعث برسالة لأهل السودان: إنكم لن تنعموا باتفاق واستقرار وسلام

من حق كل القوى السياسية تناول ماتراه مناسباً من قضايا بالطرق السلمية، ولكن القصور هو في المكونين – العسكري والمدني – اللذين وقعا الإطاري بالتأخر في حسم الملفات والإقرار ولو بالصمت بمنابر أخرى غير التي أجمع عليها المجتمع الدولي، ولكن ليس لديهما ثقة في نفسيهما، ويريدان التفويض من الآخرين، وما جرى بمصر سيجعل الوضع معقداً ويضع العسكريين وقوى الحرية والتغيير أمام خيارين، إما القبول بإشراك من تجمعوا في القاهرة أو مواجهة معارضة ثلاثة أرباع مكوناتها، كانت جزءاً من النظام المعزول

الرابح الأوحد من ما يجري؛ هي مصر التي بهذه الخطوة امتلكت كروت ضغط جديدة لاستخدامها في التعامل مع أي حكومة تأتي في السودان، ولكنها وضعت نفسها في مواجهة مع الدول التي دعمت الاتفاق الإطاري بالرغم من أن سفيرها كان حاضراً في منصة الاتفاق، وذلك يعني أن مفاصلة جديدة قد بدأت تظهر إلى السطح بين القاهرة وعدد من العواصم العربية والغربية في ملفات تهم الأمن والسلم الدوليين،

من الصعب تحقيق إجماع على أي قضية من القضايا السياسية بين الأحزاب، وفي الوقت نفسه يكون صعباً وخطراً أيضاً هدم الاتفاق الذي تم بعد تعثر، ولبى نسبة كبيرة من تطلعات الشارع السوداني، وفي ظل هذا الاستقطاب فإن البلاد يهددها خطر الفوضى السياسية واستطالة أمد الفراغ الدستوري، وهي غير قادرة على الصمود لفترة أطول، بعد أن صارت كسيحة اقتصادياً ونفد صبر المواطن الذي بات لايقوى على كسب قوت يومه

يكون مقبولاً لتلك الأحزاب التي تجمعت بالقاهرة أن تتحد في الداخل مجتمعة وتعلن ما تشاء إعلانه دون وصاية خارجية أو ظهور بالوكالة عن جهة؛ لأنها من حيث تدري أو لاتدري بما قامت به مصر كرتاً قوياً للعب به، ولكن من غير المقبول أن تحاول تغيير وضع داخلي انطلاقاً من منصة خارجية ليس لها أدنى مصلحة في تقدم وتطور السودان، الذي بات مورداً لصناعاتها التحويلة وسوقاً لمنتجاتها التي لم تنفعنا اقتصادياً يوماً من الأيام،

أعرف جيداً أنني بكتابة هذا العمود ربما وضعت في قائمة الصحفيين السودانيين لدى الحكومة المصرية التي درجت على منع أي صحفي سوداني ينتقد سياساتها بحق السودان من دخول مصر، فكم من زملاء منعوا قبلي ومادمت ارتضيت أمانة القلم فلن أصمت تجاه مايجري لبلدي؛ خاصة من الخارج، فسلامة السودان أولى من المصالح الشخصية وحظوظ النفس

لأن دولتنا ليست لها حماية للإعلام، اضطر عدد من الزملاء والزميلات للصمت لأنهم يخافون عواقب المواقف الوطنية التي تمضي عكس إرادة الخارج، وفي الوقت ذاته تدجن عدد كبير من الأقلام لصالح دول وجهات، وبشكل صارخ، وكأنهم لايمتون لهذه البلاد بصلة، فباعوها بثمن بخس… من كتاباتهم ومواقفهم تعرفونهم والتاريخ لن يرحم.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب