بلاغ
لؤي عبدالرحمن
..
بلد الأنهار بلا ماء
قبل أيام نشرت على حسابي في الفيس بوك، خبر تدشين حفر آبار مياه مقدمة كمنحة من المملكة العربية السعودية للشعب السوداني عبر وزارة الري ووحدة تنفيذ السدود، فتفاجأت بعدد كبير من الأصدقاء والمتابعين من جميع أنحاء السودان يرسلون إلى حوجة إنشاء محطات وآبار مياه في قراهم ومناطقهم، وبعضهم يطلب توصيله بجهات مانحة أو منظمات لكي تحفر لهم البئر أو تنفذ لهم مشروع المياه.
الطلبات التي وصلتني أوضحت لي حجم العطش في السودان الذي تشقه عدد من الأنهار والأدوية، وبينت أن هنالك نقصاً كبيراً في كميات مياه الشرب بكل الولايات دون استثناء بما فيها ولاية الخرطوم التي تعاني بعض الأحيان عطشاً في مركزها وعمقها.
ما الذي تعمله المنظمات التي تتحدث دوماً عن أنها تنفذ هكذا مشروعات؟ وأين يذهب التمويل، ولماذا لم تتناقص خارطة العطش؟! وهل مياه الشرب ليست من أولويات الحكومات؛ مركزية، ولائية كانت أم محلية؟ كلها أسئلة تحتاج إلى إجابات، وبالطبع ينتظرها المواطن في ام دخن والمالحة وطوكر وتلودي والبطانة ووادي حلفا والدالي والمزموم وغيرها من الأصقاع البعيدة
في العهود الماضية؛ كانت الحكومات تهتم بخدمات المدن والمناطق التي بها احتجاجات خوفاً على السلطة ولاتهتم بالقرى والفرقان البعيدة التي لاتحتج، ولايصل صوتها المركز، ولكن عقب ماحدث من تغيير نتمنى أن تتغير هذه العقلية التي تساوم مشروع المياه بصندوق الانتخابات وتميز بين مواطن ومواطن.
يجب أن يكون هنالك مشروع استراتيجي قومي لمكافحة العطش؛ لأن المياه هي أصل الحياة، وأن توضع خارطة بكل ولاية تحوي مناطق النقص والحجة، على أن يتم التنفيذ وفق أولوية وبطريقة شفافة لاتخضع للمحسوبية والمساواة، وأن يتم التنسيق مع المنظمات الدولية والوطنية في ذلك، حتى تسير المشروعات وفق هدف وطني متوازن.
قضية مياه الشرب ملحة ومهمة للإنسان والحيوان، وعلى الحكومة أن تضعها في مقدمة الأولويات؛ لأنها تساعد على الاستقرار وتساهم في الأمن وتعزز الصحة والاقتصاد، وأي خلل فيها يدمر ما ذكرته آنفاً من مكاسب، فكم من أوضاع صحية تدهورت لنقص الماء، وكم من مشكلة نشبت بسبب ذلك، وكم من مناطق هجرت وانعدمت فيها الحياة نتيجة لفقدان المياه.
أتمنى أن يكون هنالك صندوق وطني مخصص لسقيا الماء، به نوافذ في كل سفارات بلادنا بالعالم؛ لنتيح الفرصة للمغتربين للمساهمة في هذا المشروع الخيري، كما تكون له حسابات بنكية معروفة لكي يساهم فيها من هم في الداخل؛ حتى تتضافر الجهود الرسمية والشعبية لإرواء العطشى.