مبعوثون دوليون في الخرطوم .. اهتمام لافت!!

مبعوثون دوليون في الخرطوم .. اهتمام لافت!!

مصعب محمد: الزيارات بسبب التنافس الدولي ودعم الإطاري

كمال الطاهر: التحرك الروسي يحظى بثقل عالمي ويقلق المجتمع الدولي

محمد عابدين: زيارات المبعوثين ذات مصالح واهتمامات شتى

تقرير: الخواض عبدالفضيل

من المتوقع يكون قد وصل الخرطوم امس، ستة من المبعوثين الدوليين في زيارة رسمية، تستغرق يومين، ويضم وفد المبعوثين فرنسا، النرويج، أمريكا، بريطانيا، وألمانيا ومبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي. وسيلتقي وفد المبعوثين بالمكونات المدنية والسياسية لتقريب وجهات النظر، ودفع عملية المسار السياسي لتحقيق الانتقال الديمقراطي، كما ستلتقي الوفود ببعثة الأمم المتحدة بقيادة رئيس بعثة يونيتامس فولكر بيريتس ومنظمات الأمم المتحدة العاملة في السودان، للوقوف على برامج العون الإنساني التي تدعمها بلدانهم عبر الوكالات، وبرامج الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، كما سيلتقي الوفد بالمسؤولين في مجلس السيادة.

يأتي ذلك وسط ترقب الخرطوم لوصول وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الذي يبدأ زيارة رسمية للبلاد أيضاً الأربعاء تستغرق يومين، وتأتي الزيارة ضمن جولة تشمل بجانب السودان كل من العراق، موريتانيا ومالي، وسيجري وزير الخارجية الروسي مباحثات مع نظيره وزير الخارجية المكلف السفير علي الصادق تتناول القضايا الثنائية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، بجانب سبل زيادة ميزان التبادل التجاري والاستثمارات الروسية، خاصة في مجال البنى التحتية، وقال وزير الخارجية السفير علي الصادق إن السودان يرحب بزيارة وزير الخارجية الروسي، ويتطلع إلى ترقية العلاقات الثنائية، وإنفاذ برامج التعاون الثنائي وفق مخرجات اللجنة الوزارية المشتركة، التي انعقدت في موسكو في عام 2022م.

أزمات وصراعات

من جانبه قال الخبير الإعلامي والمحلل السياسي كمال الطاهر في تصريحات إن زيارة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف حركت المشهد السوداني، ولفتت أنظار العالم الذي هرول مبعوثوه للهجرة نحو الخرطوم في نفس توقيت زيارة لافروف، وأكد الخبير أن التحرك الروسي يحظى بثقل عالمي، لذلك فإن زيارات المسؤولين الروس، لأفريقيا تقلق المجتمع الدولي، خاصة بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، التي تغيرت بعدها موازين القوى العالمية، وكشفت للعالم زيف الغرب وأمريكا وكيف يتنصلون من وعودهم، وتساءل الطاهر عن الوعود التي تقدمت بها دول هؤلاء المبعوثين طوال السنوات الماضية، وهل تم الإيفاء بها أم وضعت على الأدراج، تاركة الشعب السوداني يغوص في أزماته الاقتصادية وصراعاته السياسية.

تغييرات المشهد

وتوقع الخبير كمال أن تحدث زيارة المبعوثين الدوليين ووزير الخارجية الروسي إلى الخرطوم تغييرات في المشهد السياسي في السودان، الذي ينتظر نتائج ما ستثمر عنه تطورات الاتفاق الإطاري. مشيراً إلى أن التسابق الدولي على السودان يأتي لأهميته، باعتباره بوابة العبور إلى أفريقيا، إضافة إلى أراضيه الخصبة وثرواته المعدنية الهائلة وإطلالته على أطول سواحل البحر الأحمر، وأكد الطاهر أن تطاول الأزمة الراهنة في السودان انعكس سلباً على حياة المواطنين ومعاشهم وأمنهم، ويجب أن ينتهي هذا التشاكس والتدافع بأسرع ما يمكن، حتى تعبر البلاد المرحلة الانتقالية بسلام، وتحقق التحول الديمقراطي المنشود عبر انتخابات حرة ونزيهة وشفافة.

تدخل دولي

ويري الباحث والمحلل السياسي زهير هاشم في حديثه لـ(اليوم التالي) كثافة توافد الوفد إلى الخرطوم يدل على حجم التدخلات الإقليمية والدولية في الشأن الداخلي السوداني وهو مؤشر سلبي يدل على انعدام الإرادة الوطنية في حل قضايا السودان خاصة الأزمة السياسية التي استجدت بعد فشل حكومات الانتقال، وتابع: التدخل الأجنبي ظاهرة غير مسبوقة في الفترة الانتقالية وأن السودان لم يشهد أول فترة انتقالية شهد عدة انتقالات، وكان السودانيون حققوا انتقالاً ديمقراطياً عن طريق التوافق الوطني دون الحاجة إلى الأجنبي، وأردف متأسفاً على انحراف الثورة عن مسارها بعد أبريل مما أدى إلى صراع سياسي في عدة جبهات صراع بين العسكريين والمدنين نتيجة للأجندة اليسارية المعادية للجيش المتطرفة والتي لم تكتفِ فقط بإبعاد ضباط المؤتمر الوطني في الجيش، ولكن كانت تطمح لإبعاد الجيش برمته من المعادلة السياسية ويمضي بالقول إن فض الاعتصام أدى إلى تدخل الاتحاد الأفريقي بواسطة المبادرة الإثيوبية وقبلها كان هناك تدخل من قبل محور الإمارات والسعودية لنصرة المجلس العسكري نتيجة للتحالف معهم في حرب اليمن.

وقال زهير أيضاً: كانت هناك تدخلات نتيجة من الحكومة الانتقالية نفسها بسبب أو بآخر مرحبة بالتدخلات الدولية خاصة وأن عدداً من الوزراء في حكومة حمدوك لديهم ارتباطات وثيقة بعدد من المنظمات وتابع: طلب حمدوك بعثة اليونتامس للمساعدة في الانتقال، لكن بعد إجراءات الجيش في أكتوبر2021م، عجز المكون العسكري في تكوين حكومة فتح الباب أمام التدخلات الخارجية وخاصة من بعثة فولكر التي تجاوزت حدودها في السودان بانحيازها لطرف من الأطراف، كما مهد ذلك لتدخل مصري وعقد قوى سياسية ورش في القاهرة، وزاد: إن حركة المبعوثيين الدوليين والوفود إلى الخرطوم تدل على كثافة الدخل الخارجي والسبب فيها انعدام الإرادة الوطنية وضعف المناعة ضد التدخلات الأجنبية وتفضيل الفاعلين السياسيين الحاليين لأجندتهم الذاتية والحزبية على الأجندة الوطنية لأنهم لو كانوا حريصين على الوحدة الوطنية لقدموا تنازلات من أجل الوطن وسدوا الطريق أمام أي تدخل خارجي.

هشاشة وضعف

ومن جهته قال الباحث والمحلل السياسي أنس أبو المعالي أحمد خالد عندما تفرط فيما تملك يذهب عنك، بل ربما طمع فيه غيرك، وهذا ما يحدث الآن!!.

ويرى أبو المعالي في إفادة لـ(اليوم التالي) أن القوى السياسية أهملت البلاد ولم تستطع إدارة القضايا الأمر الذي قاد القوى العظمى للتنافس والكل جعل له مشروعاً واختار أرض السودان مقراً لإقامته وهذا التكالب والتنافس نتاج طبيعي للحالة السياسية الهشة والضعف الواضح في تثبيت أركان الدولة.

ويؤكد أن المبعوثين لا يملكون الحل، إنما الحل في أيدي السودانيين أنفسهم لجهة أن التدخل الخارجي يشق الصف الوطني أكثر مما يوحده، واستشهد برفض جزء من الشعب السوداني لبعثة اليونتامس والرباعية.

وأضاف: التدخل الخارجي يعمق الانقسام بين المكونات وأردف: صحيح السودان جزء من العالم مرتبط بالمنظمات الدولية والإقليمية وله علاقات دولية، لكن هناك مبادئ عامة في عدم التدخل في شؤون الدول الداخلية وما نراه الآن تدخل سافر من المنظمات والدول ومضى أن هناك دول كثيرة حلت أزماتها دون أي تدخل، بل يرفضون كل التدخلات الإقليمية والدولية، الأزمة السياسية السودانية غير قابلة لأي تدخل خارجي الذي من شأنه أن يعقد الأزمة أكثر من حلها.

أوضاع مختطفة

ويعتقد المحلل السياسي أحمد عابدين في حديثه لـ(اليوم التالي) أن الأوضاع في السودان صارت مختطفة تماماً لدى الخارج بصورة مخجلة ويساعدها في ذلك تماهي السودانيين في الأجانب واعتقادهم أن الحل بيدهم حتى صار الأمر موضة ولا حرج حتى في افتخار البعض بعلاقتهم بالأجانب. وتابع: الوفود ذات مصالح واهتمامات شتى، ولكنها لا تنفك مما ذكرته أعلاه ولأن العالم ذاهب للحرب ربما ثالثة، فالصراع في أوكرانيا والأوضاع الاقتصادية والصراع الغربي الروسي بلغ مداه وصار أكثر حدة ومكشوف ولأن السودان مؤثر في المحيطين العربي والأفريقي تنذر الأوضاع فيه على خطر داهم على مستوى الأمن والسلم لذا الآن سنشهد سيلاً من الوفود وكل جهة تبحث عن فلاة لمصالحها خاصة وأن ضعف السلطة الحالية الناتج عن تفضيل مكاسب السياسة على مكاسب الوطن، وزاد: على الأرجح لن تراوح الأزمة مكانها ما لم يتنازل القادة السودانيون لبعضهم البعض وترجيح الحالة الوطنية على سواها.

وسيحل وزير الخارجية الروسي كأثقل الزائرين محاولاً إضافة السودان للمعسكر الروسي ولو أن فاغنر حاضرة بصورة أو بأخرى حيث تعمل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها على محاصرة النفوذ الروسي والظفر بكيكة السودان، وأردف عابدين: نتمنى أن يتمكن السودانيون من استيعاب الزخم لتحقيق مصلحة السودان والنأي به عن المعسكرات.

تنافس دولي

من ناحيته قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين مصعب محمد علي لـ(اليوم التالي) إن زيارات الوفود الخارجية للسودان تقرأ في سياق التطورات السياسية التي تمر بها وذلك بدعم كل جهة للمبادرات القائمة مثل اللجنة الرباعية التي ساعدت في التوقيع على الاتفاق الإطاري، بالإضافة لذلك فإن التنافس الدولي على تحقيق مكاسب في السودان سبباً لهذه الزيارات، تابع: وأعتقد أن تأثير الوفود على المشهد السياسي سيكون كبيراً لأنها تدعم مبادرات سياسية تحاول أن تعمل على نجاحها، أضف لذلك فإن الصراعات التي تمر بها بعض دول الجوار لها دور أيضاً، وهذا يتمثل في الصراع بين روسيا وفرنسا على تشاد وأفريقيا الوسطى، خصوصاً وأن الدور الروسي بدأ يتنامى في غرب أفريقيا والسودان يمكن أن يكون تأميناً لهذا الامتداد.

ويضيف: أيضاً الصراع على البحر الأحمر في أجندة بعض الدول في ظل التنافس العالمي بين أمريكا والصين، ويعتقد أن الفترة الحالية الزيارات تهدف في المقام الأول لدعم الاتفاق الإطاري وفي الجانب الآخر لها علاقة بالتطبيع وأخيراً ملفات دول الجوار.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب