أزمة حصائل الصادر .. مازال العرض مستمراً

 

الخرطوم – علي وقيع الله

على ما يبدو أن بنك السودان المركزي يواجه تحدياً أمام شركات الصادر، إذ تخلفت الأخيرة عن الالتزام الذي يقع على عاتقها بسداد حصائل الصادر، ما فتح الباب أمامها جهاراً؛ بعد أن فرض بنك السودان المركزي حظر 93 شركة واسم عمل، وذلك لعدم التزامها بسداد حصائل الصادر لفترة سابقة، وربما يقود ذلك إلى تعقيد في المشهد الاقتصادي إلى أكثر مما هو ماثل، وتبدو خطوة بنك السودان بحظر كل من يخالف الشروط التنظيمية للعملية التصديرية بحزم خطوة حميدة ومطلوبة، حتى لا يؤثر ذلك على الأداء الاقتصادي الكلي، فبعض المهتمين بالشأن الاقتصادي قالوا إن خطوة البنك بالتشديد على شركات الصادر وحظر نشاط بعضها تعتبر مهمة ومطلوبة بغرض التدقيق والفرز والتخلص من بعض الشركات الوهمية التي تم إنشاؤها فقط بهدف الاستفادة من التسهيلات الممنوحة، دون القيام بأي نشاط ذي صلة بالصادرات الوطنية، وبالتالي فهذا سيكون مفيد لمصلحة الاقتصاد القومي.

التأثير المؤقت
يعتبر المحلل الاقتصادي الدكتور، وائل فهمي البدوي، أن فرض بنك السودان حظراً على كل من يخالف الشروط التنظيمية للعملية التصديرية بحزم خطوات حميدة ومطلوب، حتى لا يؤثر ذلك على الأداء الاقتصادي الكلي الداخلي والخارجي بما فيها الوفاء بالالتزامات الخارجية للدولة، واصفاً الأمر بأنه بديهي للغاية، ويعتقد أن معالجة المشكلات الاقتصادية المؤقتة التي تتسبب في بعض أطرافها قد تؤثر سلباً على الأداء الخاص بهذا القطاع أو ذاك، ويعتبر أن قطاع الصادر (غير المهرب) أحد أهم أركان استقرار أو عدم استقرار دولاب العمل مع المتغيرات الكلية لأداء الاقتصاد القومي؛ خاصة في ارتباطاته المالية والتجارية والاستثمارية في العالم، واصفاً الاقتصاد السوداني بالمعتل؛ لجهة مثل هذه الظاهرة السلبية حالياً، وأشار إلى أن ثورة ديسمبر ناشدت بضرورة تفعيل القوانين والإجراءات الأخرى ذات الصلة لتقوية المؤسسات في مواجهة كل مسببي عدم الاستقرار الاقتصادي الذي تحول إلى حالة عدم الاستقرار السياسي السائد حالياً بالبلاد، وقال د. وائل عبر إفادته ل(اليوم التالي) إنه بغض النظر عن التأثير المؤقت لهذا الحظر التصديري لبعض الشركات من حصيلة الصادرات تبدو أن تجربة الحظر التي تمت في السابق لم تؤد إلى توقف تلك الشركات أو غيرها من عودتها لمجال التصدير لدعم الاستقرار الاقتصادي بالداخل.

قرار غير موفق
فيما يخالف الحديث أعلاه يرى المحلل الاقتصادي الدكتور، الفاتح عثمان محجوب، عبر حديثه ل (اليوم التالي)؛ أن قرار بنك السودان بحظر الشركات التي تعمل في مجال الصادر ولم تلتزم بتوريد حصائل الصادر قرار غير موفق، وأرجع ذلك لأن فكرة الحظر نفسها قديمة تعود لأحقية وجود عدة أسعار للصرف في الاقتصاد السوداني، وتابع قائلاً : بما أن الاقتصاد السوداني يحتاج حالياً لجهد جميع شركات الصادر، وزاد: كان من الواجب على بنك السودان أن لا يعمل بأثر رجعي خاصة وأن توحيد سعر الصرف للجنيه السوداني في البنوك السودانية والسوق الموازي جعل الشركات تتعامل بشكل مباشر مع البنوك السودانية بدلاً عن السوق الموازية، وأضاف: كان يجب على بنك السودان المركزي أن يتسم بالمرونة ويتجاهل المعاملات القديمة طالما أن السياسات الجديدة قد تخطت هذا الأمر.

التسهيلات الممنوحة
وبحسب حديث الخبير الاقتصادي الدكتور، الحسين أبو جنة، الذي قال فيه.. إن قانون بنك السودان يمنحه سلطات الموافقة وتكملة كافة الإجراءات الخاصة بتمويل الصادرات، هذا في إطار التنسيق مع وحدات القطاع الاقتصادي بالدولة، وفي مقدمتها وزارات التجارة الخارجية والمالية والبنوك التجارية، وأكد أن هذا الدور يلقي على عاتق بنك السودان مسؤوليات جسيمة وحساسة، وكذلك فلا يمكن التفريط فيها، و إلا اعتل الميزان التجاري في الدولة، وتعتبر أنها مسألة بالغة الكلفة على عافية الاقتصاد القومي، وأوضح.. قد تلحق أضراراً بالغة بالصادرات التي تدر عملات صعبة للخزينة لصالح الواردات التي تستنزف رصيد العملات الصعبة، من خلال عملية تمويل تقتضي توفير عملات ٲجنبية، وهو مايعرف ب(معادلة توازن الطلب والعرض)، وأكد أبو جنة ل(اليوم التالي) أن خطوة البنك بالتشديد على شركات الصادر، وحظر نشاط بعضها تعتبر مهمة ومطلوبة بغرض التدقيق والفرز والتخلص من بعض الشركات الوهمية التي تم إنشاؤها فقط بهدف الاستفادة من التسهيلات الممنوحة، دون القيام بأي نشاط ذي صلة بالصادرات الوطنية، وأضاف.. أن الخطوة ستكون مفيدة لمصلحة الاقتصاد القومي السوداني.

بوابة عبور
وقال أبو جنة إن سياسات بنك السودان بشأن غربلة شركات الصادرات ومراجعة أدائها يجب أن تصحبها خطوة مماثلة بشأن شركات الواردات التي لا يقل أداء غالبيتها سوءاً عن تلك المصدرة التي تم التدقيق بشأنها، وأشار إلى أن بنك السودان بهذا قد بدأ مشوار إعادة العافية إلى جسد الاقتصاد السوداني المنهار بسبب عشوائية ومجاملات فوقية جعلت من بنك السودان مجرد بوابة عبور لخروج العملات الصعبة من خزينة الدولة وبلا عودة، ويتوقع أن القرار من شأنه غربلة شركات حصيلة الصادر بصورة جادة، وذلك بخروج المتسكعة من سوق العمل وإفساح المجال للشركات الجادة والغيورة على مصالح العباد و البلاد.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب