أما حكاية!!
بلاغ إلى مدير عام قوات الشرطة
“الشرطة في خدمة الشعب” هذه العبارة رسخت في مخيلة الشعب السوداني، وعززت من العلاقة التعاقدية بين الشرطة والمواطن مما زادت من مساحات الثقة المتبادلة بين الشعب والشرطة.
ورجل الشرطة بالطبع هو في الأساس شخصية قانونية تعمل على تطبيق القانون بما يحقق ذلك من قيم العدالة ويسهم في أن يسود حكم القانون بين الجميع .
مؤخراً أصبح رجل الشرطة عبئاً قانونياً ذات حمولة إجرامية كبيرة نتيجة سلوك أفرادها وتجاوزهم لنطاق تطبيق القانون للدرجة التي أصبح فيها الشرطي مجرماً بمخيلة المواطن بعد أن كان مصدراً للثقة والأمن.
ويشتكي مواطنون بحي الشقلة بأم درمان من أفراد يتبعون للشرطة أطلقوا على أنفسهم “المتفلتة وداعش” أصبحت تثير الذعر والخوف وسط المواطنين نتيجة ما يقومون به من أفعال لا تمت لعمل الشرطة ولا القانون بصلة.
وقد كثرت الجرائم التي طرفها تلك القوات أو المجموعات الشرطية وهي تمارس أفعالاً وسلوكيات تندرج ضمن الفوضى الخلاقة في ممارسة القانون والتعسف أحياناً يى استخدامه وفقاً لقانون ولوائح الشرطة.
وبتاريخ الخامس من فبراير لهذا العام اعتقل أفراد يتبعون للشرطة ويحملون اسم “المتفلتة” مواطناً من منزله بالشقلة غرب وذهبت به إلى قسم الشرطة بالفتيحاب.
اتصل المواطن بأسرته حوالي الساعة 12 ليلاً وأخبرها بأنه تعرض لضرب مبرح وأن حالته الصحية تستدعي مقابلة الطبيب فوراً وهو لا يقوى على التنفس.
ويالفعل فقد اتصل على أسرته صباح اليوم الثاني من عرفهم بنفسه بأنه شرطي قائلاً إن ابنهم بمستشفى الشرطة وعليهم الذهاب للمستشفى لمتابعة إسعافه وعلاجه.
وذهبت الإسرة الى مستشفى الشرطة ببري بحسب ما ذكرته لي والدته وهناك وجدته في غيبوبة تامة وقد قرر الطبيب إدخاله لعملية جراحية عاجلة نتيجة إصابته بكسر بالجمجمة مما أحدث نزيفاً حاداً بالرأس وإن تكلفة العملية تقدر بـ(200) ألف جنيه.
أوضحت الأسرة لإدارة المستشفى عجزها التام عن دفع المبلغ وتم تحويلهم لمستشفى التميز الذي أجرى العملية بعد أن قامت الأسرة ببيع كل مقتنيات المنزل من أجل إسعاف ابنها، ولكن إرادة الله كانت هي الأقوى وقد أسلم المواطن الروح إلى بارئها.
سرادق العزاء بالشقلة كان عبارة عن مسرح لتراجيدية إنسانية اختلطت فيها مشاعر الحزن والأسى بالخوف والرعب وقد شكا لي العديد من المواطنين أنهم باتوا لا يفرقون ما بين عصابة النيقرز وأفراد الشرطة الذين يطلقون على أنفسهم المتفلتة وداعش، بل إن أحدهم وبأسى بالغ ذكر لي أن أمر القبض أصبح يقود صاحبه إلى المقابر بعد أن كان يستمتع المواطن بكامل حقوقه المنصوص عليها قانونياً إضافة للتعامل وفقاً للضوابط القانونية بحيث لا تتعدى حدود القانون وفقاً للإجراءات الصارمة من قبل المسؤولين بالشرطة.
ومؤخراً ساءت تلك العلاقة ما بين الشرطة والمواطنين وبات الأمر مقلقاً للدرجة التي تستوجب تدخلاً عاجلاً من الفريق عنان مدير عام قوات الشرطة في فتح تحقيقات عن تلك التجاوزات التي تحدث من قبل أفراد يتبعون للشرطة.
وإن أفراد الشرطة حينما يقومون بتطبيق القانون فإنهم يجب أن يلتزموا بحدود التطبيق وأن لا يتجاوزوه إلى التعسف وانتهاك حقوق المواطنين استناداً للمبدأ والقاعدة القانونية “المتهم برئ حتى تثبت إدانته”.
والمتهم قد كفل له القانون السوداني كافة حقوقه القانونية والآثار المترتبة عليها من التحري إلى مرحلة التقاضي من غير إكراه أو تعذيب يتعرض له نتيجة التحري وهي _ تلك الحقوق _ من القيم الإنسانية التي نادت بها المواثيق والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها الدولة.
إن على مدير عام الشرطة حسم المتفلتين من أفراد الشرطة الذين يسيئون للشرطة أولاً قبل إساءتهم للقانون وإنه لا كبير على القانون في ملاحقة كل من يتجاوز تطبيقه بحق المواطنين حتى لا تصبح الدولة فوضى تسود فيها قوانين الغابة.