الإطاري.. جدل التسوية يعود من جديد!

الإطاري.. جدل التسوية يعود من جديد!

عبلة كرار: فتح الباب للتوقيع على الإطاري يعني إغراق العملية السياسية

الفاتح عثمان: ضغط عسكري لقبول المركزي التفاوض مع الديمقراطية

عادل خلف الله: دعم أمريكي وإسرائيلي لاستمرار العسكر في الحكم

الخرطوم: محجوب عيسى

 

يكتنف الغموض مصير الاتفاق الإطاري بعد الحديث عن وثيقة جديدة يتم التوقيع عليها، يأتي ذلك بعد تصريحات رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وعضو المجلس الفريق أول كباشي، حيث قال البرهان: إنه لا يريد المضي في الاتفاق الإطاري مع جهة واحدة، وإن القوى الموقعة ليست كافية لحل الأزمة السياسية، وهناك ظروف دعت القوات المسلحة لتكون جُزءاً من الحوار، ولكنها لن تمضي فيه إذا لم تأتِ قوى أخرى معقولة ومقبولة، وأكد العسكر أنهم لن يعولوا عليه، فيما قال كباشي إن الجيش لن يمضي مع مجموعة قليلة في شاأ الدستور، بينما قال الفريق أول محمد حمدان دقلو حميدتي النائب الأول لرئيس مجلس السيادة إن الاتفاق الإطاري لن يكون هناك أي تراجع عنه.

فيما يبدو أنه بادرة للتنصل من الاتفاق الإطاري، وتأتي تصريحات المكون العسكري، بعد أيام من زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي للبلاد.

وفي غضون ذلك تباينت آراء متحدثين لـ(اليوم التالي) حيث يرى البعض، فشل الإطاري، وأن مصيره كمصير الاتفاقيات الثنائية التي يوقعها النظام البائد مع القوى المعارضة، بينما توقع آخرون دعماً أمريكياً إسرائياً لاستمرار الجيش في الحكم، فيما أكدت الحرية والتغيير استمرار الاتفاق نتيجة للدعم الخارجي والترقب الشعبي.

قلق وإرباك

تقول القيادية بالحرية والتغيير عضو المكتب السياسي في حزب المؤتمر السوداني، عبلة كرار إن تصريحات المكون العسكري مربكة ومقلقة لا سيما وأن العملية السياسية الآن تسير بشكل جيد وقاربت على النهاية، وإنها تجاوزت مرحلة التفاوض.

وتشير كرار في تصريح لـ(اليوم التالي) إلى اتفاق الموقعين على الإطاري على انضمام حركتي جبريل ومناوي للاتفاق.

وتضيف: تعمل الحرية والتغيير على أن تكون الأطراف الموقعة على الاتفاق سلام جوبا ولم توقع على الإطاري أن تكون جزءاً منه، والسعي لرأب الصدع داخل الاتحادي الأصل الذي يمر بمشاكل داخلية وقعت مجموعة منه على الإطاري.

وتابعت: عدا ذلك إن بقية أطراف الكتلة الديمقراطية غير داعمة للتحول الديمقراطي والانتقال السلس وتخلق بلبلة أثناء عملية الانتقال بالتالي لا يمكن أن تكون جزءاً من الاتفاق.

وبحسب عبلة أن حديث المكون العسكري خلق جدلاً واسعاً وسط الرأي العام، وتؤكد أنه لا يمس الاتفاق الإطاري بأي شكل من الأشكال لأن الاتفاق تم التوقيع عليه بموجب العملية السياسية لتسير في نهايتها ولم يتبقَّ غير ورش الشرق والعدالة الانتقالية والترتيبات الأمنية.

وتوقعت استمرار العملية السياسية بالدعم الدولي والتوافق الكبير من القوى الموقعة، فضلاً عن تعلق وترقب المواطن السوداني لنجاح العملية من أجل تحقيق الاستقرار.

وفي الوقت ذاته استبعدت فتح عملية التوقيع على الإطاري للجميع وقالت إن فتح الباب للجميع يعني إغراق العملية السياسية وإفراغها من محتواها، وأن المجلس المركزي، غير متمسك باتفاق سياسي فارغ المحتوى ولا يحقق انتقالاً ديمقراطياً حقيقياً، وبناء دولة مدنية، ولا يحقق السلام والعدالة وينهي تمكين النظام البائد ويحل كافة الإشكالات الكبيرة في مناطق الحروب والنزاعات، وتضيف: إن لم نصل إلى اتفاق يحل كل هذه القضايا فلم نكن حققنا الغرض من العملية السياسية.

استمرار الانقلاب

واختلف الناطق باسم حزب البعث العربي الاشتراكي عادل خلف الله في تصريح لـ(اليوم التالي) مع الرأي السابق ويقول إن تصريحات العسكريين، تؤكد موقف ونهج، توظيف ما تحقق للبرهان من شرعنة الانقلاب، ودعم أمريكى صهيونى لاستمراره في خدمة مشروع الهيمنة والتطبيع القائم على إضعاف السودان من خلال سلطة مستبدة وفاسدة ومعادية للجماهير ومبادئ انتفاضتها الثورية.

وأوضح خلف الله أن الاتفاق الإطاري، والتدخلات الخارجية الراعية والدافعة له، جاءت عليه كطوق لبلوغ مآربه استخدم من قبل أطرافه، بما في ذلك العدو الصهيوني للتحكم والسيطرة على الانتفاضة كمدخل للهيمنة على مقدرات السودان، واستخدام التباينات وتناقض المصالح لخدمة أجندة ذاتية.

ويضيف: منذ البدء كان قائد الانقلاب واضحاً بعد فشل الانقلاب الذي صمم لإبعاد الحرية والتغيير، وبشكل خاص مكونها الحزبي، إضافة إلى حماية التمكين للتمسك بالسلطة، وبميزان قوي في مصلحته وحمايته بتعويم الحرية والتغيير في قوى الردة والفلول عبر شراء الوقت، والمناورة بمسمى التوافق الوطني، واللعب على المتناقضات، وإضعاف الحرية والتغيير والتشكيك في مشروعيتها وتمثيلها لقوى الانتفاضة الثورية.

ويلفت إلى عدم وجود اتفاق وقال: لم يكن هناك اتفاق، ولا استعداد للوصول لاتفاق من لدن قائد الانقلاب وأن القوى التي سايرته، وراهنت على الوعود بديلاً للانتفاضة الشاملة وإرادة الجماهير، ارتكبت خطأً استراتيجياً نبه البعث له وحذر من مخاطره على البديل والنظام الديمقراطي المستدام.

يقطع عادل بأن حزب البعث والقوى الحية في المجتمع لا ترى بديلاً ولا حلاً للأزمة إلا بإسقاط انقلاب أكتوبر 2022 وبالإرادة الشعبية السلمية وتابع: هذا ما نناضل ونعمل عليه عبر اوسع جبهة للديمقراطية والتغيير.

 

ضغط عسكري

غير أن المحلل السياسي الفاتح عثمان يوضح لـ(اليوم التالي) أن الاتفاق الإطاري تم بين قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي وبين العسكريين على أن يتم إلحاق بعض القوى السياسية به حتى لا يكون ثنائياً وقاصراً على قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي لوحدها، وأضاف: ووفقاً لهذا تم إلحاق ما عرف بقوى الانتقال، وهي: “المؤتمر الشعبي وجماعة أنصار السنة المحمدية والحزب الاتحادي الأصل جناح محمد الحسن الميرغني”، واستدرك لكن العسكريين يؤمنون بأهمية التحاق حركتي مناوي وجبريل بالاتفاق الإطاري لأن اتفاقية جوبا للسلام لن تنجح دونهما، كما أن وجود الناظر محمد الأمين ترك مهم لضمان تحقيق الاستقرار في شرق السودان وحل قضية مسار الشرق وهؤلاء متمسكون بانضمام حلفائهم الذين انفصلوا وأسسوا الميثاق الوطني، ثم لاحقاً الكتلة الديمقراطية للحرية والتغيير بقيادة السيد جعفر الميرغني.

ويرى عثمان أن المكون العسكري يضغط من خلال التصريحات لإرغام المجلس المركزي على قبول التفاوض مع الكتلة الديمقراطية والتنسيق معها لتكوين حكومة انتقالية بقيادة مدنية علاوة على أنه يهدد بعدم المواصلة في تنفيذ الاتفاق الإطاري إن لم يتم توسيع المشاركة.

ويتابع: إن المكون العسكري غير مهتم بكتلة نداء السودان وكتلة التغيير الجذري بالإضافة إلى كتلة التيار الإسلامي العريض، واعتبرها غير مؤثرة على أمن الدولة السودانية بقدر تأثير الكتلة الديمقراطية وأن مواقفها السياسية متباعدة جداً عن المجلس المركزي عكس الكتلة الديمقراطية التي تكاد تتفق معها في غالب نقاط الإطاري.

اتجاه جديد

فيما يشير المحلل السياسي عبدالقادر محمود في إفادة لـ(اليوم التالي) إلى اتخاذ العملية السياسية اتجاهاً جديداً، ووصف تصريح المكون العسكري بضرورة إشراك طيف واسع من القوى السياسية في العملية السياسية الجارية بأنه مناورة السياسية واستهلاك إعلامي، وذلك لأن المكون العسكري أدرك أن اللعب على ورقة الوقت سيعزز من فرص الانقضاض على السلطة خاصة وأن السلطة العسكرية الراهنة أصبحت مرغوبة من قبل المجتمع الإقليمي والدولي وما يؤكد ذلك زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي والمبادرة المصرية الأخيرة، وتابع: كل ذلك يشير إلى أن العملية السياسية بصدد أخذ اتجاه جديد وأن الاتجاه سيكون في صالح المكون العسكري واستمراره في الحكم حتى لو أدى ذلك إلى تبني القمع والتصفية الكاملة للخصوم ومن ثم خلق نظام استبدادي جديد قوامه المكون العسكري والحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا.

وأعتقد أن الاتفاق الإطاري لم يحظَ بتأييد قوى سياسية واجتماعية وثورية عديدة منذ البداية ومتوقع أن يكون مصيره كمصير الاتفاقيات الثنائية التي كان يعقدها النظام البائد مع بعض القوى السياسية والحركات المسلحة لا سيما وأن المكون العسكري يدرك تماماً أن قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي أصبحت تحالفاً بلا وزن سياسي وجماهيري وثوري يمكن أن يؤثر على معادلة العملية السياسية الجارية، فبالتالي المشهد السياسي الراهن يتجه إلى تشكيل معادلات جديدة ستخلق واقعاً جديداً (لحسم الفوضى) من خلال استراتيجية تشتيت المشتت بغية الانقضاض على كامل السلطة وإعادة الواقع الراهن إلى أسوأ من ما كان عليه قبل اندلاع الثورة السودانية.

فشل اتفاق

فيما قطع رئيس حركة جيش تحرير السودان عبدالواحد محمد نور، بأن الاتفاق الإطاري الموقع بين بعض المكونات المدنية والعسكر ليس لديه أيّ فرصة للنجاح، ووصفه بأنه يُشابه اتفاقية المنطقتين 2005، اتفاقية أبوجا، اتفاقية الدوحة، اتفاق جوبا وقال عبدالواحد في مقابلة مع موقع (سودان بلس)، إن الاتفاق الإطاري ولد ميتاً، وهذه الاتفاقيات تتم بواسطة محاور إقليمية ويتم إسنادها بقرارات من مجلس الأمن الدولي دون إرادة الشعب السوداني، وهو ملزم فقط للموقعين وليس للشعب.

ونوه إلى أن المجتمع الدولي لا يترك فراغاً، فيرسل موظفين بتفويض في فترة زمنية محددة، ولكن حل أزمة السودان ليست بيد المجتمع الدولي وآلياته، بل بإرادة الشعب السوداني الذي مرّ بتجارب سياسية كثيرة، وقال: ”الحلول مهما كانت هي موجودة في الداخل، مصلحة الشعب السوداني أولاً، ثم مصلحة الآخرين.. هذه هي رؤيتنا في الحركة“.

وجدد نور رفضه للمشاركة في الاتفاق الإطاري وقال: ”إننا نعرف أن نتيجته الحتمية الفشل، فليست هي الطريقة المثلى لحل أزمة السودان“.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب