مسار الشرق .. من باع ومن اشترى؟

مسار الشرق .. من باع ومن اشترى؟

مناوي: جهات تدخلت في عملية بيع وشراء منبر الشرق

ترك: أهل الشرق عليهم تفويت الفرصة للذين يريدون المتاجرة باسم الإقليم

السيسي: أمن واستقرار الشرق مسؤولية كل أهل السودان

عسكوري: ما يحدث في الشرق تخطيط مجموعة ظلت مسيطرة على السلطة والثروة منذ الاستقلال

أقام المجلس الأعلى لنظارات البجا مؤتمراً صحفياً حاول من خلاله سرد قضية شرق السودان بكل تقاطعاتها التاريخية والمحلية والإقليمية والدولية، فشرق السودان الذي تم إقحامه ضمن اتفاقية جوبا للسلام أو ما يعرف بسلام جوبا مع مسارات أخرى منها مسار الشمال، الوسط.. كلها مسارات الغرض منها الكسب السياسي والمنافع الذاتية والشخصية فلم تكن في الشرق حرب يمكن معها توقيع اتفاقية سلام وليس في الوسط أيضاً نزاعات مسلحة أو حرب قبلية لتكون ضمن اتفاقية جوبا، ولكنهم السياسيين.

فقضية الشرق التي لخصها القائد مني أركو مناوي في كلمتين من خلال بعض الرسائل التي وجهها إلى رصفائه في الحركات المسلحة بأنهم ارتكبوا أعظم خطأ في تاريخ السودان الحديث ضمن سلام جوبا أنهم جعلوا منه مكاناً للمزايدات التجارية المتعلقة بمسار السودان فباعوا واشتروا وجعلوا من مسار الشرق صفقة تجارية تتحمل الربح والخسارة ولا يدرون أنهم خسروا أنفسهم قبل أن يخسروا مسار الشرق الذي راح ضحيته عدد من الأبرياء

بينما التقاطعات الإقليمية والدولية هذا شأن وأمر آخر حاول الجميع أن يجد له موطئ قدم في صف العقودات وأن يحصل على ذرة من كيكة الميناء والمياه الساحلية، ولكنهم لا يعلمون أنها ستكون عليهم كالزقوم.

الخرطوم: النذير دفع الله

ممثل منبر البطانة الحر عمر الشاعر قال إن حراك شرق السودان في الدولة الحديثة بدأ منذ العام 2018 فمنذ أربعة أعوام قام مؤتمر (الشوك القضارف البطانة ومؤتمر سنكات) كأكبر تجمع أهلي للشرق، مضيفاً أن البطانة خاضت حراكاً منذ ثلاثمائة عام، لذلك لا يستطيع أجنبي أن يفرض علينا حلاً أو سلطة، أما مراحل الحراك الاخير، فاكتملت بقيادة الناظر ترك بعد أن أسسنا منبر البطانة الحر.

وأوضح الشاعر أنه تم إقحام شرق السودان ضمن منبر جوبا الذي قسم المسارات وفقاً للأزمات والحروب التي تشهدها تلك الأقاليم، أما الشرق فحاول البعض أن يصنع له مجداً، وبالتالي حدثت خسائر في الأرواح والأموال جراء هذا الأمر وبموجبها استطعنا إسقاط قوى الحرية والتغيير التي أرادت أن تجعل من الشرق قضية لصالحها .

مشيراً الى أن ما تم التوافق عليه ضمن مؤتمر القاهرة هو أن كل المؤتمرات يتم طرحها في منبر واحد وهو اتفاق خاص بأهل الشرق فما هو دخل الأطراف الأخرى وماذا تريد من الشرق؟؟

نعلم أن بعض الدول التي تطمع في المعادن وأخرى في الزراعة وأخرى تريد السواحل، رسالتنا لهؤلاء مع السفراء الذين يعبثون بشرق السودان

من أراد خيرات شرق السودان فليأتي بالباب ونعرف مصالحنا ويعرف حقوقه أما خلاف ذلك فالشرق لا يمكن الحصول عليه .

وشدد الشاعر أنه إذا كانت الحرية والتغيير لديها ملك في أرض شرق السودان فهذا الأمر سنعرفه لاحقاً ونحن دعاة سلم وأيادينا بيضاء

ورسالة نبعثها للعسكر أمام الله والشعب والذين يضعون أياديهم مع الأجانب لا ننتظر منهم شيئاً (وإذا ما قادرين تتحملوا المسؤولية ارفعوا أيديكم، نحن قادرين على الشرق).

عقلية السيطرة ..

ممثل الكتلة الديمقراطية محمد خليفة عسكوري قال إن القضية التي أسقطت حكومة حمدوك أنها ذهبت إلى اتجاه في شرق السودان دون أهل الشرق، فشرق السودان لديه بطولات طويلة وهو عبارة عن سودان مصغر

وقال: ما يحدث من صراع هو تخطيط مجموعة ظلت مسيطرة على السلطة والثروة منذ العام 56 وحتى الآن وتريد أن تمضي في ذلك النهج..

لذلك جاءوا بالاتفاق الإطاري ولكنهم لا يستطيعون فرض سيطرتهم على شرق السودان لأن قضية شرق السودان ناتجة عن قضية مركزية الدولة من يقرر في أمر الميناء أو المعادن والثروات وقال: (فترنا من قضية زول قاعد في الخرطوم ويقرر في سنكات والشرق)، عليه ننادي بفيدرالية حقيقية وتملك الموارد لأهلها وبناء حياة وخدمات من مستشفيات وإلا فالبلد حتتفرتق

وأضاف: نعاني أيضاً في ولاية نهر النيل من نهب موارد الذهب الذي يأتي الخرطوم و(تاني ما بنشوفوا).

وشدد عسكوري على أنه لا بد للناس في كل السودان أن يعتبروا الموارد ملكهم والمطالبة لأجل الحقوق، عليه نعلن دعمنا الكامل لقضية الشرق ونحن معاكم ولو خضتم الحرب .

قضية عادلة ..

دكتور التيجاني السيسي عضو الكتلة الديمقراطية قال إن لشرق السودان قضية عادلة ولا أحد يستطيع أن ينكر وطنية أهل الشرق فهم أبناء عثمان دقنة الذين حاربوا واستشهدوا من أجل وطن واحد.

مضيفاً: نحن في السودان شرقه أو غربه نواجه أوضاعاً مأساوية كدنا أن نفقد معها وحدتنا ولو لا التعامل بحكمة ما كان لهذه الورشة أن تقام. فهي ذات التجربة الفاشلة التي أدت إلى فصل جنوب السودان منذ الاستقلال جراء مطالبتهم بالحكم الفيدرالي وما زلنا اليوم نكرر ذات التجربة في الشرق بذات المطالب وما زالت الآذان صماء لا تسمع ولم نستفد من التجربة السابقة ونسعى لنكرر ذات التجارب الفاشلة ومنح النخب مركزية القرار في الخرطوم.

وأشار السيسي الى أن هذا الوطن ملك كل أهل السودان وينبغي علينا أن نتدبر كيف يُحكم السودان وليس من يحكم السودان، كاشفاً أن الصراع الحالي هو صراع سلطة والحرية والتغيير المركزي تسعى للسطة وليس كيف يحكم السودان..

وقال: بهذه الطريقة لا يستطيع أحد أن يحكم السودان إلا بموافقة الناس فهم يؤصلون لديكتاتورية مدنية جديدة، ولكن نقول لهم ديكتاتورية العسكر أفضل الديكتاتورية المدنية وإذا لم نتناقش جميعنا وتتصافى الناس مع بعضها البعض سنفقد هذا الوطن. وأقر السيسي بالقول: لم نصل إلى اتفاق فيما بيننا منذ أكثر من ثلاث سنوات ولم نستفد من تجارب الماضي على إدارة الفترة الانتقالية ولن نرضى بأي إملاءات خارجية ونريد علاقات خارجية مبنية على المصالح المشتركة ونرفض تلك القرارات التي تؤثر على سيادتنا الوطنية. كاشفاً أن مؤتمر القاهرة لم يقدم لنا إملاءات أو فرض علينا رأياً وكل ما تم من نقاش وحوار كان سودانياً خالصاً وأضاف: تفاكرنا حول ما تمر به بلادنا من أزمات اقتصادية وأمنية وسياسة، كما استشعرنا عملية الاستقطاب القبلي والجهوية الحادة وبما أن لأي قبيلة في السودان سلاح، بل بعض القبائل لديها سلاح يفوق سلاح الجيش والدعم السريع واذا لم تجمع الناس سيتمزق السودان.

وأكد السيسي أن المسؤولية تقع على الجميع من إيجاد الحلول وإنهاء عملية نظام الفصل العنصري التي يسعى البعض لتأصيلها، مبيناً أن قضية الشرق كانت من ضمن مخرجات المؤتمر والتي خرجت بتوصيات تم قبولها منها التوافق على تجميد مسار الشرق وإقامة منبر خاص به.

وجدد السيسي أن أمن واستقرار الشرق لا يخص الشرق، بل هو مسؤلية كل أهل السودان لما أصابهم من ظلم. وقال السيسي: كلما توصلنا له سننقله للجانب العسكري والمركزي واللجنة الرباعية. ومن حق الجميع التعديل بالحذف والإضافة إلى أن نصل إلى توافق ودون ذلك من الاستحالة قيام حكومة انتقالية ناجحة في ظل هذه التشاكسات والاستقطابات والسودان ملك للجميع دون فرز، ولكن هناك مجموعة تريد أن تحكم فقط دون أن تعرف تفاصيل واختلافات ومساحات السودان. كاشفاً أن حمدوك لم يفشل، بل فشلته قوى الحرية والتغيير..

قضية ونضال

حاكم إقليم دارفور ورئيس حركة جيش وتحرير السودان مني أركو مناوي قال إن لأهل الشرق قضية نضال والذين يتحدثون عن الشرق كأنما هو منطقة ظهرت بعد الاستقلال أو مع المهدية، بل إن الشرق قديم قدم التاريخ وسكانه من أقدم الشعوب ومن أقدم الحضارات في أفريقيا ..

مضيفاً أن الشرق تعرض لعملية استقطاب حاد خاصة بعد التوقيع على إعلان جوبا واستقبال الأمين داوود في كسلا، حيث شعرت بعض الأحزاب بالخطورة من الاستقبال فقامت بعض أحزاب الحرية والتغيير بفعلها الشنيع وتم تجريم الأمين داوود، بل واعتقاله عند عودته للجنوب بصحبة نائب رئيس مجلس الوزراء، وشدد مناوي لاحقاً: نستطيع أن نسمي الناس بأسمائهم، موضحاً أن الأمين داوود هو من وقع في أعلان جوبا وليس خالد شاويش الذي طلب مني الدخول إلى جوبا وبدوري أخبرت توت قلواك وسمح له بالدخول، ولكن يظل السؤال من الذي أخرج الأمين داوود ليأتي بدلاً عنه خالد شاويش، كل ذلك تم من الخرطوم وكيف يتم اعتقال شخص من سلم الطائرة كل ذلك تم من الخرطوم، لذلك (الحقوا ناس الورش ديل ووقفوهم) ..

وكشف مناوي أن أكبر خطأ ارتكبته الحركات المسلحة الموقعة في إعلان سلام جوبا هي أن بعض منها تدخل في عملية بيع وشراء منبر الشرق مما خلق هذا التضارب والتشاكس .

مبيناً: نحن أكثر من عشر حركات مسلحة من دارفور موقعين على إعلان جوبا، ولكننا قبلنا الأمر لأننا ذقنا الحرب ونعرف مآلاتها جيداً ولن نعود لها أبداً بعد سقوط النظام، لذلك فوتوا الفرصة على الآخرين. وقال مناوي: هناك من يظن نفسه ذكياً وماكراً يخطط الاغتيالات ويريد الانفراد بنظام الحكم نقول لهؤلاء لقد ولى عهد الديكتاتورية والسيطرة وأصبح الجميع سواسية في الحكم، مشيراً إلى وجود الاضطرابات الأمنية والسياسية في دارفور منذ وقت طويل منها (المليشيا والنهب المسلح والجنجويد)، كانت الحكومة تنظر لها بعين البساطة حتى وصلت إلى ما وصلت إليه وأي إبادة جماعية تمت في دارفور وانفصال الجنوب والتخلف في الشرق هي سياسات مصدرها من الخرطوم لذا يجب إصلاح الخرطوم أولاً من العقلية السياسية المسيطرة .

وأكد مناوي أن قضية الشرق قديمة متجددة فهي منذ مؤتمر البجا الذي صيغت توصياته ومخرجاته ولم يتم تنفيذها والمؤسف في قضية الشرق بعض نشطاء الشرق يقيمون ورشة باسم الشرق ويسبون عثمان دقنة كيف يستقيم ذلك. أما الذين يشتكون من الانقلابات العسكرية من المدنيين، فالفرق بينهم والعسكر أن العسكر يحفظون تاريخ البلد جيداً ويعرفون جغرافيا السودان وطبيعة أهله وثقافاته وأعرافه لذلك من الطبيعي أن ينقلب عليكم العسكر لأنكم لا تعرفون أصل التاريخ والناس ..

ووجه مناوي مجموعة من الرسائل الأولى للمجلس السيادي بأن كامل المسؤولية تقع على عاتقكم (قلتوا ما في حكومة وانتوا أمضيتم أربع سنوات في الحكم وتقولوا ما في حكومة) وخرجتم من الحوار الشفاف إلى حوار الظلام. عليه فإن أمن وسلامة الناس ومعاشهم هي مسؤليتكم جميعاً في المجلس السيادي بدون فرز، لأن الأشخاص منذ 11 أبريل مع سقوط النظام ما زالوا نفس الأشخاص كيف لا توجد حكومة، ولذلك مسؤولية الشرق ضمن مسؤولياتكم لا نريده أن يكون مثل دارفور وجبال النوبة .

وأوضح مناوي أن أطراف الشرق من خلال مخرجات مؤتمر القاهرة أجمعت واتفقت على أن تكون كل مخرجات المؤتمرات والورش التي عقدت سابقاً تكون مرجعيات ضمن عملية التفاوض القادمة حول منبر الشرق. واستنكر مناوي سلوك بعض الأطراف الموقعة ضمن سلام جوبا أن تقيم ورشة مفادها تقويم وتقييم سلام جوبا دون إخطارهم مما يؤكد وجود أمر ما في عقول هؤلاء، وطالب مناوي جميع أهل الشرق بقبول الآخر وعدم استخدام اللامبالاة، محذراً من الذين يقيمون الورش في الفنادق ومن السياسيين إنتاج 2019 .

والرسالة الثانية إلى الحرية والتغيير المجلس المركزي كل يوم أنتم في هبوط إلى أن تصلوا القاع فوضناكم لتتحدثوا باسمنا (جينا لقيناكم حكام) من الذي منحكم هذا الحق .

كما أن التاريخ والبطولات لا تصنع بين يوم وليلة وليس بالبوسترات في الفيس بوك وإنما بالمواقف الوطنية بالنزول من البروج العاجية واعرفوا تماماً لا أحد من وراء البحار يستطيع أن يصنع حكومة ويفرض علينا شروطه.

والرسالة الثالثة للحركات المسلحة الموقعة داخل مجلس السيادة وخارجه لقد لعبتم دوراً جاهلاً خلال تفاوض جوبا (في ناس جوا اشتروا منكم مسار الشرق)، هي واحدة من الأشياء التي تسببت فى مشاكل الشرق شراء مسار جوبا ..

ولأجل مصلحة البلد رجعوا مسار الشرق، وشدد مناوي على المجتمع الدولي والمستثمرين أن يأتوا بالباب. وقال: كل من وعدكم بأي أرض أو استثمار لن يستطيع أن يفعل ذلك .

أما رسالتنا قبل الأخيرة فلبعثة الأمم المتحدة (يونتامس) أتيتم للتحول الديمقراطي وليس لديكم حق اختيار من يصبح رئيساً أو وزيراً، وإنما عليكم مساعدة الناس للتحول من النظام الفوضوي إلى الديمقراطية الدائمة

ولا تدعموا بعضاً ضد البعض الآخر.

وقال مناوي: هناك مجموعة تريد أن تخلق لها من أزمة الشرق مواقف سياسية، ورسالة أخرى للأحزاب السياسية السودانية إن الطريقة التي تديرون بها أحزابكم قديمة والبعض منكم وجد فرصته وسيطر من خلالها على الحزب واستثمرها واحتكرها وساق الآخرين (بالخم) عليكم عدم الاستهوان بالناس وأن تراجعوا أنفسكم وواكبوا الواقع واسعوا لتوحيد الصف .

تفويت الفرصة ..

رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا محمد الأمين ترك قال: هناك من يسعى لأن يجعل من الشرق مكاناً للحروب والاقتتال واستغلال عدم التوافق بين مكونات الشرق مضيفاً أن ما تم التوصل إليه من خلال مؤتمر القاهرة لا تنازل عنه وسنقاتل من أجله ولو استدعى إلى حمل السلاح، ودعا ترك أهل الشرق إلى تفويت الفرصة للذين يريدون المتاجرة باسم الشرق وبث الفتنة بين مكونات الشرق، فمهما فعلوا لا يمكن أن نتقاتل فيما بيننا، وطالب ترك رئيس مجلس السيادة بالإبقاء على المنبر التفاوضي وتعليق مسار الشرق، وإقامة ورشة أو مؤتمر للمصالحات وجبر الضرر والتعويضات وجمع كل القوى السياسية في الشرق تحت منبر موحد والخروج بحلول وتفويت الفرصة على أصحاب الفتنة.

وأكد ترك الشرق يواجه استقطاباً حاداً، داعياً كل من أدار ملف الشرق خلال الفترة الماضية عليه أن يترجل وينتظر دورنا وينتظر من يكلفه الرئيس بالتكليف، وشدد ترك على أن قضية الشرق عادلة لا تهاون فيها ورسالتنا لأهل الشرق إننا لا نريد خلق عداوة مع أي شخص ولا عداوة أيضاً مع أي مكون من مكونات الشرق..