جحيم السودان

من الواقع

جعفر باعو

 

جحيم السودان

*أحد الأصدقاء من الذين هجروا السودان أيام جوز الحمام ثلاثة والجنيه كان يهز ويرز، أراد قضاء إجازته وسط الأهل والأصدقاء هذا العام.

*كان متواصلاً معي طيلة الفترة الماضية وأنقل لها الوضع كما هو عليه دون زيادة أو نقصان وقبل عودته بأيام قلائل قال لي: “أنا تاني ما بضرب ليك لحدي ما أجي أشوف بنفسي”.

*عاد صديقي ووجد الجميع مشغولين بكسب أرزاقهم ولم يجد اللمة المسائية على صحن “البوش” ولا الونسة العصرية مع كباية الشاي الأحمر، بل وجد الأطفال وهم سعيدين بإجازة منتصف العام فاتخذهم أصدقاء له.

*بعد أسبوعين فقط من الإجازة وصل صديقنا إلى قناعة أن السودان بوضعه الحالي غير صالح للسكن – طبعاً في كل خطوة يقارن بين الخرطوم وتلك العاصمة الخليجية التي تسير الحياة فيها بنظام متقن ربما يكون من وضعه أحد أبناء السودان العباقرة.

*عاد صديقنا إلى دولته الخليجية وفي ذهنه عدم الرجعة مرة أخرى لقضاء إجازته في دولة يفتقر المواطن فيها إلى أبسط مقومات الحياة. دولة أصبحت الفوضى هي الشيء السائد فيها. أسواقها بلا ضوابط. وشوارعها تبحث عن الأمان.. وإنسانها تائه بين صراعات الساسة.

*الكل في بلادنا الآن ينظر إلى نفسه بأنه على حق وأنه هو الصواب.. أحزابنا تتناحر نحو الكرسي وعسكرها يتشبثون بذاك المقعد في القصر الجمهوري.

*السودان الآن أشبه بحوش كبير لا غرف فيه ولا منافع يسكنه بشر ومواد تلك الغرف مهملة في الشارع.. الغرباء ينهبونها وكذلك أهل الحوش يفعلون.

*حال بلادنا أصبح من الحالات النادرة في هذا الكون وبالإمكان تشبيهه بالمنزل الذي تمتلئ ثلاجاته بالطيبات وأهل هذا المنزل جياع ومحرومين من هذه الخيرات.

*رجع صديقنا إلى غربته وهو يردد “نار الغربة أرحم من جحيم السودان” وفي مقبل الأيام العشرات لا بل المئات سيفضلون نار الغربة من جحيم بلد تمتلك كل الخير وأهله جياع.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب