نازحات في وطنهن .. قصص وحكاوى!!

نازحات في وطنهن .. قصص وحكاوى!!
والي جنوب دارفور: لجنة التقصي في أحداث القتل قطعت شوطاً كبيراً
مواطنة: إجهاض أكثر من (6) نساء صباح أحداث بليل و(6) نساء في قرية أموري
نازحو لقاوة: نحتاج إلى غذاء ومأوى والوضع ينذر بسوء تغذية
فلاش باك
شهدت الفترة الماضية أحداثاً وصراعات قبلية مؤسفة راح ضحيتها العشرات من الأبرياء والأطفال والنساء دون ذنب سوى أنهم لا يحملون سلاحاً ولا يسعون للعنف ولا يخدمون أجندة فئة ضد الأخرى ولا يعرفون معنى الانتهاكات والأجندة، والمجتمع الدولى والتقاطعات الإقليمية.. فقط يزرعون الأرض ويرعون الماشية ويأكلون مما تنبت الأرض من بقلها وفومها وعدسها وبصلها، ففي الوقت الذي تسعى فيه الدولة والموقعين على اتفاق سلام جوبا لتجفيف معسكرات النازحين وعودة اللاجئين إلى قراهم ومناطقهم هناك مجموعة أخرى ترفض هذه العودة وتريد لتلك المعسكرات أن تبقى ليأكلوا من أموال النساء والأطفال واليتامى والكهول دون حياء أو مروءة ويتهافتون جرياً وسعياً خلف تلك المنظمات التي تدس السم في الدسم وتجعل من حقوق الإنسان ذريعة ومدخلاً للاستعمار الجديد.. ففي محلية بليل بولاية جنوب دارفور ودون سابق إنذار شهدت منطقة بليل هجوماً وحشياً اجتاح المنطقة وخلف العديد من الموتى حرقاً، ولم يجد الناجون مأوى غير معسكرات النازحين وتم حرق أكثر من (100) قرية ونزوح المئات من المواطنين، وما زال الفاعل مجهولاً.

الخرطوم: رفقة عبد الله
نعمات زكريا ذات الـ27 عاماً متزوجة وأم لأربعة أطفال، تاه أحدهما أنثاء أحداث القتل التي تمت في محلية بليل بولاية جنوب دارفور وظل ابنها مصطفى غائباً عنها لأكثر من 30 يوماً، دون أن تعرف له طريق، فرّ مصطفى الذي يبلغ من العمر 4 أعوام مع الفارين من القرية جراء الحرب والحريق الذي اجتاح مدينة بليل، تاركاً والدته في الغم والهم لأكثر من 30 يومياً..
اختفاء وعودة
تحكي نعمات زكريا لـ(اليوم التالي) تفاصيل اختفاء ابنها جراء الصراعات والنزاعات القبلية في محلية بليل خلال الشهر الماضي، وقالت: اختفى مصطفى منذ أحداث بليل الساعة 10 صباحاً بعد أن علت أصوات الرصاص، وتم حرق القرية من قبل مجهولين يرتدون زي (الدعم السريع)، يمتطون دراجات نارية، وبعد ساعتين من الهرج والمرج بحثت عن مصطفى فلم أجده ولا أعرف إلى أين ذهب ومرّ الوقت سريعاً بعدها فقدت الأمل في عودته وحسبته من الأموات، ولكن إرادة المولى كانت أرحم بعد مرور أيام وجدته في معسكرات النازحين بنيالا، 30 يومياً عدنا معه إلى القرية (ولم أتخيل أن مصطفي ما زال حياً).
عزيمة النساء ..
ما زالت المرأة في دارفور تبحث عن الأمان في عقر دارها، فكل صراع قبلي ينتج عنه أرملة أو مغتصبة أو مجهضة أو مقتولة!!.. (اليوم التالي) تجولت داخل محلية بليل وقابلت عدداً من النساء اللاتي أصبحن ضحايا الحروبات والنزاعات حيث، فتقول إحداهن وهي تشير إلى أحد المواقع بعد أن تحول إلى كومة من الرماد: هذا البيت المحروق كان فيه رجل وزوجته الذين لقوا حتفهم حرقاً دون أن نتمكن من إنقاذهم، وأصبح المنزل كما ترونه، وأضافت ضمن حديثها: لن ننزح مرة ثانية من القرى ونذهب إلى معسكرات اللاجئين سنموت في أرضنا، سنزرع أرضنا ونعمرها مرة أخرى حتى ييأس من يحاول الإبادة الجماعية لإنسان دارفور .
إجهاض نساء
أما الحاجة نفيسة، فتروي معاناة النساء جراء أحداث بليل فقالت لـ(اليوم التالي): المرأة في محلية بليل بشكل عام فقدت مالها وزوجها وابنها وأرضها المزروعة قبل الحصاد، لكن كل ذلك يمكن تعويضه، وتساءلت: كيف يمكن للمرأة تعويض ابنها وزوجها وأضافت: كثير من النساء أجهضن ما في بطونهن يوم الأحداث منهن من ماتت ومنهن من نزحت إلى معسكرات النازحين واللاجئين .
نتائج التحقيق ..
أكثر من شهرين مضت حول الأحداث التي شهدتها محلية بليل وحتى كتابة هذا التحقيق لم تظهر النتائج بعد، حيث راح مع هذه الأحداث الكثير من الضحايا وتم حرق أكثر من 16 قرية وقتل العشرات من المواطنين، حيث أكد والي جنوب دارفور حامد التجاني هنون أن التحقيق في أحداث مناطق شمال شرق محلية بليل قطع شوطاً كبيراً في توفير المعلومات، وقريباً سيتم كشف كل الحقائق والنتائج، مشيراً الى أن هناك من يريد زعزعة الأمن لافتاً الى أن لجان حصر الخسائر تسير بصورة جيدة بجانب استقرار كبير في الوضع الإنساني بعد تدفق المساعدات لمركز المساعدات “أموري” والتجاوب الكبير من المجتمع تجاه الوضع الإنساني، مشيداً باللجنة المشرفة على التوزيع.
المدير التنفيذي لمحلية بليل إبراهيم محمد عبدالباري أكد أن حكومة الولاية احتوت المشكلة خلال “٤٨” ساعة وقال إنه تم تكوين لجنة عليا لاستلام المساعدات التي وصلت عبر قوافل من جهات عدة ولكن حتى الآن لم تظهر نتائج التحقيق في الأحداث، وتعتبر قرية أموري من القرى المتضررة من أحداث بليل، ولكن للأسف لم تحظ أموري بزيارة أي مسؤول قبل ذلك إلا بعد الأحداث الأخيرة، كما تعاني قرى أموري من انعدام الخدمات من التعليم والصحة والمياه، ويقول محمد صالح حسين ممثل شباب بالقرية التي تتبع لمحلية بليل هي أول مرة يأتي فيها مسؤول لزيارة المنطقة، أما قبل الأحداث فلم يأتنا زائر وطالب صالح الحكومة توفير الأمن ودعم مشاريع الشباب والتمويل والزواج والدراسة والعلاج ودعم الطلاب .
أوضاع مأساوية ..
لم تكن أحداث محلية بليل هي الأولى ولن تكون الأخيرة، ففي الوقت الذي يعانى فيه النازحون في ولاية جنوب دارفور كانت جنوب كردفان قد شهدت أحداثاً مماثلة وكأن الفاعل واحد حيث شهدت منطقة لقاوة أحداثاً مؤسة راح ضحيتها عدد من الأبرياء ونزح الباقون إلى منطقة كادقلي واستقروا في معسكر الميناء البري في ظروف إنسانية سيئة وصعبة، وكما هو الحال الضحية أيضا النساء والأطفال رئيس المعسكر نورين كافي حامد قال لـ(اليوم التالي) إن عدد النازحين من منطقة لقاوة داخل معسكر الميناء البري (5219) نازح يعيشون أوضاعاً صعبة هذه الأيام من انعدام الغذاء، بينما بعض الأسر تعيش في العراء يحتاجون إلى مشمعات وخيام وغذاء، كنا نتمنى أن يتجول عضو مجلس السيادة الفريق أول شمس الدين الكباشي جميع أجزاء المعسكر حتى يرى بعينه معاناة النازحين داخل المعسكر، لكن يبدو أن البعض لا يريده أن يرى هذه المأساة أو أنهم يريدون إخفاء الحقيقة، وأضاف كافي: المرأة تعاني كثيراً داخل المعسكر خاصة حالات الولادة فلا توجد خدمات صحية أو طبية تقدم أي خدمة علاجية عدا ممرض يقوم بإعطاء بعض الأقراص والحبوب دون فحص أو تشخيص المرض، أما الأطفال فإنهم بلا رياض أو مدارس أو تعليم بالإضافة لانتشار بعض الأمراض من إسهالات وإصابة البعض بالحصبة مما ينذر بأن الوضع مقبل على سوء تغذية، عليه نناشد الجهات المختصة والمنظمات الدولية والمحلية بدعم النازحين بالغذاء والكساء والصحة والخيام والمشمعات بالإضافة لتعليم الأطفال.