سلام جوبا… المصفوفة المحدثة هل تنفذ؟

سلام جوبا… المصفوفة المحدثة هل تنفذ؟

البرهان: ملتزمون بالعمل على تنفيذ الاتفاق بصيغته المعدلة

مناوي: نتعهد على المضي في إنفاذ الاتفاق

محمد محي الدين: ما تم في جوبا تجاوز ورشة الحرية والتغيير

مصعب محمد: المصفوفة لها أثر كبير في مراجعة التحديات

 

الخواض عبدالفضيل

وقعت الحكومة السودانية وحركات الكفاح المسلح أمس في عاصمة جنوب السودان على صيغة محدثة لتنفيذ اتفاق جوبا للسلام.

وأكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان عبدالرحمن التزام الحكومة السودانية بالعمل على تنفيذ الاتفاق بصيغته المعدلة حتى تحقيق السلام، وقال البرهان في حفل التوقيع على الصيغة المعدلة إن الاتفاق سيسمح بتعاون أوسع وبتنسيق أكبر بين جوبا والخرطوم.

وذكر رئيس مجلس السيادة الانتقالي أن “الحرب لعينة والقتال لا يمكن أن يجلب السلام”. وأعرب البرهان عن امتنانه لكل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية التي ساهمت في التوصل إلى اتفاق جوبا.

وأكد مناوي رئيس حركة جيش تحرير السودان بأن هناك عوامل عدة إلى عدم إنفاذ اتفاقية جوبا للسلام.

 

تجاوز ورش الإطاري

ويقول الباحث والمحلل السياسي محمد محي الدين في حديثه لـ(اليوم التالي) إن المصفوفة التي تم استحداثها جزء من اتفاق جوبا وإعادة ترتيب المصفوفة مرة ثانية سببه أن كثيراً من المواقيت المحددة في المصفوفة السابقة لم يتم تنفيذها، بالتالي المواقيت الأمنية ذهبت دون تنفيذ، وتابع: ما استدعي التوافق على مواعيد زمنية جديدة من جهة أخرى ما تم في جوبا الآن تجاوز الورشة التي أقامتها الحرية والتغيير وقالت إنها جزء من ترتيبات الاتفاق النهائي وهذا يقرأ في سياق الخلافات والتباينات في المواقف بين الحرية والتغيير المجلس المركزي والكتلة الديمقراطية في عدد من القضايا من بينها اتفاقية السلام واعتقد محي الدين أن المصفوفة ونصوص الاتفاق ستكون معضلة في إدماجها في الإطار الدستوري الجديد لتصير جزءاً مكملاً للدستور أم إن الأمر سيحدث فيه تعديل بحيث يتم النص على بعض القضايا في الوثيقة الدستورية القادمة وخاصة أنه بموجب الوثيقة الدستورية السابقة تم إدماج اتفاقية سلام جوبا وصارت جزء لا يتجزأ من الاتفاقية، وتم النص في حالة التعارض بين الوثيقة الدستورية واتفاقية السلام تكون نصوص اتفاقية السلام هي الملزمة للتطبيق بالتالي المصفوفة الذمنية والورشة التي تمت في جوبا مؤشر لحجم التباينات والخلافات بين المجلس المركزي للحرية والتغيير والكتلة الديمقراطية وأردف: لذلك كل طرف عليه أن يقدم تنازلات تقرب بينه والطرف الآخر في إطار تسوية الأزمة السياسية الحالية.

 

قرارات عاجلة

يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين مصعب محمد في حديثه لـ(اليوم التالي): يقرأ استحداث مصفوفة زمنية لسلام جوبا في سياق تقييم الاتفاق الذي عليه حتى الآن ما يقارب الثلاث السنوات مع تعثر تنفيذ بعض بنوده، وهذا بدوره أثر على النظرة العامة للاتفاق لأن الاتفاقيات بدون تنفيذ كامل على أرض الواقع تظل عملية السلام مهددة في أي وقت، واعتقد أن المصفوفة الزمنية مرتبطة بجداول زمنية معينة يبدأ الفاعلين في تنفيذها والوقوف على العثرات والتحديات التي تواجه الإنفاق. وزاد تقسيم القضايا إلى تصنيفات تحتاج قرارات عاجلة وأخرى إلى رقابة ومتابعة وتوقع مصعب أن يكون لورشة جوبا الأثر الكبير في تنفيذ الاتفاق ومراجعة التحديات التي تواجهه بالإضافة لأن الأطراف المشاركة وقعت على المصفوفة باعتبار أن إرادة المتحاربين لها الدور الأكبر في تحقيق السلام وقال أيضاً: أتوقع أن تصدر قرارات بناءً على هذه المصفوفة في القريب العاجل والبدء في تنفيذها.

توقيع مصفوفة

ووقع رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان ورئيس جمهورية جنوب السودان سلفاكير ميارديت بجوبا على المصفوفة المحدثة لاتفاق جوبا لسلام السودان حيث وقع الفريق أول البرهان كشاهد، فيما وقع سلفاكير ميارديت كضامن للاتفاق. كما وقع الفريق أول ركن شمس الدين كباشي عضو مجلس السيادة ورئيس الوفد الحكومي، عن جانب الحكومة السودانية، فيما وقع عن أطراف العملية السلمية، رؤساء وقادة التنظيمات والحركات. ووقع على المصفوفة أيضاً ممثلو الدول الضامنة والشاهدة على اتفاقية.

وأكد رئيس مجلس السيادة خلال مخاطبته الاحتفال، أن السلام هو القضية الجوهرية للسودان ويحتل الصدارة في الأولويات القصوى للدولة السودانية ويشكل عاملاً مفتاحياً في قضايا الأمن والتنمية بالبلاد.

وأعلن التزام الحكومة بالعمل على تطبيق المصفوفة بمواقيتها الجديدة لتشكل دفعة قوية لتنفيذ ما تبقى من بنود الاتفاق. مشيداً بجهود دولة جنوب السودان والدول الضامنة لاتفاق جوبا، في تحقيق السلام في السودان.

من جانبه أكد رئيس جمهورية جنوب السودان سلفاكير ميارديت إن السلام في السودان هو امتداد للسلام في جنوب السودان وقال إن مخرجات ورشة تقييم تنفيذ اتفاق جوبا لسلام هدفت لتذليل العقبات والتحديات.

ودعا سلفاكير المجتمع الدولي لدعم تنفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان. وناشد رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال عبدالعزيز الحلو ورئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور للانضمام إلى ركب السلام حتى يكتمل السلام في السَودان داعياً السودانيين إلى اغتنام الفرصة لتحقيق السلام من خلال وحدة الصف والكلمة.

تعطيل آليات

ويقول مني أركو مناوي رئيس حركة جيش تحرير السودان وحاكم إقليم دارفور في حفل التوقيع على المصفوفة المحدثة أمس بجوبا عاصمة دولة جنوب السودان إنهم في جوبا لتقييم إنفاذ اتفاق سلام جوبا الذي بُذل فيه جهد كبير من دولة الجنوب ووقف من خلفه أشقاؤنا في تشاد ودولة الإمارات العربية المتحدة. وتابع: ما تم تنفيذه في الاتفاقية حتى الآن نسبة ضئيلة لا تتعدى 10% من جملة الاتفاق الذي يجب انفاذه في خلال ثلاث سنوات، وزاد: ومن خلال تجربتنا في الفترة السابقة هناك عدة عوامل وقفت حائلاً دون إنفاذ اتفاقية سلام جوبا ونذكر على سبيل المثال – لم يكن الشركاء في السلطة قبل وأثناء وبعد التوقيع على الاتفاق على قلب رجل واحد، مما تغلبت التكتيكات على الرؤية والاستراتيجية الوطنية وزاد كانت القوى السياسية التي استحوذت على السلطة، كرست وقتها على الاستعداء والتقليل من شأن الآخرين، مما جعل الآخرين يقاومون، فهذا الصراع دفع كل فريق أن يتخندق لمواجهة الآخر وفتح باباً واسعاً شرع وسمح المكون العسكري في التدخل، ذلك في 25 أكتوبر 2021م.

وقال إنها أوقفت مسيرة الفترة الانتقالية التي كانت تتحرك بأرجل كسيحة، فتحولت البلاد إلى بؤر وإمبراطوريات مالية طفيلية دون رقيب فتعطلت الحركة البطيئة في تنفيذ الاتفاق والمسيرة نحو التحول الديمقراطي المعيب وتابع: لم تكن هناك رغبة كافية وإرادة قوية لتنفيذ اتفاقية السلام مما أدى إلى تعطيل آليات الإنفاذ من اللجان والمفوضيات وآليات المراقبة بما في ذلك الوطنية والدولية.

وقال مناوي: الخلافات البينية داخل أطراف السلام ولجوء البعض إلى تحالفات وكتل معادية للاتفاق وتدخل أطراف فاعلة في استثمار هذه التباينات وحداثة تجربة بعض أطراف السلام كانت تحدياً كبيراً في تنفيذ الاتفاق وفي مسيرة العملية السلمية .

تحديات وأجنحة

وبحسب مناوي إن من أهم التحديات التي واجهت تنفيذ الاتفاق عدم إيفاء المجتمع الدولي وخاصة بعض الدول بتعهداتها المالية في تنفيذ الاتفاق، وغياب دور البعثة الأممية (اليونتامز) ودورها الهزيل في اتجاه الاتفاق وانصرافها بكل طاقاتها المالية والسياسية لأجندة بعض المجموعات السياسية.

بجانب غياب المراقبة الدولية والإقليمية وغياب الراعي للاتفاق شجع على تنصل أحد الأطراف الرئيسية من تطبيق النصوص ولجأ إلى التطبيق الشكلي للنصوص، وخير مثال الترتيبات الأمنية.

علاوة على تعرض الاتفاق منذ توقيعه بالأحرف الأولى لحملة إعلامية مسمومة قادتها جهات لأغراض سياسية غير وطنية من أجل تحقيق مآرب جهوية أيديولوجية واجتماعية وتلك الحملة ضربت الاتفاقية في مقتل بخلق رأي عام سلبي تجاه الأهداف النبيلة التي جاءت بها الاتفاقية. كل هذا وذاك من الأسباب جعلت الاتفاق فاقد القيمة، وأضاف: في هذا الملتقى نأمل أن تُكلل جهودنا بالنجاح وتنفخ روحاً في صناعة جداول زمنية ومصفوفات وتوصيات باتخاذ قرارات عملية بعيداً عن المطامع السياسية حتى لا تنحرف الأوضاع من مسار السلم إلى عكسه.

توصيات

وفي السياق قدم توصيات مناوي للخروج من عنق الزجاجة تتمثل في تكوين آليات إنفاذ بقرارات عاجلة تتخذها الحكومة، والاتفاق والتعهد على المضي في إنفاذ الاتفاق وفق جداول زمنية محددة، فضلاً عن الإسراع فى تكوين آلية للمراقبة والتقييم والتي تتكون من عدد من الدول والأطراف الوطنية وتأسيس فوري للآلية ومقر لممثلين من دول جنوب السودان وجمهورية تشاد ودولة الإمارات العربية وجمهورية مصر العربية لإشراكهم في عملية إنفاذ الاتفاق والترحيب بدور دولة قطر والتسهيل له في الاستمرار في المشاريع التي كانت قيد التنفيذ، بالإضافة إلى إشراك البعثة الأممية في إليات الاتفاق والعمل معها من أجل الإسراع في تقديم الخدمات ومساعدة الحكومات المحلية في عودة النازحين واللاجئين.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب