تصريحات حميدتي.. مناورة أم حديث جدي!

تصريحات حميدتي.. مناورة أم حديث جدي!

الأمة القومي: تصريحات حميدتي موضوعية وتصب في مصلحة الانتقال

البعث العربي: محاولات لتقويض الانتقال عبر الإعلان السياسي!

عبد العزيز العوض: التصريحات لها تداعيات إيجابية في المستقبل القريب

عبد القادر صالح: حميدتي يؤكد وقوفه مع التحول الديمقراطي

الخرطوم: إبراهيم عبد الرازق

أثار خطاب رئيس مجلس السيادة، الفريق أول محمد حمدان ردود أفعال واسعة وسط القوى السياسية حيث يرى البعض أنها تصريحات موضوعية وتصب في مصلحة الانتقال، فيما قال آخرون إن قائد الدعم السريع يريد أن يطرح نفسه مخلصاً للبلاد، واعتبر فريق ثالث التصريحات تؤكد حقيقة أن الدعم السريع يقف وبكل صلابة مع التحول الديمقراطي وبناء الدولة المدنية.

خطأ .. فادح!

اتهم نائب رئيس المجلس السيادي السوداني، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، الإسلاميين بمحاولة الوقيعة بين القوات المسلحة السودانية والدعم السريع، مؤكداً أن عناصر النظام البائد لن يستطيعوا بلوغ ذلك أبداً، على حد قوله.

وشدد على أن القوات المسلحة السودانية لن تكون مطية لحزب أو جهة، مشيراً إلى إنها مؤسسة ذات تاريخ عريق، وكانت وستظل ملكاً للشعب بكل أطيافه، مضيفاً: “نحن منها ولن ندخر جهداً في الدفاع عنها ضد كل من يسيء إليها أو يقلل منها”.

وأقر خلال مخاطبته تنوير صحفي أمس الأحد بمقر قيادة الدعم السريع في الخرطوم، أن انقلاب العسكر على الحكومة الانتقالية في ٢٥ أكتوبر 2021، كان خاطئاً ومدخلاً لعودة النظام السابق.

وقال إنه تبين منذ اليوم الأول للانقلاب، بأنه لن يكون مخرجاً من الاحتقان السياسي، مشيراً إلى أنه لم يتردد عن العودة عن الانقلاب والرجوع إلى الصواب، حسب تعبيره.

وأكد رغبته في الخروج من السلطة السياسية وتسليمها لسلطة مدنية انتقالية، لافتاً إلى أنه تعاهد على ذلك مع القائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان، وقيادة القوات المسلحة السودانية، وأنه لن يعود عنه أبداً.

وجدد التزام قوات الدعم السريع بما ورد في الاتفاق الإطاري الموقع في بين المدنيين والعسكر في 5 ديسمبر الماضي، وإقرارهم مبدأ الجيش الواحد والإصلاح العسكري وفق جداول زمنية متفق عليها.

وأضاف: “إننا ملتزمون بصدق بالانخراط في عمليات الإصلاح الأمني والعسكري، بصورة تطور المؤسسة العسكرية وتحدثها وتزيد من كفاءتها وتخرجها من السياسة والاقتصاد كلياً، وتمكنها من التصدي الفعال لكل ما يهدد أمن البلاد وسلامها.

وأشار إلى أن العملية السياسية قد تطاول زمنها، وأن الوقت قد حان لإنهائها والوصول لحل سياسي نهائي بصورة عاجلة تتشكل بناءً عليه سلطة مدنية انتقالية تقود البلاد، ونعود نحن في المؤسسة العسكرية إلى ثكناتنا لنتفرغ لأداء مهام حماية حدود البلاد وأمنها وسيادتها، وهذه مهام جليلة نتمنى أن نوفق في أدائها.

وتابع: أكدت مراراً وتكراراً أن الاتفاق السياسي الإطاري هو مخرج بلادنا من الأزمة الراهنة، وأنه هو الأساس الوحيد للحل السياسي المنصف والعادل، وقد ساهمت مع بقية الموقعين في دفعه إلى الأمام، مؤكداً أنه يمثل أساساً متيناً للمبادئ الرئيسية التي تعيد للمؤسسة العسكرية ما فقدته بسبب سياسات النظام السابق.

وشدد حميدتي على أنهم سيعملون بجد من أجل تحقيق أهدافه كاملة غير منقوصة، مشيراً إلى أن الاتفاق الإطاري حزمة واحدة يجب أن تنفذ كلها دون تجزئة.

وتأتي تصريحات حميدتي، بعد أيام من خطاب للبرهان، اشترط خلاله دمج قوات الدعم السريع في الجيش، للمضي في الحل السياسي.

وقال خلال مخاطبته الخميس، مراسم زفاف جماعي في ولاية نهر النيل، شمال البلاد: إذا كانت هناك أي جهة تتخيل أنها يمكن أن تخيف الجيش أو تهزمه نقول له أنت مخطئ. الجيش يقاتل منذ 100 سنة لم تهزمه أي جهة، أنت قد تقتل البرهان أو قادة الجيش لكن الجيش موجود وسيمضي في الاتجاه الصحيح.

وأشار إلى جهات قال إنها تخادع الناس وتقول إن الجيش فيه “كيزان” “إسلاميون” كله كذب، الجيش ليس فيه “كيزان” أو إخوان مسلمون.

وشهدت الأيام الماضية، معارك تصريحات بين البرهان وحميدتي، وسط مخاوف من زيادة الشقاق بين الجانبين، بينما برزت المواقف المتباينة للقائد العام للجيش السوداني ونائبه حول الاتفاق الإطاري، حيث يدعم الأول توسيع قاعدة المشاركة، بينما يتمسك الثاني بالأطراف التي نص الاتفاق الإطاري على مشاركتها في العملية السياسية، أي قوى الثورة وقوى الانتقال والحركات المسلحة.

 

تباين الآراء!

اختلفت مواقف الأحزاب حول تصريحات دقلو اعتبر حزب الأمة القومي تصريحات حميدتي موضوعية وتصب في مصلحة الانتقال وقال مساعد رئيس حزب الأمة القومي عبد الجليل الباشا رئيس لجنة السلام بالحرية والتغيير لـ(اليوم التالي) أمس إن خطاب حميدتي عبر عن القضايا المنصوص عليها ضمن الاتفاق الإطاري وأهمها الجيش المهني وتابع الباشا: أن تأكيد نائب رئيس مجلس السيادة على تسليم السلطة للمدنيين مؤشر مهم لسلامة الانتقال ولفت الباشا الآ أن السيد دقلو عرف بحفظه لمواثيق الإطاري وحرصه على انتقال سلس ما يجعل تصريحاته جلها تؤخذ ماخذ الجد لدى السودانيين.

 

ومن جهته وصف الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي، عادل خلف الله، إن نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) يُحاول أن يطرح نفسة مُخلصاً للسودان.

وشدد خلف الله في تصريح صحفي أمس على ضرورة شروع نائب رئيس مجلس السيادة في إقناع من تحالف معهم على تقويض الانتقال بالإعلان عن خطوات عملية بتسليم السلطة لممثلي الشعب ودون مراوغة بدعوى “اتفقوا” ـ بحسب تعبيره.

وتابع: “على حميدتي أن يقوم بذلك بدلاً عن تقمص مشهدية المنقذ، وأشار إلى أن الخطاب الذي بثته فضائية بي بي سي حمل عدداً من التناقضات.

مخاوف دولية !

فيما وصف أستاذ العلوم السياسية عبد القادر محمود صالح تواتر التصريحات من قادة المكون العسكري بشقيه القوات المسلحة والدعم السريع برسائل لتأمين المواقف، وأضاف صالح لـ(اليوم التالي): يبدو أن هدفها معلوم حتى إلى مبتدئي علم السياسة، هي تصريحات تأتي في سياق فشل السياسيين في إدارة المشهد السياسي وتركه لقادة المكون العسكري الذين أصبحوا محنكين أكثر من غيرهم في ضفة المكون المدني الغارق في صراعاته الصفرية.. تصريح الفريق حميدتي يؤكد حقيقة أن الدعم السريع يقف وبكل صلابة مع التحول الديمقراطي والبناء المدني للدولة وفق شروط الرباعية الدولية التي تمخض عنها ما يعرف بالتسوية السياسية، ومن تصريحه الداعم للاتفاق الإطاري يبدو أن الدعم السريع قد وجد ضالته من خلال استرداد ثقة الجماهير بالوقوف مع تطلعات الشعب وثورته حتى الوصول إلى السلطة المدنية والتي لا شك سيكون الدعم السريع جزءاً من طاقم حراستها وحراسة مصالحه المتشعبة.

ومضى: إن مؤسسة الدعم السريع أصبحت مؤسسة ذات تأثير كبير في المشهد الاقتصادي والسياسي ومسألة دمجها في القوات المسلحة ربما تأخذ ذات الكيفية التي وجدت عليها باعتبارها جزء لا يتجزأ من القوات المسلحة وتتبع لمؤسسة الرئاسة بشكل مباشر، على هذا النحو يمكن فهم دمج الدعم السريع كما اقتضاه الاتفاق الإطاري مع بعض التجريح في الملامح العامة لتلك الوضعية التي نشأ عليها الدعم السريع.

ولفت صالح إلى مخاوف إقليمية ودولية بشأن عودة الإسلام السياسي على ظهر أحد طرفي المكون العسكري ومضى: تصريحات حميدتي لم تخف تلك المخاوف حيث أشار وبشكل صريح إلى عناصر النظام السابق وتخطيطهم للفتنة الجارية الآن لتخريب السودان وحرقه على هدى سياسة (على وعلى أعدائي) ومن ثم هدم المعبد بكامله ليتسنى لهم العود الخبيث!

وزاد خلال تصريحات حميدتي وإشارته للحركات المسلحة غير الموقعة يبدو أن مظلة الاتفاق الإطاري تتجه للاتساع لتشمل عبد الواحد وعبد العزيز لتعزيز الفترة الانتقالية الجديدة وصولاً إلى استقرار سياسي دون مجموعات الإسلام السياسي، للوصول إلى ذلك الهدف تبقى عملية دمج المليشيات وقوات الحركات هي المدخل إلى تأسيس مؤسسة عسكرية وطنية جديدة قوامها السودان الجديد.

 

بين خطابين!

من جهته قال رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة القرآن الكريم وتأصيل العلوم د. عبد العزيز حسين العوض لـ(اليوم التالي) أن دقلو في خطابه مباشر لأول مرة للشعب السوداني قال: قررت أن أشارك شباب ثورة ديسمبر في التغيير، ولكن وقعت في أخطاء كثيرة من ضمنها دعمي لانقلاب ٢٥ أكتوبر.. وكان أكبر خطأ. أعتقد مثل هذا التصريح أو الخطابات السياسية لها تأثيرها الإيجابي على الواقع السوداني، ويسعى لبناء الثقة بين النخب السياسية والقوى الاجتماعية بالأخص شباب الثورة، وبهذه الصورة الخطاب يدعم عملية التحول نحو الديمقراطية، وله تداعيات إيجابية على العملية السياسية في المستقبل القريب، لكن ما لم ينزل الخطاب على أرض الواقع السياسي يكون مجرد استهلاك سياسي فقط لا غير.

واعتقد عبد العزيز ما هو إيجابي في الخطاب يتمثل في التأكيد على تناول الخطاب إشكالية تأخر العملية السياسية ودمج قوات الدعم السريع وتأكيد الحل في الإطاري.

وشدد على ضرورة توقيع اتفاق نهائي واعتبر التوقيع على الاتفاق الإطاري أكبر التحديات التي تواجه اللاعبين في مسرح السياسة السودانية.

ومضى في حديثه: الخطاب أشار الى بناء علاقات دولية قائمة على التعاون والتبادل ومبدأ السلام العالمي وهذا تحول في الخطاب السياسي السوداني بصورة إيجابية أتمنى يترجم لأرض الواقع.

وتابع: الخطاب عبارة عن رسالة حميدتي بأن الاتفاق الإطاري هو الأساس وأن العملية السياسية ستكتمل.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب