ملف الجنائية.. مواجهة جديدة مع مجلس الأمن

الحرية والتغيير: رفض السلطات لمدعي الجنائية مقابلة البشير (سلوك كيزاني)
قانوني: رفض السلطات للمدعي مخالفة لقانون مجلس الأمن الدولي
تحقيق: رفقة عبد الله
رفضت السلطات وصول محققي المحكمة الجنائية الدولية لمقابلة الرئيس المعزول عمر البشير، يضع السودان في مواجهة جديدة مع مجلس الأمن والمجتمع الدولي خاصة وأن الأخير فوض المحكمة الدولية لمتابعة قضايا الانتهاكات في دارفور وجرائم الحرب التي يواجه بموجبها عدد من قادة الإنقاذ تهماً أدت بهم إلى المحكمة الجنائية الدولية والتي يمثل أمامها حالياً المتهم علي كوشيب بـ(لاهاي)، والخطوة الحالية بعد رفض السلطات لمقابلة وفد الجنائية للبشير أمر يعتبره قانونيون أنه امتداد لسلوك النظام البائد وتضليل للعدالة.
رفض السلطات
وأبلغ المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان مجلس الأمن الدولي أن السلطات السودانية رفضت وصول محققي المحكمة إلى الرئيس المعزول عمر البشير المحتجز حالياً في الخرطوم.. جاء ذلك في جلسة بمجلس الأمن الدولي في نيويورك أمس الأول الاثنين، لمناقشة التقرير الـ35 للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بشأن الأنشطة التي قام بها خلال الفترة من يناير الماضي إلى مطلع أغسطس، وحول هذا قال الخبير القانوني بمركزية الحرية والتغيير عبد المطلب عطية لـ(اليوم التالي) إن هذا يدل على عدم رغبة السلطات في التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية وتسير في ذات نظام المخلوع عمر البشير، واعتبر هذا الرفض تضليل للعدالة وتسييس للقضاء.
تعهدات بتحقيق العدالة
وتعهد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم أسد خان، تحقيق العدالة النزيهة لضحايا الحرب التي شهدها إقليم دارفور غربي البلاد لسنوات، وقال خان الذي أنهى زيارة للسودان أمس: زيارتي إلى دارفور لأول مرة لتأكيد المسؤولية وخدمة العدالة بكل شرف ونزاهة ولمساعدة السودان للتعامل مع الإشكالات التي يواجهها مع المحكمة ووصل المدعي إلى البلاد يوم السبت في زيارة رسمية تستمر لخمسة أيام من المقرر أن يلتقي خلالها مسؤولين في الحكومة بخصوص قضية دارفور، وغادر إلى ولاية جنوب دارفور، وتعتبر الزيارة هي الثالثة للمدعي العام للمحكمة الجنائية للسودان بشكل عام، والثانية للمدعي الحالي كريم أسد خان، حيث زار البلاد في أغسطس من العام الماضي برفقة وفد على رأسه كبير محامي الادعاء جوليان نيكولز، وقابل خلال زيارته مسؤولي الحكومة الانتقالية الذين أطاحتهم إجراءات (25) أكتوبر الماضي بعد شهرين من زيارة المدعي العام.
مواجهة جديدة
السودان في مواجهة جديدة مع مجلس الأمن بعد عدم التعاون مع محقق المحكمة الجنائية من قبل السلطات السودانية، هذا ما تؤكده القانونية رنا عبد الغفار منوهة الى أن رفض السلطات للمدعي العام للمحكمة الدولية من مقابلة الرئيس المخلوع عمر البشير يعتبر مخالفة لقانون مجلس الأمن الدولي ويضع السودان في مواجهة جديدة معه ويفقد السودان مصداقيته مع المجتمع الدولي، مؤكدة في حديثها لـ(اليوم التالي) أن الحكومة ملزمة بتسليم البشير للجنائية وهذا قانون وليست له علاقة بالسياسة، وأن البشير لديه الكثير من التهم الموجهة إليه ومتهم بارتكاب جرائم في حق الإنسانية ويجب تسليمه وتحقيق روح القانون، لافتة الى أن ما حدث في (25) أكتوبر أيضاً مخالفة للقانون، وواجب الجيش الحماية وليس تطبيق القانون وهذا تخصص وزير العدل ورئيس القضاء السوداني، ويجب إبعاد القانون عن السياسة وأن القانون والتشريعات ليست لها علاقة بالسياسة.
ملفات التحقيق
وبحث خان في زيارته الأولى مع الحكومة، سبل التعاون حول ملف التحقيقات المتعلق بقضية دارفور وجرائم الحرب ووقع مذكرة تعاون معها بعد مصادقتها على نظام روما الأساسي، فيما علق على الإطاحة بالحكومة المدنية في أكتوبر الماضي بتقريره إلى مجلس الأمن أن الأحداث التي شهدها السودان وما ترتب عليها من انعدام الأمن وعدم الاستقرار، تشكل انتكاسة تطرح تحديات إضافية لعمل المحكمة في السودان، وتطالب المحكمة الجنائية الدولية بتسليم الرئيس المخلوع عمر البشير، لاتهامه بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية برفقة أربعة آخرين هم: أحمد هارون وعبد الرحيم محمد حسين وعبد الله بندة وعلي كوشيب الذي سلم نفسه في يونيو من العام الماضي ويواجه (31) تهمة ووصلت محاكمته إلى الدائرة الابتدائية في إثبات التهم وتستمر جلسات الاستماع حتى، وقال المدعي العام في كلمته -عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من السودان – لأعضاء المجلس: “إنني موجود في السودان الآن بغرض تقوية أسس عملنا المشترك لتحقيق مبدأ المحاسبة. وأضاف أن التعاون من قبل السلطات السودانية أمر ضروري إذا أردنا تحقيق عدالة ناجزة لضحايا دارفور، وتابع: “تتواصل التحقيقات بشأن أوامر القبض المتعلقة بعمر البشير وعبد الرحيم حسين وأحمد هارون، وهم رهن الاحتجاز في الخرطوم”.
بسبب الخوف
وفي سياق متصل القيادي بالحرية التغيير بشري الصائم قال إن رفض السلطات للمدعي العام من أجل سبيين، الأول الخوف من تفشي معلومات جديدة تفيد المحكمة الجنائية والخوف من كشف هؤلاء الأشخاص الذين يحكمون الآن وعن معلومات أكثر”، مضيفاً في تصريح لـ(اليوم التالي) أن هذه المسألة غير قانونية، وهي سياسية، ومن حق عمر البشير مقابلة الجنائية كمتهم، والسبب الثاني قد يكشف قضايا جديدة مرتبطة بعدد من الأشخاض إذا مدنيين أو عسكريين، فمن مصلحة المؤتمر الوطني والعسكرين منع البشير من مقابلة المدعي.
قائمة المطلوبين للجنائية
وتضم قائمة المشتبه بهم إضافة إلى عمر البشير وعلي كوشيب وزير الدفاع الأسبق عبد الرحيم محمد حسين والقيادي السابق في حزب المؤتمر الوطني أحمد هارون، وتشمل التهم الموجهة إليهم جميعا تنفيذ عمليات قتل خارج إطار القانون طالت أكثر من 260 شخصاً واغتصاب عشرات السيدات، إضافة إلى أعمال نهب وحرق وترويع آلاف السكان في غرب دارفور، وقال خان: “طلب مكتبي الوصول إلى المشتبه فيهم عن طريق السلطات المختصة في الخرطوم، ولكن هذا الوصول لم يتحقق، ولكنني سأواصل التحقيقات بشأن أوامر القبض تلك”. واعتبر أن “بدء إجراءات المحاكمة في الدعوى المقامة ضد علي محمد علي عبد الرحمن (المعروف باسم علي كوشيب) بمثابة لحظة فاصلة للعدالة في دارفور وللعلاقة بين المحكمة الجنائية الدولية ومجلس الأمن، ويواجه كوشيب 31 تهمة، من بينها ارتكاب جرائم حرب وعمليات إبادة جماعية ضد المدنيين في دارفور خلال عامي (2003 ـ 2004). واستدرك خان قائلاً: “من الضروري التركيز الآن على ضخ المزيد من الزخم في التحقيقات الجارية بشأن المشتبه فيهم الذين صدرت بحقهم أوامر بالقبض عليهم، ولكن لم يتم تنفيذها حتى الآن”.
تعليق السلطات
ولم تصدر السلطات السودانية حتى الآن تعليقاً فورياً على تصريحات خان بشأن البشير الذي يحاكم حالياً محلياً على ذمة عدة قضايا، أهمها “انقلاب 1989”.
وفي 2003 اندلع في إقليم دارفور نزاع مسلح بين القوات الحكومية وحركات مسلحة أودى بحياة حوالي 300 ألف شخص وشرد نحو 2.5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة، وأحال مجلس الأمن ملف دارفور إلى المحكمة الجنائية بموجب القرار 1593 الصادر عام 2005، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يحيل فيها المجلس قضية إلى المدعي العام لتلك المحكمة.

 


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب