عقدة اللون الأبيض في السودان

 

نهى محمد الأمين أحمد

nuha25@yahoo.com

 

لا شك أن التزاوج والتمازج بين العرب الأفارقة؛ والذي كان نتاجه السودانيون، قد جعل لهم خصائص ميزتهم عن غيرهم من الشعوب، والله سبحانه وتعالى جعل البشر شعوباً وقبائل ليتعارفوا، وأنا على قناعة تامة، بدون انحياز للهوية، أن الشعب السوداني يمتلك الكثير من الصفات الجميلة التي جعلته يكسب محبة واحترام الشعوب، ومؤكد أن الهجين الآفروعربي كان له دور في صياغة الشخصية السودانية، هذا هو الجانب المشرق من الموضوع، من الجانب الآخر نجد أن هذا الدم المختلط، والهوية المتأرجحة بين العروبة والأفريقية، أثرت سلباً على الكثيرين،

فاستبسلوا في التنصل من الدم الأفريقي والتمسك بالعروبة، وأوضح مثال على تفشي هذا الهوس؛ هو أن السودان ربما يكون

أكبر سوق لمستحضرات تفتيح البشرة في الدول الأفريقية، بالطبع بين العنصر الأنثوي على وجه الخصوص، وجميعهن يرغبن في بشرة بيضاء، ويتعرضن لكم هائل من المخاطر والمجازفات جراء استخدام مواد كيماوية غاية في الخطورة، ومع تطور العلوم، تطورت المستحضرات وتنوعت بين حقن، وحبوب وكريمات، وجميعها قد تتسبب في ضرر جسيم، والأكثر خطورة هي الحقن بالطبع، لسهولة سريانها في الدم، وكم من القصص المحزنة عن فتيات صغيرات أدى استخدامهن لهذه المستحضرات إلى نتائج كارثية مأساوية.

هذا من جانب، من جانب آخر، موضوع الهوية المبعثرة هذا موضوع جدير بالاهتمام، التحليل والوصول إلى أسباب هذه الإشكالية التي تؤرق السودانيين، وهو إثبات عروبتهم على الدوام، والتنصل من إفريقيتهم، والناظر بحيادية وموضوعية، يجد أن الدم الأفريقي هو الغالب على الإنسان السوداني، وحتى بحسابات بسيطة نستطيع أن نرى الملامح الأفريقية هي الغالبة على سحناتنا كسودانيين،

وبالرغم من أن مواطني الجارة أثيوبيا هم الأقرب لنا في الملامح، حيث يحملون هذه السمات الهجين، فقد اختلطوا هم أيضاً مع العرب، الإيطاليين وبعض الجنسيات الأخرى المختلفة، ولكنهم يختلفون عنا في أنهم يعيشون تصالحاً وسلاماً داخلياً مع سحناتهم الأفريقية وسحناتهم

المختلفة، وخلال زياراتي لعدد من الدول الأفريقية، لاحظت أن هذا الهوس بالحصول على بشرة بيضاء اللون يكاد يكون معدوماً، وكم من فتيات سوداوات البشرة وفي منتهى الجمال،

ومنذ زمن بعيد شن العالم بأسره حملة على العنصرية البغيضة التي تفرق الناس بالعرق واللون، وبالرغم من أن مفهوم العنصرية ما زال سائداً في قناعات الكثير من الناس في دول أوروبا وأمريكا، إلا أنهم – شاؤوا أم أبوا – يرضخون

لحكم القانون الذي يعرض العنصري لأقصى العقوبات الصارم، ولا يستطيع أي أحد كان أن يسلك سلوكاً يحتوي تلميحاً أو شبهة تعنصر،،

رجوعاً إلى موضوع السودان، والمعركة التي يخوضها الكثيرون لإثبات عروبتهم، صراحة هي معركة من غير معترك، فلمن يهمهم هذا الأمر (كل من تحدث العربية فهو عربي)، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى المحبة والتقدير الذي يلقاه السوداني في الدول الأفريقية، تقابله نظرة استعلائية عند الكثير من العرب إلا من رحم ربي،،،


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب