شيء في سطري .. دشنته دمعة ثم ضحكات مجلجلة 

شيء في سطري .. دشنته دمعة ثم ضحكات مجلجلة

إبراهيم أحمد الحسن

لم أندهش، وقد وجدت السودان كله يجلس على مدرجات قاعة الشارقة بالخرطوم حيث كنا ندشن (شيء في سطري).. كنت أخاله سطر واحد، فإذا بسطورٍ كثيرة تبرز في المُحيا والجبين وسيمياء الوجوه.. السودان حضر برمزياته العالية ورموزه المحببة، القاسم المشترك الأعظم بينهم كانت تلك الابتسامات المضيئة والتي أشرقت بها وجوه الحضور.. وكنت بينهم الضيف وهم (وأصحاب الدار) أصحاب دار وناس بيت. عندما صعدت إلى المنصة لأقول كلمتي عن (الكتاب) نظرت الى الوجه أمامي فإذا بسيل من الابتسامات ترنو الي، تفيض لتغمر المكان، تركت الكلمة جانباً وطفقت أتحدث على السجية ومن جوة ضميري أرسلت كلماتي، تجاوزت السطر الذي يجيش في صدري، والذي خرج في سفور باذخ الى الملأ في قاعة الشارقة ولم أستطع أن أخبئه أمام سطوة المشاعر التي فاضت تغمر المكان. لم أندهش وأنا أرى معظم شخوص شيء في سطري يجلسون أمامي، كثير منهم بلحمه ودمه وبعضهم برمزية السودان العالية تتبدى في الملامح والتقاطيع في خطوط طول وعرض الجغرافيا الجميلة في البلد الجميل. تحدثت على السجية وجاء كلامي كما جاء بلا تنميق.

غابت المراسم وطقوس البروتكول عن المكان تماماً يوم التدشين وأسعدني ذلك، بعض العلماء ونجوم المجتمع جلسوا في آخر القاعة يبتسمون في حبور، بعضهم جلس في الصف الأول، وفي وسط القاعة جلس الأصدقاء من الإعلاميين وأصحاب السطور مكتوبة، مسموعة ومرئية وبلغة الإشارة والرمز.

توزع السودان على المدرج وجلس أهل السطور غير بعيد. احتفظت بالمقامات والألقاب وبذلت حديثي بلا مراسم أو طقوس وبلا تراتيبية. كلهم كانوا أحبابي، وبلا مبالغة إن قلت أصدقاء. أصدقاء لي مع كل من كان بالقاعة قصة وحديث وحكاية ومسامرات ونصوص، كلهم بلا استثناء.

لون الحزن كلماتي عند رؤيتي لفلذة كبد الراحل أمجد مع أسرتها تجلس في وسط القاعة وهي تنصت بانتباه أُحدث الحضور عن رحيل أمجد.. الذي هزّ المشاش وبعثر قلبي رماداً، أما خالد فقد لوح لي من آخر القاعة بيد ثم أخفى بيده الأخرى دمعة رأيتها تطْفُر ولم يستطع لها مواربة عندما حدثت الحضور عن ما كتبت عن شفيعته إيثار.

الابتسامت تتسع ثم تتحول إلى ضحكات مجلجلة حين أشرت الى (واجد زين نفرات)، والى (خمسة لينية) ثم عند (تُر الراء جاتك). هذا هو السودان كما رأيته ساعة (شيء في سطري) ضحكاته قريبة ودموعه أقرب. بالطبع لن أشكر من حضر بالاسم والألقاب والمقامات، بل أُزجى الشكر كله للسودان عموم وقد كان حاضراً بكلياته في قاعة الشارقة بالخرطوم.

ولكن دعوني أختار من بين ألف صورة وثقت لحفل التدشين صورة معبرة لصديقي فنان الحدادة الأول وتشكيل الحديد ومبدع تصاميمه عبدالحفيظ رابح – وقد وجدته يجلس في الصفوف الأولى – ليس لأنه فنان يجيد صنعته، يحبها ويبدع فيها فحسب، وليس لأنه صديقي فالكل أصدقاء، بل لأنه هو بطل، موحي وملهم قصة وحكاية (خمسة لينية) التي انتزعت الضحكات مجلجلة يتردد صداها في قاعة الشارقة بالخرطوم عند تدشين شيء في سطري.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب