العنف يُذْكي أزمة “السودان”.. من وراء الاعتداء على التجمعات السلمية؟

تقرير: محجوب

لم يبارح العنف والعنف المضاد الساحة السياسية السودانية خاصة بين القوى اليمينية واليسار في الجامعات وسحات الفعل السياسي الأخرى، ورغم محاولات ثورة ديسمبر تغيير المفاهيم ونبذ العنف بسلميتها التي شهد بها العالم، بدأ لهب العنف والاعتداء على التجمعات السلمية يتصاعد مؤخراً، إذ سبق وأن تم الاعتداء على مؤتمر صحفي للحرية والتغيير في منبر سونا في سبتمبر الماضي، والاعتداء على نقابة الصحفيين، وآخرها الاعتداء على ورشة الإطار الدستوري بدار المحامين في أغسطس الجاري، وحمل متحدثون لـ(اليوم التالي) السلطات والإخوان المسلمين مسؤولية الاعتداء على الحضور السلمي، وأشارو إلى إمكانية التعبير عن الاعتراض والرفض بشكل حضاري على غرار ما يفعل الثوار في وقفاتهم الاحتجاجية، وحذروا من خطورة العنف الذي يفضي إلى صراع سياسي في المستقبل القريب، ورهنوا الخروج وإنهاء العنف عبر اتحاد القوى السياسية وإنهاء الانقلاب، ويبقى السؤال الاعتداء على التجمعات السلمية.. من المسؤول؟

رسالة للشعب
وأوضح القانوني والقيادي بالحرية والتغيير عروة الصادق أن الاعتداء على التجمعات السليمية يحمل رسالة للشعب السوداني والمنطقة والإقليم والعالم بأنهم لم يتراجعوا عن نهجهم العنيف المتطرف والرافض للآخر والديمقراطية والمنتهك لحقوق الإنسان، سيما وأنها قناعات مترسخة حتى وسط قطاعاتهم الحقوقية وقال: من حرض على إحداث العنف هو أحد عناصر النظام المباد القانونيين بثوب متطرف إرهابي، وبحسب القانوني في حديثه لـ(اليوم التالي) أن العنف سمة ملازمة للحركة والتنظيم طوال الثلاثين سنة العجاف من حكم المخلوع، بالإضافة إلى أنهم يرون أن العنف أقصر الطرق للحكم، ولكنه أبعدها عن الحق، فالجبان وحده من يتوارى خلف آليات العنف والجماعات الإرهابية وفق تعبيره، ورهن إسكات صوت العنف والإرهاب في السودان إلى الأبد عبر التوحد بسرعة وبشكل عاجل لإنهاء الانقلاب وتجريد المنظومة الإخوانية والإرهابية من كافة موارد الدولة المسخرة للعنف ونزع جميع أدوات الصراع منهم، علاوة على تفكيك بنية النظام البائد التنظيمية في السودان.

وسيلة عاجز
واتهم القيادي بالتغيير منظومة الإخوان وجماعات النهب والتهريب واللصوص والمفسدين وتحالف الأضداد باستخدام العنف والعدوان على نشاط النقابات وذلك لوأد وإطفاء قنديل الوعي والحرية والديمقراطية، وقال إن الاعتداء يتم بعلم وإشراف السلطات، وتحت حماية وتوجيه بعدم احتجاز أي من مثيري العنف والشغب، لجهة أنه امتداد لمحاولات الاعتداء على المواكب عبر عصابات معلومة المنشأ، وأضاف أن الاعتداء لن يكون الأخير، لأنه يتم برعاية الانقلاب وتمويل من مكتب رئيس الانقلاب وبتخطيط وإشراف مستشاريه وتنفيذ عصاباته الأمنية وكتائب ظله الإرهابية وذكر أن العنف وسيلة العاجز على حد قوله، وأكد عروة أنهم لم يعتدوا بالعنف والعدوان على مبادرات أو فعاليات أو اجتماعات الحركة الإخوانية وجماعات اعتصام القصر، ولم نُعِر أنشطتهم بالاً لأنها ظلت على الدوام تحمل بذور فنائها في أحشائها.

إفلاس سياسي
فيما وصف الحزب الشيوعي الاعتداءات على الفعاليات السلمية بأنها نوع من الإفلاس السياسي وامتداد لعنف جماعة الإخوان المسلمين في جامعة الخرطوم منذ الستينيات ما يؤكد أنهم لا يستطيعون العمل في الأجواء الديمقراطية أو قبول الآخر ورأيه فضلاً عن أنهم وراء خطاب الكراهية، وقال الناطق الرسمي للحزب فتحي الفضل لـ(اليوم التالي) إن الإخوان المسلمين أدخلوا العنف في العمل السياسي والنقابي قبل الاعتداءات على الاجتماعات أو المظاهرات، وطالب القوى السياسية بإدانة ما وصفه بإجرام الإخوان المسلمين وهجومهم على المواكب والتجمعات والاجتماعات والورش، ودعا السلطات للقيام بدورها وحماية التجمعات السلمية.

التعبير بشكل حضاري
وفي السياق ذاته يرى المحلل السياسي عبدالقادر محمود أن المجموعات التي اعتدت على الفعاليات السلمية لها رؤية سياسية أقرب إلى اليمين وتؤيد السلطة العسكرية القائمة فضلاً عن أنها جزء من مبادرة أهل السودان للوفاق الوطني، كما رشح في وسائط التواصل الاجتماعي، وقال محمود في إفادة لـ(اليوم التالي) إن المجموعات تخشى من حدوث تغيير في بوصلة المشهد السياسي في اتجاه عكس مصالحها في حال خرجت الورشة بإجماع وتوافق حول الإطار الدستوري يؤسس لإدارة ما تبقى من الفترة الانتقالية الأمر الذي يبدو مزعجاً للقوى الاجتماعية والسياسية الداعمة للمبادرة والسلطة الانقلابية ما يقود لتبديد فرصة بقائها في وضع الحاضنة الممثلة للسلطة الانقلابية، وأشار إلى إمكانية التعبير عن رفض والاعتراض بشكل حضاري على غرار ما يفعل الثوار في وقفاتهم الاحتجاجية برفع الملصقات المعبرة عن الرفض، إلا أنهم عبروا بطريقة غير لائقة ولا تشبه ثقافة وروح الثورة، وبحسب المحلل السياسي أن الأسلوب الذي وصفه بغير المحترم ينذر بخطورة وأن يفضي إلى صراع سياسي في المستقبل القريب وذلك لأن هذا السلوك سيؤسس إلى مزيد من العنف والعنف المضاد في الساحة السياسية وأن وضع البلاد الراهن لا يقبل مزيداً من التشنج والصراع السياسي الصفري، وتابع أن القوى السياسية السودانية لم تستوعب درس التغيير الذي أعقب ثورة ديسمبر العظيمة والتي جاءت تحمل ثقافة جديدة للممارسة السياسية القائمة على الحرية والسلام والديمقراطية في مناخ يسوده التنافس السياسي الذي يضع المؤسسية في سلم أولوياته بدلاً عن الصراع السياسي الذي قاد البلاد إلى التخلف وأعاق تقدمها كما الدول الأخرى.

إدانة محلية ودولية
وفي وقت سابق اعتدت مجموعة مسلحة بالعصي والهراوات على المشاركين في ورشة الإطار الدستوري الانتقالي المقامة في دار المحامين السودانيين، قبل أن يتم السيطرة على الأوضاع وإبعاد المهاجمين، وأدان الاتحاد الأوروبي، في بيان له أعمال التخريب التي حدثت خلال الحوار بشأن الترتيبات الدستورية الانتقالية الجديدة وقال إن العنف ليس الجواب، داعياً جميع الجهات السياسية والمدنية على المساهمة بالطرق السلمية في إعادة السودان إلى مسار الانتقال الديمقراطي، وأعلنت دول الترويكا، عن رفضها محاولة تعطيل ورشة نقابة المحامين، عن طريق العنف، ومن جهته قال رئيس بعثة الأمم المتحدة في الخرطوم فولكر بيرتس، في تغريدة على موقع توتير إن الهجوم على ورشة العمل غير مقبول، ومن يستخدم العنف لمنع اجتماع سلمي لا يسعى إلى إجماع وطني، وبدورهم، أعلن محامو الطوارئ عن عزمهم اتخاذ إجراءات قانونية في مواجهة المهاجمين على الورشة، وأدانت هيئة محامي دارفور ما قالت إنه أفعال تُشكل جرائم جنائية في القانون الجنائي وقوانين أخرى منها قانون الأسلحة والذخائر وقانون جرائم المعلوماتية، وطالبت نقابة المحامين بإجراء تحقيق مع من ارتكب الأفعال الجنائية أو حرض على ارتكابها في الوسائط أو شارك في تنفيذها؛ وتطبيق قانون المحاماة ولوائحه على كل ما ثبت صلته بمخالفة أخلاقيات المهنة ومشاركته في الأفعال الجنائية.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب