رئيس الوزراء القادم … المواصفات المطلوبة

تقرير : الخواض عبدالفضيل
منذ أكثر من ثمانية أشهر ظل السودان بدون رئيس مجلس وزراء يقود البلاد في الفترة الانتقالية التي تترنح دون تحديد سقف زمني لها، حيث أصبح المشهد السياسي قاتماً ملبداً بالعتمة، غير أن جموع الشعب أصابها فقدان الأمل بأن ينبلج الصباح مرة أخرى في أن تكون له حكومة رئيس وزراء يدير شؤونه.
كثرت المبادرات السياسية من كل التحالفات والأحزاب ولا تخلو كل هذه المبادرات عن وصفة رئيس مجلس الوزراء، تبدو هذه المواصفات في ظاهرها وطنية لكن في محتواها الشخصية المختارة من مقدمي المبادرة أنه يمثلها، وتريد أن ينفذ لها برنامجها في فترة انتقالية الكل فيها سواء، فلابد أن يتواضع الكل في التوافق من أجل اختيار رئيس وزراء متفق عليه من العامة، للوصول إلى ذلك الاختيار، فماهي المواصفات الشخصية المطلوبة لرئيس مجلس الوزراء القادم في السودان ؟
عقل سياسي
أكد المحلل السياسي والباحث في العلوم السياسية احمد عابدين – خلال حديثه ل(اليوم التالي)- على أنه لا يحتاج رئيس الوزراء القادم لقيادة ماتبقى من الفترة الانتقالية لمواصفات فقط، وإنما يحتاج أكثر وبشكل أساسي لوجدان وطني موحد، فخطاب الكراهية والتخوين مضى في نفوس الناس طويلاً ومزقهم لجماعات، وضرب المؤسسات وحولها لجزر معزولة، وغاب الحس الوطني وتراجع للدرجة الرابعة؛ بحيث الآن ليس من سلم أولويات القوى المدنية شيء إسمه الوطن، وتابع.. منصب رئيس الوزراء القادم يحتاج إلى موظف وطني وأستاذ وطني وعامل وطني بل حتى لمكانيكي وطني، وزاد.. كما يحتاج لعقل سياسي جمعي يتفق معه على الخطوط الحمراء ويحتاج لقوى أمنية ليس لديها أطماع سياسية، ومتعاونة لأقصى حد، ويحتاج لدستور قوي ومعقد متفق عليه حتى لا يتم اختراقه من أي فئة كانت، فلا توجد جمعية خيرية بلا دستور، فكيف لك أن تدير دولة بلا دستور. مشدداً على وجود قضاء مستقل وليس مستغل، ولحركة فنية ورياضية واجتماعية تحمل الرسائل الوطنية للشعب في المنازل. ومضى.. هذا كله يحتاج لرئيس وزراء من نوع خاص مشبع بخبرات ثرة وعلاقات داخلية أولاً، وعقل جبار لخلق علاقات خارجية وأن تتوفر فيه صفات يطلبها السودانيون، الشجاعة والجهر بالحق والبعد عن العنصرية والانتماء لكامل تراب الوطن؛ بحيث لا يصنف لإقليم من أقاليم السودان لئلا يتحول مكتبه لخلية نحل للأقارب والعشيرة والقبيلة، وأن تتوفر فيه الكفاءة والمهنية والزهد وعفة اللسان.
مستحيل وعسير
وأضاف عابدين.. في ذات الوقت أن يكون لديه الحسم وإجادة تقديم المبادرات وحمايتها ومتابعتها، وأن تكون لديه قناعة بتأسيس عملية سلام شاملة، وأن يكون من الذين يستطيعون قول لا لأي محاولة خارجية للتدخل في شؤون البلاد، وأن تكون لديه المقدرة على الخطاب الجامع ليضع حداً لمحاولات تفكيك وتمزيق السودان لدويلات، وفوق ذلك كله يجب أن تتوفر فيه صفات تطمئن المؤسسة العسكرية وتشحذ همتها للثقة فيه والعمل معه، وأن تكون لديه المقدرة على معايشة ومعاشرة الأحزاب بمسافة واحدة، وأن يجبرها على سماع صوت الجماهير وليس صوت أطماعها في الكراسي، وأن يقنعها بأن طريق ذلك هو الانتخابات وليس (طق الحنك) والتنافس على كفن جثة الوطن .
وقال عابدين.. ليس خطيراً أن يكون لديه انتماء سابق ولكن هل لديه المقدرة على التحكم في الميل القلبي وليس خطيراً أن تكون لديه ايدلوجيا؛ ولكن هل لديه الشجاعة على تأجيلها لما بعد مرحلة التأسيس لوطن جامع، جازماً بأننا كسودانيين نحتاج لبناء وطني من الصفر ويجب أن لا نخدع أنفسنا أن هنالك وطن يحتاج لترميم بل نحن لدينا رابطة وطنية هشة ونخبة فاسدة وانتماء لأفكار بعضها عفا عليه الزمن والأخرى أفكار مراهقة تعمق لقيم الاختلاف أكثر من قيم التسامح، وختم بالقول.. مواصفات رئيس الوزراء القادم ليست مستحيلة ولكنها عسيرة.
شخصية كارزماتية
يقول المحلل السياسي الدكتور راشد التيجاني رئيس مركز الراصد للدراسات والبحوث في حديثه ل(اليوم التالي ): أي اختيار لأي منصب من المناصب لابد أن تكون الشخصية تتصف بالكاريزما والقيادة والتأثير في الآخرين، و تابع.. الحالة التي يعيشها السودان بعد استقالة رئيس مجلس الوزراء وفراغ هذا المنصب حتى الآن، وفي ظل الانسداد السياسي يجب اختيار شخصية توافقية متوافق عليها من كل الأطراف السودانية، بحيث لا تنفرد أي جهة باختيار رئيس الوزراء. وزاد.. اختيار رئيس مجلس وزراء عن طريق جهة واحدة يخلق شيئاً من الضغط بنسبة كبيرة لرئيس الوزراء، خاصة في العمل التنفيذي، بالإضافة إلى أنه قد تسعى تلكم الجهات لينفذ لها أجندات حزبية أيديولوجية منافية للدولة، لذلك لابد من اختيار رئيس وزراء يتمتع باستقلالية كاملة من أي جهة، ويكون في حياد تام وعلى مسافة من كل الأطراف دون الميول إلى طرف، وأضاف التجاني.. على رئيس الوزراء أن يكون حاسماً في قراراته، و الفترة الانتقالية تحتاج إلى شخصية تعرف كيف تتعامل مع القرارات التنفيذية ومتابعتها، مشيراً إلى أنه لابد أن يكون رئيس الوزراء سودانياً وطنياً خالصاً يحمل الجنسية السودانية فقط، وتكون له المقدرة في تنفيذ البرنامج المقدم له ومحصور في ملفات بعينها، منها الوضع الاقتصادي المتردي والحفاظ على الأمن، بالإضافة إلى البدء الفوري في التجهيز وتكوين مفوضيات الانتخابات واستقلال الفترة المتبقية من الفترة الانتقالية دون الخوض في برامج كثيرة تنهك كاهل الفترة الانتقالية، وتعرضها لأزمات تعيق الوصول إلى انتخابات باطلة، وأشار إلى أنه لابد أن يكون اختيار الطاقم الوزاري بنفس المواصفات التي يختار بها رئيس مجلس الوزراء كذلك اختيار الولاة لابد أن يكونوا وطنيين غير منتمين إلى أحزاب سياسية، ونوه إلى أن الفترة القادمة لابد من أن تكون خالية من المحاصصة الحزبية والجميع يذهب إلى تجهيز نفسه لخوض الانتخابات واختيار البرامج التي يريد أن يتبناها لخوض السباق الانتخابي.