في بريد الشرطة 

أما حكاية

في بريد الشرطة

إيهاب مادبو

بالأمس ذهبت إلى إدارة العلاقات البينية بالصحافة بغرض تجديد جواز سفر، وقد ذهبت باكراً حتى أنهي الإجراءات في وقت وجيز، وكانت تحدوني آمال في تفاني ودقة القائمين على تلك المعاملات من موظفين ورجال شرطة.

انتظرت ساعة حتى بدأت الإجراءات وكالعادة فقد خابت ظنوني تماماً وما كنت أتوقعه من تحسن قد طرأ في الإجراءات والمعاملات واستخراج الأوراق الثبوتية بعد الانفجار الرقمي الذي أحدثته التكنولوجيا في تسهيل الكثير من المعاملات بسرعة ودقة متناهية تستثمر الوقت كقيمة اقتصادية في نمو الاقتصاد الوطني.

تأخر المسؤولون عن مواعيدهم وقد سبقهم المواطنون إلى إدارة العلاقات البينية منذ زمن كان كفيلاً بإنجاز العديد من تلك المعاملات إذا استشعر الموظفون المسؤولية والانضباط الوظيفي فيما يقومون به.

وبعد ساعات اكتظ المكان بالمواطنين وتم فتح نافذتين فقط إحداهن للنساء والأخرى للرجال، ووقف رجل الشرطة في استلام طلبات المواطنين المختلفة وتوجيههم بحسب نوع الطلب من تجديد أو استخراج جواز جديد.

وكان أن أرشدني إلى إدارة العلاقات البينية زميل يقيم بالمملكة السعودية كنت قد التقيته بالرياض وقد حكى لي معاناته في إجراءات تجديد الجواز وطلب مني الذهاب إلى العلاقات البينية لأنها وحدة خاصة تتبع لاتحاد أصحاب العمل وقد أنشئت خصيصاً لخدمة رجال الأعمال وأصحاب العمل.

وحينما كنت أنوي تجديد جوازي، فقد تملكني اليأس والإحباط من بطء الإجراءات وإهدار الوقت وأحياناً ارتفاع ضغط الدم نتيجة لسلوك أو فعل ينتزع منك الحلم والصبر كما حدث معي وموظفة الإدخال كانت قد استسلمت تماماً لمن يحادثها على الهاتف وهي ممسكة بأوراقي يد واليد الأخرى على الهاتف وبرموشها أشارت إلي بالجلوس ريثما تنهي مكالمتها المهمة.

جلست كما أشارت وأصبحت أضرب أرباعاً في أخماس وأنعي حال دولة كان بالإمكان أن تستفيد من ثورة الاتصالات والتكنولوجيا وتلجأ إلى تطبيق نظام الحوكمة الإليكترونية في ربط مؤسساتها ببعضها البعض بمختلف الخدمات التي تقدمها للجمهور بوضع الخدمة أو المعاملة في متناول يد المواطن وبذلك تستغني عن العديد من أمثال هذه الفتاة وبالمقابل أيضاً توفر الوقت والدقة والارتقاء بجودة الأداء، وبينما كنت غارقاً في التفكير سمعت اسمي وسلمني موظف آخر أوراقي وطلب مني سداد الرسوم المقررة لتجديد الجواز وهي (51,250) واحد وخمسون ألف ومئتان وخمسون جنيه وبالفعل قمت بسدادها عبر تطبيق (بنكك) على أورنيك (15)

ثم قمت مرة أخرى بحسب ما طلب مني بإرجاع الأوراق إلى ذات النافذة وقد جدت تلك الفتاة قد أنهت مكالمتها للتو وطلبت منى بهزة كتف هذه المرة أن أذهب إلى نافذة أخرى لسداد مبلغ (11,250) إحدى عشر ألف ومئتان وخمسون جنيه عبارة عن رسوم خدمة لاتحاد أصحاب العمل.

وباغتها بسؤالي ما هو مقابل تلك الرسوم على المواطن!! علماً بأن قيمة الجواز بحسب منشور وزارة المالية هي (51000) ألف فقط لا غير وكل الأقسام والمجمعات الخاصة بالجمهور تلتزم بذلك، وليست هناك أي رسوم إضافية

أجابني أحدهم بغلظة وقد اشتاط منه الغضب بأن هذه الرسوم تورد إلى حساب اتحاد أصحاب العمل المحلول بقرار سيادي من مجلس السيادة قبل فترة وبالتالي تصبح كل تلك المبالغ المودعة بحسابه غير مبرئة للذمة.

طلب مني وبقوة هذه المرة أن أذهب معه وبالفعل ذهبت معه وهنالك أدخلني إلى غرفة ثم قام بإحكام قفل الباب من ورائه ووقف بمحاذاة أنفي وهذه المرة حاول استدراجي إلى لغة يكون خطابها العصي وخراطيش المياه الموجودة بالمكتب.

استخدمت حيلة الثعلب بامتصاص غضبه وقد استعد من في المكتب إلى مهمة من نوع خاص وفي الأثناء دخل المكتب فيما يبدو ذو رتبة رفيعة للتحايا التي قاموا بها ثم تغير لهجة الحديث معي وبطلبهم لي أن أجلس على الكرسي.

سألني المسؤول مشكلتك شنو وأجبته بسؤالي عن مبلغ الـ(11,250) المضافة للرسوم المقررة للجواز، وبلطف تام قال إنها تخص اتحاد أصحاب العمل وأن المبنى قام بتشييده اتحاد أصحاب العمل على نفقته الخاصة ثم قام بمخاطبة وزارة الداخلية التي قامت بدورها باعتماده ضمن المجمعات وهو خاص برجال الأعمال وأصحاب الأعمال.

عليك أن تعرف عزيزي القارئ أن المجمع يستقبل في اليوم ما لا يقل عن الـ(500) مواطن للتجديد أو استخراج جواز جديد وبعملية حسابية دقيقة للرسوم الخاصة باتحاد أصحاب العمل (11,250) × (500) × شهر × سنة يساوي بالتقريب اثنين ديشليون.

٢٬٠٢٥٬٠٠٠٬٠٠٠ =12×30×500×11250

هذا المبلغ لو دخل الخزينة العامة لأنعش الاقتصاد المنهار ولساهم كثيراً في سد العجز والنقص في مرتبات العاملين بالدولة التي أقرت في وقت سابق وزارة المالية بعجزها عن سدادها.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب