……. محمد هارون عمر……
العالم. تحوّل لقرية واحدة بفعل ثورة الاتصالات الرقمية.. وجود هذا الكم الهائل من الأحداث والمعلومات المحلية والأجنبية، لا ريب لديه تأثير على تفكير الأديب أو الأديبة.. موضوعات شتّى تغذّي وجدان المبدع لتجعله أكثر شفافية وانفعالًا.. اختلاط المرأة بالرجل ومنافستها، بل وتفوقها عليه.. الحروب النزوح التسلط، الحرية تفشي المخدرات، واندياح البغاء والمثلية. التطرف الديني والإلحاد تطور الإعلام.. التقدم التكنولوجي.. العولمة.. جلبت المعارف والثقافة الوافدة الجديدة؛ لذا هناك قيم اجتماعية مرتبطة بالغزو الثقافي الوافد الذي يعصف ويضرب الثقافة المحلية في جذرها لتحل محلها ثقافة وافدة أو هحينة.. إذن هذا الانفتاح العالمي.. يضاعف من دور الفن.. مهمة الأديب أن يبصّر المجتمع بنقد تلك الظواهر (فنياً) وأن يشرّح. مايجري لكيلا يسقط المجتمع ويحدث الاستلاب والشروخ الوجدانية المبتذلة. عندئذ سيتحول المجتمع إلى مسخ شائه بسبب الهجمة الشرسة والتقليد الأعمى لتلك الثقافات الوافدة.. هذا يعني الاهتمام بقيم المجتمع وأصالته، علماء الاجتماع والتربية لديهم دور مكمل لدور الأدب لتحصين المجتمع من الوافد المفخخ الذي يصل بوسائط زئبقية راقية ورائعة وجذابة وساحرة وهي تحمل رسائل ذكية؛ تضعضع وتزلزل التقاليد؛ لتضمحل وتذبل عندئذ تنتهك المسلمات والمقدسات المحلية، لتحل محلها قيم جديدة يمكن أن تتكيف مع الواقع الاجتماعي السُّودانيّ في الواقع الأدب هو الحصن الحصين للمجتمع.. وهذا ما يقوم به الأدب والفن في الوقت الراهن وهو تعزيز وتقوية الثقافة السُّودانية. الدراما. القصة القصيدة الرواية والسيناريو.. ورغم أن مثل هذا الاستنتاج يحتاج لبحوث وبحوث لإثبات هذا الافتراض. الغازي قوي وإمكانياته هائلة تجعله ساحر مغرٍ كما في المسلسلات الوافدة والمدبلجة، المحلي يتعثر بسبب شح الإمكانيات إلا أن مَوهبة الكتاب والممثلين تجعله ينافس ويتألق رغم جمال الوافد، يوجد صراع ما بين المحلي والوفد، ظاهرياً انصرف الناس لذاك الجمال.. كالسراب بقيعة، جمال كجمال الوردة الصناعية بغير عبير أو شذى.. أما الشعر والقصة فلا يجدان منافسة.. الدراما أكثر تعرضاً للمنافسة، والرواية منافستها أيضاً كبيرة. ولكنها ليست ذات أثر..؛.. أما الغناء فسلمنا الخماسي محصن ضد الغزو السباعي. ما زال حقل الغناء مزدهراً وليس كحقل الدراما المعرض للإقصاء.. الأدب مرآة الأمة فكلما ازدهر يعني رقيها ومدنيتها وحضراتها، اضمحلاله يعني هزالها وبؤسها الفكري والوجداني!