وساطة التغيير.. هل تستطيع رأب الصدع بين البرهان وحميدتي؟

 

عروة الصادق: الوضع يحتاج سيطرة واحتواء

أسمهان إسماعيل: نجاح الوساطة بضمانات دمج الدعم السريع

عبدالقادر محمود: الخلاف لم يصل عمق يتطلب وساطة

جعفر خضر: التغيير لن تستطيع فعل شيء

الخرطوم: محجوب عيسى

عقب التصريحات المتبادلة بين رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، خلال الأيام الماضية، تدخل المجلس المركزي للوساطة بين الطرفين، ورهن متحدثون لـ(اليوم التالي) نجاح الوساطة بضمانات دمج الدعم السريع في الجيش، وأن تتخلى قوى الإطاري عن طموحاتها بأن يكون الدعم السريع نواة للجيش، وفي الوقت ذاته يرى آخرون أن الخلاف لم يصل عمقاً يتطلب الوساطة وأن التغيير لن تستطيع فعل شيء تجاه الخلاف، غير أن المجلس المركزي، اعتبر الوضع يحتاج إلى سيطرة واحتواء.

رأب صدع

تقول الباحثة في العلوم السياسية بجامعة الخرطوم، أسمهان إسماعيل إبراهيم، لـ(اليوم التالي): هناك مساعٍ من جانب قوى التغيير المركزي للتوسط بين الرجلين لحل الخلاف الذي طفا إلى السطح والذي بات مهدداً للاتفاق الإطاري نفسه ومهدداً للدعم السريع كقوة تدعم الإطاري وتعتبر إحدى ركائزه التي يستند عليها.

ورهنت نجاح الوساطة بضمانات دمج الدعم السريع في الجيش تدريجياً في الفترة الانتقالية وأن تتخلى قوى الإطاري عن طموحاتها بأن يكون الدعم السريع نواة للجيش السوداني وتقييده كقوة لها حق التجنيد والدخول في صفقات التسليح لأنه بذلك سيكون قوة موازية للجيش، وتابعت حسب ياسر العطا: لا توجد دولة محترمة بها جيشان فإذا تفهمت قوى التغيير تحفظات الجيش وقدمت للبرهان ضمانات بحيث تظل القوات المسلحة هي الجيش القومي الموحد للسودان وأن تكون قوات الدعم السريع جزء لا يتجزأ منه حسب اتفاق جوبا، دمج الدعم السريع والحركات المسلحة في الجيش، لا سيما وأنه مطلب نادى به حمدوك والقوى السياسية ولجان المقاومة.

وأردفت أسمهان: في هذه الحالة يتم رأب الصدع بين برهان وحميدتي، وتزول واحدة من عقبات تنفيذ الاتفاق الإطاري بجانب التوافق الشامل بين الفرقاء السياسيين على تكوين حكومة مدنية خالصة بعيدا ًعن الإقصاء الذي يدعمه حميدتي.

وترى حل أزمة البلاد بتكوين جيش قومي موحد واتفاق شامل لا يقصي أحداً وعدا ذلك كل الحلول ستكون مهدد قوي لأمن واستقرار السودان.

وتوضح أنه بموجب الاتفاق الإطاري الذي تم بين العسكر وقوى التغيير المركزي برعاية أممية أفريقية بجانب الرباعية متمثلة في أمريكا بريطانيا الإمارات السعودية والذي على ضوئه سيتم تكوين حكومة مدنية بقيادة قوى التغيير المركزي وقوبلت بتأييد نائب مجلس السيادة وقائد قوات الدعم السريع وحسب الإطاري فإن قوات الدعم السريع التابعة للقوات المسلحة منذ 2017 سيكون لها وضع مستقل ما يمنحها كافة الصلاحيات للتجنيد والدخول في صفقات التسليح ما يجعلها قوة موازية للجيش السوداني وهو ما لم تنص عليه قوانين الجيش السوداني بالإضافة لتصريحات بعض قادة المركزي بأن الدعم السريع سيكون نواة الجيش السوداني وستعمل قوى التغيير المركزي على إعادة هيكلة الجيش باعتبار معظم قادته داعمين للإسلاميين وحكومة الإنقاذ المحلولة.

وتشير إسماعيل إلى أن البرهان يشترط اتفاقاً شاملاً بين القوى السياسية ليمضي الاتفاق الإطاري قدماً ما يتعارض مع موقف حميدتي بتكوين الحكومة بقادة المركزي فقط ووصفها البرهان بأنها ستكون حكومة هشة ولا تمثل كل الشعب السوداني ومهددة للأمن القومي السوداني وبناءً على هذه دعا البرهان لاتفاق شامل لإدارة البلاد وطالب بدمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة ليمضي قدماً في الاتفاق الإطاري بالإضافة لتصريح برهان بحل مجلس السيادة وتكوين المجلس الأعلى للقوات المسلحة ويكون الدعم السريع تحت إشرافه باعتباره قائد القوات المسلحة وحميدتي مساعداً ضمن آخرين قرارت البرهان وترت العلاقات مع نائب الدعم السريع ما أدى لتدخل الإمارات كوسيط لرأب الصدع بين الطرفين باعتبارها راعي وداعم للاتفاق الإطاري.

خطوة مهمة

فيما يرى المحلل السياسي عبدالقادر محمود، لـ(اليوم التالي) أن الخلاف بين القوات المسلحة والدعم السريع لم يصل العمق الذي يتطلب وساطة طرف ثالث لمعالجة الأزمة أو الخلاف.

ويضيف وساطة الحرية والتغيير تأتي لأنها المعنية مع غيرها من عملية استلام السلطة من العسكريين وفق الاتفاق الإطاري الذي وافق عليه المكون العسكري بشقيه القوات المسلحة والدعم السريع.

مشيراً إلى أهمية الخطوة في تلطيف الأجواء وتطمين طرفي المكون العسكري بأنها ليست مع طرف ضد الطرف الآخر والموقف سيكون له تأثير إيجابي في استمرار العملية السياسية وصولاً إلى التوافق كل المكونات المدنية والعسكرية وتشكيل سلطة مدنية بجانب المجلس الأعلى للقوات المسلحة المزمع تشكيله في غضون الأيام القادمة والذي سيستصحب عضوية الدعم السريع وقوات الحركات المسلحة.

 

تشابك وتداخل

ولم يذهب بعيداً رئيس حركة بلدنا جعفر خضر ويقول لـ(اليوم التالي) أن البرهان، وحميدتي، ظلوا يدعوان دائماً للتوافق بين المدنيين، وأنهما يعملان على إثارة الخلافات وصنع التكتلات الضرار ويظهران تماسكاً مكذوباً بين الجيش والدعم السريع، والآن تبين أن الشقة بين قائد الجيش وقائد الدعم، قد بلغت شأواً بعيداً.

ويضيف ليس مستبعداً تماماً أن تنشب حرب بين الطرفين، والحكمة تقتضي التحسب لهذا السيناريو السيء، والتفكير في طريقة لحماية السودانيين، ويعتمد احتمال نشوب الحرب على دور الدول الخارجية واستعدادها ورغبتها في تفاقم الصراع أو القضاء على أحد طرفيه واستعدادها لتقديم الدعم المباشر بالسلاح وغيره والدعم الدبلوماسي، إذ أن لكلا الطرفين ارتباطاته الخارجية مع الدول الإقليمية الإمارات أو مصر أو إسرائيل وارتباطاته الدولية مع روسيا أو الغرب.

بحسب خضر أن لن تستطيع الحرية والتغيير فعل شيء للتقريب بين البرهان وحميدتي، خارج إطار صراع النفوذ بين الرجلين وتشابك التدخلات الخارجية.

فضلاً عن أن البرهان وحميدتي يواجهون اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، التي لا يجوز فيها العفو وفقا للقانون الدولي، ومسؤوليتهما بعد انقلاب 25 أكتوبر التي بلغ عدد الشهداء بعده قرابة 130 شهيد وآلاف الجرحى.

وتابع: هذه الجريمة لم تعد تجمعهم لأنهم حصلوا على الضمانات الكافية بعدم المحاسبة من قوى الحرية والتغيير عبر الوثيقة الدستورية للمحامين، ومن المجتمع الدولي والإقليمي الذي يدعم الاتفاق الإطاري.

وطبقاً لجعفر أن السبب في تمسك حميدتي بالإطار غياب نص صريح على منع قوات الدعم السريع من الأعمال التجارية والاستثمارية، بينما نص على منع الجيش والشرطة وجهاز الأمن، لذلك إن حميدتي المستفيد الأكبر إذ أن أعماله التجارية والاستثمارية المرتبطة بدول خارجية تستمر بما يتوافق مع الاتفاق الإطاري في حين يمنع الآخرين.

وأعتقد أن البرهان لا يرغب في الاتفاق الإطاري إلا بما يحقق له مصالحه، كما أن حميدتي لا يرغب دمج الدعم السريع في الجيش وفقاً للاتفاق الإطاري، ولن يقول ذلك جهراً، وأعلن موقفه الداعم للاتفاق الإطاري، والذي يعني القبول بالدمج ولكنه يريد شراء الوقت بالتذكير بأن الدمج يتم وفقاً لجدول زمني يتفق عليه.

مشيراً إلى أن ورشة الإصلاح الأمني والعسكري، المرتب لها ضمن قضايا الاتفاق الإطاري الخمسة المرجئة، تكشف التباين بين الرجلين إذ يسعى البرهان ومجموعاته لأن تكون جدولة الدمج قصيرة المدى الزمني، بينما سيعمل حميدتي على تطويل المدة الزمنية وتعقيدها، ويشتد الصراع.

تخوفات كبيرة

فيما كشف القيادي بالحرية والتغيير عروة الصادق، لـ(اليوم التالي) أسباب وساطة التغيير، تتمثل في تخوفات كبيرة من مخاطر انفلات الأوضاع في البلاد، وحالة الاستقطاب الحاد والتحشيد في المدن وتخوم العاصمة الأمر الذي قد يؤدي إلى حرب أهلية، بجانب تأزماً للأوضاع بين قائدي الجيش وقائد الدعم السريع، وتصاعد حرب كلامية من كلا الطرفين.

ويقول إن بعض قادة الحرية والتغيير يرون أن الوضع يحتاج إلى سيطرة واحتواء لأن ألسنة اللهب الناجمة عنه ستحرق البلاد بكل ما فيها، وإذا تم احتواء ذلك حتما سيؤدي إلى توحيد الرؤية العسكرية المتباينة، ما يعني الوصول لتصور موحد لمؤتمر إصلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية، وحينها سيتم استكمال إنجاز المرحلة النهائية من العملية السياسية، ما يعني تكوين الحكومة الانتقالية واستئناف كل ما أوقفه وجمده الانقلاب، وقررت الحرية والتغيير أنها لن تفعل كما فعل العسكريون بتقسيم القوى المدنية وإنما تسعى للوصول إلى قوات نظامية موحدة ومهنية ومنضبطة.

طي خلاف

وبحسب موقع (الراكوبة) قال قيادي بارز في تحالف الحرية والتغيير المجلس المركزي، إن التحالف يعمل حثيثاً على طي الخلاف بين رئيس مجلس السيادة قائد الجيش؛ عبد الفتاح البرهان ونائبه؛ قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو.

وتصاعدت الحرب الكلامية بين الرجلين الأسبوع الماضي، حيث قال البرهان في خطاب جماهيري إن العهد مع الاتفاق الإطاري هو دمج الدعم السريع.

في وقت ولوّح فيه البرهان وعضو مجلس السيادة؛ شمس الدين كباشي بالتملص من الاتفاق الإطاري، بينما ظل قائد الدعم السريع يعلن تمسكه بالاتفاق باستمرار.

فيما ذكر قيادي آخر بمركزي الحرية والتغيير إن أشخاصاً من المجلس يسعون بين البرهان وحميدتي لنقل الأفكار الداعية إلى تجاوز الخلاف الذي ظهر للعلن بين الرجلين قبيل وصول أطراف الاتفاق الإطاري إلى ورشة الإصلاح الأمني والعسكري المرتقب إعلانها خلال أيام.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب