تلبيس إبليس في العلاقة بين الساسة المتاعيس

بيت الشورة

عمر الكردفاني

ورد في إحدى القصص التي لا تحدث إلا بالسودان أن رجلاً غنياً تزوج إحدى الحسان وبعد أعوام من رغد العيش والسيارات الفارهة والرحلات العالمية والمنزل الفخم عاد الرجل يوماً مهموماً ونادى زوجته وأمرها أن تبعد الأطفال وقال لها: اليوم وبعد محاولات كثيرة لمعالجة أموري المالية وصلت إلى حل وحيد وطبقته.. فقد بعت كل أملاكي بما فيها هذا المنزل والسيارات والمحال التجارية وبحمد الله قضيت كل ديوني ولم يبق لي سواك أنت والأولاد وسنرحل قريباً إلى شقة مستأجرة، المرأة نظرت إلى زوجها طويلاً، ثم قالت له في حنية: أنت يا فلان من بتين (أحول)!!؟

قصصت هذه النكتة لصديق كنا نجلس معه في انتظار موعد مع صديق مشترك وكان معنا محامٍ مشهور ودار النقاش حول تعديل قانون الدعم السريع وقانون النائب العام وغيرها من بعض القوانين واللوائح التي مر عليها زمن طويل ولم يناقشها أحد لا من بعيد ولا من قريب حينما كانت الأمور سمن على عسل بين قادة البلاد ولم ير أحد من مندوحة في ما احتوته الوثيقة الدستورية أو غيرها من اللوائح المنظمة لسير العمل بالبلاد ولم تنشأ أي ورشة أو ينفتح باب للنقاش حول هذه الأمور التي تعتبر مصيرية في شأن البلاد والعباد، لذا فبالتأكيد أن ما يجري الآن لا علاقة له بالأداء الآني أو تاريخ العمل المشترك، بل هو تغيير في المواقف وتعديل في صحيفة المعاهدات السرية بين جنرالات الواقع السوداني المأزوم، لأن ما يحدث الآن من أحداث وما يجري من تعديل في المواقف ما هو إلا ذات العلاقة وقد اعتراها ما يعتري علاقات الساسة ببعضهم حينما تتغير المواقف وتتبدل المصالح وهم لا يعترفون بذلك علناً، بل يلجأون إلى حيل مختلفة لتبرير سلوكهم تجاه بعض خاصة أن بلادنا هي الوحيدة حول العالم التي تسير أمورها بلا دستور حتى الآن ولا يرغب أحد أن ينشئ دستورا ًأو يفعل لائحة أو حتى يعين برلماناً لأن هذه الأشياء الثلاثة هي التي تحكم حتى علاقة الإنسان بأمه وأبيه ناهيك عن علاقته بوطنه أو مواطنه أو أرضه لذا فكل من يفكر في الدستور، إنما يحاول تفصيله حسب مقاسه هو أن يجد لنفسه سواء إن كان هذا الأحد حزباً أو جماعة يجد لنفسه مخرجاً حال كان الدستور حريصاً على المصلحة العامة مقصراً من ظل مصالح الأحزاب والأفراد والجماعات.

ثم ماذا بعد؟

صديق آخر حكى في ذات الجلسة عن فئة من الفئات افترعت دستوراً خاصاً بها يعطي الأغلبية لأقل من العشرين بالمائة حتى في القرارات المصيرية وعندما آلت الرئاسة إلى سواهم طفقوا يعيبون ذات الدستور ويوضحون أماكن الخلل فيه ويحاولون بكل ما أوتوا من قوة أن يغيروا ذات اللائحة التي استفادوا منها من قبل ويدعون حرصهم على العملية الديمقراطية.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب