ميروقولد- الصولج – فاغنر.. قائمة من الأسماء تحت طائلة العقوبات الأوروبية في السودان  

 

بقلم: محمد علي صالح

أضحت شركة الصولج- ميروقولد الروسية العاملة في التعدين بالسودان في مواجهة خصم قوي هو الأتحاد الأوروبي، بعد أن أعلنت المفوضية الأوروبية مؤخراً فرض عقوبات جديدة على شركة ميروقولد في السودان ، وعلى مديرها الروسي ميخيائيل بوتكبن، كما إمتدت العقوبات الى شركات أخرى لمجموعة المرتزقة الروسية في السودان مثل ام- انفست وفي دول افريقية أخرى بسبب تورط المجموعة الروسية التي يديرها يغفيني يبرغوزين، في الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، إذ أضافت الحزمة الجديدة ما مجموعه 15 فرداً وشركة روسية الى القائمة الأشهر في العقوبات، وحسب بيان المجلس الأوروبي إن العقوبات الإضافية قد تم إقرارها في ضوء البعد الدولي وخطورة أنشطة المجموعة، فضلًا عن تأثيرها المزعزع للاستقرار على الدول التي تنشط فيها و”ذلك لما تشكله فاغنر من تهديدًا للمواطنين في البلدان التي تعمل فيها وللاتحاد الأوروبي” . حيث إشتهرت فاغنر بسمعتها السيئة في هذه تلك البلدان لما تقوم به من أعمال قتل وتعذيب وإغتصاب للنساء وللمعدنيين التقليدين وحتى سرقة الذهب في الوقت نفسه.

وكانت العقوبات قد شملت أيضا محطة إذاعية في إفريقيا الوسطى حيث يتهمها الاتحاد الأوروبي ب”التلاعب بالرأي العام” عبر الإنترنت لصالح روسيا ومجموعة “فاغنر”، وهذه اعتقد أنها خطوة جيدة ومدروسة لما ظلت تقوم به فاغنر من حملات للتضليل الإعلامي والترويج للأخبار المفبركة والكاذبة خدمة لمصالحها ومصالح روسيا في هذه البلدان الافريقية الفقيرة.

و منذ القاء القبض على الروسي سيرجي كروبنوف مسؤول الأمن في شركة الصولج- ميروقولد عند محاولته تهريب 7 كيلو ذهب من مقر الشركة بولاية نهر النيل في الخامس عشر من يناير الماضي، خضع أكثر من 40 من موظفي الشركة للتحقيق في قضية تهريب الروس للذهب السوداني بعد أن ثبت تورط فاغنر في عمليات التهريب منذ فترة طويلة بدأتها منذ أن كانت حكومة المخلوع البشير تغض الطرف عن ما يجري من سرقة معلنة لذهب السودان بواسطة الروس، وبعد التسهيلات التي قدمها لهم النظام مقابل الحماية وقمع التظاهرات والإحتجاجات السلمية منذ دخول ميروقولد – او الصولج او ام – إنفست الى السودان، وكلها كما نعلم واجهات لفاغنر في السودان حتى وأن قامت بإخفاء هويتها وتغيير الأسماء.

وتعتزم (الصولج) منذ فترة تغيير إسمها والدخول في شراكات حكومية، ولكن يقيني أن قرار تغيير هذا إسم الصولج يتم تداوله الآن بشدة في أضابير الشركة والمستفيدين من الوجود الروسي في السودان، خاصة بعد حزمة العقوبات الأوروبية الجديدة.

ويواجه أكثر من 30 روسياً من العاملين في شركة (الصولج – ميروقولد – فاغنر ) تهماً تتعلق بتخريب الإقتصاد الوطني، وتهم أخرى تتعلق بالفساد والثراء الحرام، ولكن المثير في الأمر أن النيابة العامة قد توصلت أثناء التحقيق أن كل ذلك العدد الكبير من المرتزقة الروس كان يعمل في السودان دون الحصول على إذن عمل، وفق ما هو معمول به للأجانب في كل الدول، لذلك تدور التساؤلات حول من هي الجهة التي كانت تقف وراء تسهيل مهام الروس في السودان، هل هم أفراد عاديين؟ أم موظفي دولة؟ أم جهات عليا كانت تسهل وجود وحركة المرتزقة الروس.

و يقيني أن التحقيق الذي تقوده النيابة حالياً سيفتح الباب أمام حقائق مذهلة حول الوجود الروسي ودور مرتزقة فاغنر في تعزيز هذا الوجود وحماية مصالح الكرملين في السودان وذلك بنهب وتهريب ذهب البلاد وثرواتها المعدنية، إذ ستطرأ التساؤلات تباعاً حول من كان يسهل دخولهم الي السودان، ومن وفر لهم الحماية وإصدار التصاريح، مع العلم بأنهم لا يحملون تصاريح عمل كتلك التي يحملها العمال الأجانب، وكيف يحصلون على تأشيرات دخول الى البلاد. وتحت أي مسمى.

وكانت الصولج قد تأسست في يونيو 2017 تحت مسمى “ميروقولد” بشراكة روسية سودانية ، ما بين الروسي “ميخائيل بوتبكن” الذي يستحوذ على 99% من أسهمها ، وشريك سوداني آخر بنسبة 1% ، حيث أبرمت حكومة المخلوع البشير صفقة “مشبوهة” مع ميروقولد ، منحت بموجبها الشركة حق التنقيب في ولاية نهر النيل ، لكن ميروقولد خالفت التصديق الممنوح لها بالتنقيب عن الذهب، وعملت في مجال مخلفات الذهب “الكرته” بدلا التنقيب، حيث أنشأت مصنعا للذهب بمنطقة العبيدية وهو المصنع الذي تم تهريب الذهب منه، وبعد أن فرضت الولايات المتحدة و دولاً غربية اخرى عقوبات على ميخائيل بوتبكن ورئيسه طباخ الرئيس الروسي يغفيني برغوزين ، وبعد أصبح الرجلان من أخطر المطلوبين لديها، ووضع أسماءهما على قائمة الممنوعين من السفر، وبعد أن تم فرض عقوبات دولية على مرتزقة فاغنر، قامت “ميروقولد” بتغيير أسمها الى “الصولج” تفادياً لتلك العقوبات، وواصلت العمل في استخلاص الذهب من مخلفات التعدين الأهلي في منطقة العبيدية بنهر النيل.

وليس غريباً أن تطال حزمة العقوبات الإتحاد الأوروبي ميخائيل بوتبكين، و حسب البيان الأوروبي، فقد تم إدراج بوتكبن وشركات فاغنر في القائمة بسبب “الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء والإعدام التعسفي والقتل، في العديد من البلدان، بما في ذلك السودان”. وبحسب البيان، فإن “ميخائيل بوتبكين هو مدير (ميروقولد ، ويشارك في أنشطة شركة أم إنفست، الشركة الأم لشركة ميروقولد وله دور قيادي في مجموعة فاغنر في السودان.

وبالتزامن مع فرض الإتحاد الأوروبي عقوبات قاسية على الشركات الروسية في السودان، نشر المركز الأوروبي الشرق أوسطي للدراسات السياسية قائمة أسماء لمرتزقة فاغنر الذين عملوا وقامو بزيارة السودان في السنوات الأخيرة ، وبعضهم لا يزال موجودا في الخرطوم، و الغريب في قائمة أسماء المرتزقة الروس من هو قيد التحقيق الآن في قضية تهريب الذهب التي تورط فيها مدير الأمن بشركة الصولج وإثنين من معاونيه.

ومن بين هذه الأسماء الروسي ألكسندر ستوف، ويشغل ستوف حالياً منصباً أمنيا رفيعاً في الصولج . وكان ستوف هذا قد وصل الى الخرطوم قادماً من جمهورية افريقيا الوسطى، بعد أن تم إتهامه رسمياً هناك في قضية مقتل ثلاث صحفيين روس في يوليو من العام 2018.

وحسب تقرير نشرته إيرينا بانكراتوفا ومركز دوزيه في تحقيق لهما حول مقتل الصحفيين الثلاث، أن الروسي ألكسندر ستوف متهم في قضية مقتل الصحفيين الذين قدموا الى أفريقيا الوسطى بهدف إجراء تحقيق صحفي إستقصائي حول أنشطة فاغنر هناك.

وحاول الصحفيين الثلاث قبل اغتيالهم بيوم الوصول إلى قاعدة يتمركز فيها مرتزقة فاغنر، وتم منعهم من الدخول بحجة عدم حصولهم على بطاقات إعتماد من وزارة الدفاع المحلية، قبل أن يتم نصب كمين لهم اسفر عن مقتل الصحفيين الروس ونجاة سائقهم المحلي.

ظهر اسم ألكسندر سوتوف لأول مرة في وسائل الإعلام بعد التحقيق الذي أجراه مركز دوزيه، أكدت تورط ستوف في قضية في ملابسات إغتيال الصحفيين مؤكدين أن ستوف أجرى العديد من الإتصالات الهاتفية مع شرطي محلي ومع سائق الصحفيين، والذي لم يصب في الحادث.

ألكسندر البالغ من العمر 42 عامًا نشأ في سانت بطرسبرغ، وهي ذات المدينة التي ينحدر منها رئيسه يغفيني برغوزين، وبدأ حياته المهنية في مجال الأمن وعدد من المنظمات المرتبطة بالجريمة المنظمة وكازينوهات القمار في المدينة ومن ثم دخل الى مجال السياسة والإستثمار قبل أن يتم تجنيده في فاغنر والسفر الى جمهورية افريقيا الوسطى في 2017 والعمل هناك كمدرب عسكري.

وليس ستوف وحده هو من تم تضمين اسمه في القائمة، فقد نشر المركز الأوروبي أكثر من 30 من الأسماء للمرتزقة الروس في السودان يتقدمهم أندري ديميتريفيتش مانكو، وهو مساعد يغفيني بريغوزين الرئيسي في السودان، ويشرف على كافة الأعمال الخاصة بالرجل، ومن بينها ملف الذهب، وهو من المتواجدين حاليا في الخرطوم، وتضم القائمة أيضا أندري نيكولايفيتش تورجاييف، و هو من المقربين أيضاً لبريغوزين ويثق فيه الرجل ثقة كبيرة لعلاقاته مع بعض رجال الأعمال والشخصيات الهامة في الخرطوم، و كذلك ضمت القائمة أسماء أخرى لعملاء فاغنر في الخرطوم منهم تيمور تاليبجان أدزيمبيتوف، ودانيار بايخداموف سيريكبايفيتش، كونستانتين توريانسكي، دانييل يوريفيتش بورودين، آنا ألكساندروفنا توغوشيفا، ديمتري تشيكمينيف، فاديم ميخائيلوفيتش جافرين، أندريه تورجاييف، يوري أليكسيفيتش جولوفين، دانييل الكسندروفيتش جرانين، فولكونكسي، دينيس سيرجيفيتش جيليكين، فلاديمير مالكوفسي، سيرجي باتسوكوف ميخائيلوفيتش، يوري الكساندروفيتش بتروفيتش، باسم صقر، فاليريا سيرجيفنا فودولجينا، ألكسندر زوبوف يوريفيتش.

ومن بين هذه الأسماء أيضاً وسام يعقوب ، ويعتبر وسام المترجم الخاص للرئيس بريغوزين وقد زار السودان لفترات متكررة مع رئيسه، وكان يعمل أيضاً في شبكة الدعاية الروسية المضللة التي نشطت أيام الرئيس المخلوع عمر البشير.

وكان الإتحاد الأوروبي قد سبق مجموعة العقوبات الحالية بأخرى في يناير الماضي على فاغنر وتصنيفها كمجموعة إرهابية، بالإضافة الى العقوبات التي فُرضت بعد بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022 وطالت العقوبات وسائل الإعلام الروسية حيث قام الإتحاد الأوروبي بحظر بث قناتَي سبوتنيك وآر تي بما في ذلك فرع آر تي فرنسا ، على التلفزيون و الإنترنت، بموجب اتفاق توصل إليه مجموعة الدول بُعيد بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، باعتبارهما أداة تضليل إعلامي للكرملين، كما قامت فرنسا بتجميد الحسابات المصرفية للفرع الفرنسي لقناة آر تي الروسية المحظورة في أوروبا.

العقوبات الأوروبية الجديدة على مرتزقة فاغنر هي بداية لحزمة قادمة من العقوبات قد تطال في الأيام القادمة شخصيات سودانية بارزة، أو في قطاع رجال المال و الأعمال، وذلك لتورطهم في تقديم مساعدات لوجستية وغيرها من أنواع المساعدات للمرتزقة الروس في السودان، وهذه العقوبات بالرغم من أنها ستكون عقوبات شخصية، إلا أنها ستكون وصمة عار في جبين السودان والسودانيين، وستعيد البلاد الى فترة العقوبات الدولية التي فرضت على البلاد إبان حقبة المخلوع البشير، وربما الرجوع مرة أخرى الى قائمة الدول الراعية للإرهاب التي خرج منها السودان عقب ثورة ديسمبر المجيدة، وستعيدنا فاغنر بما لا يدع مجال للشك الى الأيام السوداء والقوائم الأكثر سوادا في التاريخ.