المرحوم حي يرزق

اما حكاية

 

المرحوم حي يرزق

 

إيهاب مادبو

 

صباح يوم أمس، ومنذ الساعات الباكرة رن هاتفي من رقم غير مسجل عندى فى دفاتر الهاتف، واستقبلته وبادرنى بسؤال إيحائي، ثم واصل فى قذف أسئلته الاستنتاجية

_ معليش معاي إيهاب

_ايوا

_ إيهاب مادبو

_ ايوا أنا إيهاب محمد مادبو شايب

ياسلام يااااخ كيف الصحة والأخبار وإن شاء الله انت كويس وبصحة جيدة وكل الأسرة .

لم يترك لى فرصة لسؤاله عن اسمه فقد بدأ يسترسل فى الحديث والسؤال عن الأمكنة والذكريات وتفاصيل طوت صفحاتها الشيب والنسيان ..

معاك ياسر القاضي يا مادبو وح ارجع ليك بعدين ثم قفل الخط وتركنى فى حيرة من أمري والسؤال!!

 

ثم يعاود الاتصال رقم آخر ألو ,, ألو

_ ايوا ايوا معاك

_ إيهاب

_ ايوا إيهاب

ياشاب كيفك ياخ واخبارك شنو ,, طمنا عليك وعلى صحتك والأولاد

– والله بخير وعافية مافى عوجة تب

ثم باغته بالسؤال ومكالمة أخرى فى الانتظار

_ معاك وليد جرة

وليد جرة ,, وليد جرة ,, وليد جرة ,,وليد جرة

تييت ,,,تييت ,,تييت قطع الاتصال وتركنى فى بحر من التساؤلات متلاطمة الأمواج،

الحاصل شنو ياربي ,,وقمت بحفظ الأرقام بأسماء مجهول 1 ومجهول 2 على أمل الاتصال بها لاحقاً ..

 

دخلت الحمام لقضاء حاجتى ,,لا أعرف سر العلاقة المدسوسة مابين الإضراب واستجابة الجسد لنداءات قضاء الحاجة ..

عدة مكالمات واردة للتلفون وتمنيت لو كان هنالك رد آلي “احم احم احم”..

خرجت مسرعاً تنتاشنى الظنون وتزيد من حدة الشعور ب”القلق” ..

 

وجدت عدة مكالمات لم يرد عليها وكان من بينها رقم الصديق ربيع فضل الله هنوه

اتصلت عليه

رد علي بحذر

_ معليش معاي منو

_ حتى انت ياربيع ,,معاك (دلو دامبو الفرع الرقط) قلتها له بلغة الراندوك ليطمئن على أن الذى يحادثه هو إيهاب مادبو،

رد على بصوت أقرب للنحيب او كمن كان مكبوتاً من الحزن بانتظار من يؤكد له خبراً لينفجر فى البكاء والنحيب.

_ تعرف يا إيهاب أنا والله جانى تلفون من الابيض وقالوا لى إيهاب مات,,ومن قبيل أنا عملت كم اتصال عشان أتأكد من الخبر دا ,, ثم يواصل فى سرد الحكاية بتراجيديا الدموع وأنا أقول ياخ دى دايرة ليها “بيت أدب ” ..

عرفت من ربيع أن خبراً وصل لمسامعه من أشخاص وحاولوا التأكد من المعلومة عن الوفاة ..

 

ثم طلب منى ربيع إجراء مكالمة جماعية لأصدقاء كانوا قد أقاموا بيتاً للبكاء والنحيب على المكالمة الجماعية …

شكرت الجميع على هذا الشعور الطيب الذى أخرج مني “أذى” كنت قد وقعت بينى وبينه اتفاقاً ملزماً لطرفينا نقوم به كل يوم بعد منتصف النهار ,,ولكني هذا الصباح قد أحدثت خللاً بالعقد فى ظروف غير طبيعة سارعت بتهيؤات البطن والأعصاب فاستجابت “الاخرى” لتلك التفاصيل المريحة لعضلات البطن ..

 

لا أعرف مصدر الإشاعة وسببها، ولكنها سمعت يوم شكري وأنا حي، وهذه واحدة من اللحظات التى يستحسن فيها قراءة دفاتر أحوالنا عند الآخرين من غير زيف أو نفاق.