اسمهان اسماعيل: أطراف معارضة للإطاري مستفيدة من عرقلة الأوضاع
سهير صلاح: مستفيدون الذين يريدون الحكم بلا إمكانيات ومؤهلات
عبدالقادر محمود: الرؤى المتعارضة المعوق الأساسي للعملية السياسية
الخرطوم: محجوب عيسى
الوصول إلى العملية السياسية الجارية في البلاد لم يكن سهلاً وقد واجهت العملية عدداً من التحديات كادت أن تعصف بها أبرزها، معارضة الكتلة الديمقراطية، وتمترس القوى السياسية خلف مواقفها، علاوة على تباين موقف المكون العسكري، كل ذلك قادرة على عرقلة وتعطيل العملية السياسية الجارية.
وفي غضون ذلك قال متحدثون لـ(اليوم التالي) إن المستفيد من العرقلة أطراف معارضة للاتفاق الإطاري، والذين يريدون الحكم بلا إمكانيات ومؤهلات، وأن الرؤى المتعارضة المعوق الأساسي للعملية السياسية.
أطراف معارضة
تقول الباحثة في العلوم السياسية بجامعة الخرطوم، اسمهان اسماعيل ابراهيم، لـ(اليوم التالي) هناك أطراف مدنية معارضة للاتفاق الإطاري، ترى فيه عدم شمولية التمثيل السياسي باعتبار الاتفاق حكراً على جهات سياسية محددة دون غيرها، بالإضافة لكونها ترى في الاتفاق السياسي أيادي خارجية تعبث بسيادة الوطن وتنادي بحل سوداني سوداني، وفي هذه الحالة تلك الجهات المعارضة هي المستفيد الأول من عرقلة العملية السياسية، على أمل إعادة تشكيل المشهد السوداني وتكوين حكومة وفق ما ترتضيه تلك القوى المدنية المعارضة.
وتنوه إسمهان إلى أن العسكر درج على عرقلة الديمقراطية، ما بعد فترة الاستقلال تحديداً في أفريقيا، باعتبار أنه تكريس السلطة في يد الجيش أقصر طريق للتنمية والوحدة الوطنية وفي حالة السودان أعلن البرهان دعمه للاتفاق السياسي الإطاري والعملية السياسية بشرط التوافق الشامل بين كافة الفرقاء السودانيين او أغلبهم، وتضيف.. وفي يوليو الماضي أعلن انسحاب الجيش من الحياة السياسية مخالفاً بذلك ما درج عليه أغلب قادة الجيوش الأفارقة، وعليه لا أظن بأن هناك أي فائدة سيجنيها الجيش من عرقلة العملية السياسية، لا سيما وأن تكوين حكومة مدنية تحظى بدعم المجتمع الدولي وتحقق استقراراً في السودان في مصلحة العسكر، لجهة أن وجود حكومة مستقرة يتوافق عليها السودانيون ستكون في مصلحة كل الشعب السوداني والوطن.
وطبقاً لأسمهان رغم ما يشوب العملية السياسية من تعقيدات فهي قد شارفت على خواتيمها وماضية لتوقيع اتفاق نهائي لتشكيل حكومة مدنية، وفي حال انضمام ما يعرف بقوى الثورة الحية متمثلة في حزب البعث والشيوعي ولجان المقاومة وجماعة سلام جوبا وشمولها كل القوى السودانية المعارضة او أغلبها، في هذه الحالة ستكون حظيت بقبول واسع، وستنجح في تكوين حكومة مدنية تقود السودان إلى بر الأمان وتفتح الباب على مصراعيه في وجه التعاون الدولي، حيث سيستعيد السودان علاقاته الدولية بكافة ما يترتب عليها من فوائد ومنافع تنعكس إيجاباً على الاقتصاد السوداني، وتسهم بشكل قوي في استقرار وأمن السودان ورفاهية الشعب السوداني، وستكون حلاً ناجعاً للأزمة الحالية، وتعتبر أعظم مكاسب الوطن من تكوين الحكومة المدنية.
حكم بلا إمكانيات
ومن جهتها تقول المحلل السياسي أستاذة العلوم السياسية بالجامعات السودانية سهير صلاح، إن العملية السياسية التوافقية بها خير كثير للبلاد، ومن الممكن أن تقود إلى انتخابات تنهي حالة الهشاشة التي تعاني منها البلاد.
وبحسب سهير في إفادة لـ(اليوم التالي) أن المستفيد الوحيد من عرقلة العملية السياسية من يريدون أن يحكموا بلا إمكانيات ومؤهلات، على مستوى الأداء أو الكفاءة أو على مستوى القواعد، وتضيف.. ليس لهم قواعد شعبية، لهذا يعرقلون العملية السياسية برمتها بسبب أنها ستنهي الهشاشة، لا سيما وأنهم مستفيدون منها في محاولات صنع القرارات والتواصل مع مراكز صنع القرار من القوى الدولية والإقليمية في استعداد للتنازل عن أي شيء، في سبيل قطع الطريق على أي عملية سياسية تنهي هذا الوضع، وترى أن التدخل الخارجي الذي يعمل لصالح أجندته يستخدم هؤلاء ايضاً رغم معرفتهم التامة بعدم كفاءتهم.
رؤى مختلفة
وفي السياق ذاته؛ أشار المحلل السياسي عبدالقادر محمود إلى عدم وجود مستفيد من عرقلة العملية السياسية، وقال محمود لـ(اليوم التالي) هنالك رؤى مختلفة حاكمة للصراع السياسي الراهن، رغم وجود إجماع شبه كامل حول ضرورة الخروج من الأزمة وتشكيل حكومة انتقالية وفق الإتفاق الإطاري المعدل، وأن الرؤى المتعارضة هي المعوق الأساسي لتقدم العملية السياسية، مما جعل التقدم خطوات لاستكمال العملية السياسية يكون بشكل متردد من طرفي الصراع سواء كان عسكرياً أو مدنياً.
ويضيف.. لا أعتقد بأن العملية السياسية الجارية الآن تستطيع الإجابة على السؤال الجوهري المرتبط بتحقيق أهداف الثورة وجعلها واقعاً يلبي تطلعات الجماهير والثوار، ولذلك لا يمكن أن تنجح العملية السياسية بالشكل المخطط له محلياً وإقليمياً ودولياً.
وأردف.. في ضوء التناقضات بين الموافقة على العملية السياسية والرفض أحياناً من نفس الجهات المعنية بها، يشير إلى حقيقة أن الأوضاع السياسية الراهنة تتم بوصلتها بشكل ذكي من قبل جماعات المصلحة والضغط داخل المكونين المدني والعسكري، الأمر الذي جعل التقدم يكون بطيئاً رغم الإجماع على وجود حكومة انتقالية توافقية بين المكونين العسكري المدني.
عرقلة عملية
غير أن الخبير الاستراتيجي، الفاتح محجوب، يرى أن العملية السياسية الجارية الآن تسببت في تقسيم القوى السياسية السودانية إلى خمس كتل سياسية اثنتين منهما هما من تتوقف العملية السياسية على توافقهما؛ وهما الكتلة الديمقراطية والمجلس المركزي.
وبحسب محجوب، فإن قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي وافقت على انضمام الحركات الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام ومعهم الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، وترفض انضمام شركائهم السابقين في قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، اردول وعسكوري لأسباب لا تخلو من الكيد السياسي إذ إنها لا تستند على خلافات حقيقية وهذا يعني أن قوى المجلس المركزي يرفض عودة حلفائها السابقين للحكومة الانتقالية؛ أحد أهم أسباب عرقلة تكوين الحكومة الانتقالية، بسبب أن حلفاء اردول وعسكوري، يرفضون الانضمام للعملية السياسية الجارية دون حلفائهم، إضافة إلى الناظر محمد الأمين ترك، رئيس نظارات وعموديات البجة المستقلة الذي يعتبر انضمامه للعملية السياسية الجارية الآن شرطاً ضرورياً لاستقرار شرق السودان.
وتابع.. ويمكن أيضاً إضافة العسكر أنفسهم للمعرقلين للعملية السياسية الجارية، الآن بعد اختلافهم الواضح حول كيفية دمج الدعم السريع في الجيش السوداني.
ووفق الفاتح أن القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري خصوصاً المجلس المركزي والعسكريين هما من يعرقل العملية السياسية الجارية الآن، معتبراً ذلك من عجائب السياسة السودانية لأن الكتل السياسية الثلاث التي لا تشملها العملية السياسية الجارية، وأوضح أن كتلة نداء السودان وكتلة التغيير الجذري وكتلة التيار الإسلامي العريض الذين يتفرجون ساخرين من تسبب من وقعوا على الاتفاق الإطاري في عرقلة العملية السياسية.
عرقلة الحل السياسي
وفي وقت سابق حذر القيادي في تحالف قوى الحرية والتغيير، الأمين العام لحزب الأمة القومي، الواثق البرير، من عرقلة الحل السياسي عبر الاتفاق الإطاري، الأمر الذي يمهد لعودة البلاد إلى عهد التيه والظلام.
وقال البرير، في تصريح صحفي، إن العملية السياسية تمضي نحو نهاياتها بصورة جيدة، بإرادة وعزيمة كل الأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري.
وأشار إلى أن هذه الأطراف حريصة على إكمال العملية السياسية بأسرع وقت ممكن لاستعادة السلطة المدنية.
وحذر من محاولات التضليل والوقيعة بين بعض الأطراف، بنشر أخبار غير صحيحة تشيع القلق وتؤدي لتسميم الأجواء، هدفها ضرب الاتفاق الإطاري وعرقلة الحل السياسي المنشود، والتمهيد لعودة البلاد إلى عهد الظلام.
وكان تجمع المهنيين كشف عن ترتيبات النظام البائد لعمل عسكري في العاصمة الخرطوم من خلال حشودٍ مسلحة، تحت غطاء ترتيب مظاهراتٍ تطالب بإطلاق سراح رئيس النظام المخلوع، والاحتكاك بالمواطنين واستهداف دور الأحزاب السياسية المناهضةِ للشمولية، بغرض وقف مسار العملية السياسية والمرحلة النهائية وصولاً إلى الاتفاق النهائي الذي يحقق مطالب الشعب السوداني وإنهاء الانقلاب.
وقال الواثق البرير، إن الشعب السوداني هو حارس مشاريع الحق وقادر على حماية مكتسبات ثورته وتحقيق غاياته، ولن تثنيه عن تحقيق ذلك أي محاولات للردة السياسية أو أحلام دعاة الحرب الأهلية.