المجلس الثوري: مهمة صعبة تصطدم بتباينات القوى

الدومة: المجلس الثوري سيكون صاحب سلطة نافذة لحين انتخاب رئيس وزراء
سياسي: وحدة القوى السياسية والثورة في جسم واحد أمر غير وارد
أستاذ علوم سياسية: المجلس الثوري لن يحظى بترحيب وقبول القوى السياسية
الخرطوم: محجوب عيسى
بعد انفراط عقد الحرية والتغيير المجلس المركزي، إذ تمضي محاولات وحدة قوى الثورة في البلاد وإنهاء حالة الخلافات والانشقاقات التي ضربت صفوف القوى والتيارات السياسية المناهضة للانقلاب العسكري بثبات، أبرزها تحالف قوى التغيير الجذري وتجميع قوى الثورة وآخرها المجلس الثوري المزمع تشكيله من قبل آلية وحدة قوى الثورة، وذلك لتحقيق وحدة القوى الثورية لهزيمة الانقلاب وتأسيس سلطة مدنية كاملة، تعمل على تنفيذ مطالب الثورة وفق برنامج متفق عليه وصولاً لانتخابات عامة حرة ونزيهة، وتباينت آراء مراقبين في حديثهم لـ(اليوم التالي) حول نجاح المجلس الثوري وصفه البعض بأنه خطوة ممتازة لوحدة القوى الثورية وضروري لإسقاط الانقلاب الذي طال عمره نتيجة لانقسام القوى الثورية، غير أن آخرين أكدوا استحالة نجاح المجلس الثوري في تحقيق أهدافه، وذلك للتباينات داخل القوى السياسية وغياب الرؤية والقيادة الموحدة، وفيما أكدت لجان المقاومة أن المجلس الثوري يعمل على التنسيق بين الاجسام والكتل الثورية لسهولة اتخاذ القرار في الميدان والعمل السياسي.
تنسيق بين الأجسام
يقول الناطق الرسمي باسم لجان مقاومة السودان طه عواض إن المجلس الثوري من الآليات المطروحة في الساحة إنهاء الانقلاب والعمل على توافق قوى الثورة سيما وأن الانقلاب لم ينتهِ نتيجة لعدم اتفاق قوى الثورة على وسائل وأدوات إنهائه، وأكد عواض في تصريح لـ(اليوم التالي) أن المجلس الثوري يمثل كافة القوى الثورية ويساعد على سهولة اتخاذ القرار على الميدان والعمل السياسي علاوة على تنسيق بين الأجسام لتحديد الرؤية النهائية الغائبة، لتحقيق الهدف النهائي الذي يتمثل في التحول الديمقراطي.
ولم يذهب بعيداً القانوني المعز حضرة حيث وصف خطوة آلية توحيد الثورة بتشكيل مجلس ثوري بأنها خطوة جيدة وممتازة تؤسس لفتح مبادرات موضوعية لتوحيد الهدف المشترك وهو اتفاق الحد الأدنى لإسقاط الانقلاب 25 أكتوبر، وقال حضرة في إفادة لـ(اليوم التالي) إن الخطوة توصل رسالة للآخرين بأنه يجب أن تتوحد قوى الثورة وأضاف أن استمرار انقلاب أكتوبر وزيادة عمره رغم فشله الذريع ناتج عن تفريق قوى الثورة وطالب القانوني بضرورة وحدة قوى الثورة لإسقاط الانقلاب على غرار سقوط نظام المخلوع.
محاولة ترميم
غير أن المحلل السياسي محمد محي الدين استبعد نجاح المجلس الثوري في عملية وحدة قوى الثورة وقال إن وحدة القوى السياسية والثورة في جسم واحد أمر غير وارد سيما وأن الجسم الذي توحد لإسقاط النظام البائد الحرية والتغيير المجلس المركزي انقسم وأضاف: صعب جداً تصور وحدة المنقسمين، وعزا محي الدين في حديثه لـ(اليوم التالي) صعوبة وحدة قوى الثورة إلى التبايانت داخل القوى السياسية والثورية بما فيها لجان المقاومة التي لم تنجح في توحيد مواثيقها رغم المحاولات، فضلاً عن وجود عوامل طرد مركزي تعمل على تباعد الكيانات تتمثل في وجود الحزب الشيوعي داخل عدد من الكيانات مشيراً إلى صعوبة التوافق بين الشيوعي والمجلس المركزي، بجانب عدم نقاش القوى الثورية أسباب الانقسامات سيما وأنها لغياب الاتفاق رؤية أو قيادة موحدة، وطبقاً للمحلل السياسي أن خطوة الحرية والتغيير وآلية وحدة الثورة أنها محاولة لترميم جسم الحرية والتغيير الذي تناقصت عضويته بشكل ملحوظ جراء الانقسامات السابقة والتي ستحدث وفق المؤشرات قال إن أبرزها تحركات حزب الأمة القومي خارج فضاء المجلس المركزي لجهة أن ما تبقى منها يحاول الحصول على موطئ قدم في المشهد السياسي.
خطوة عملية
وفي السياق ذاته يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين مصعب محمد على أن الخطوة تأتي في سياق الدعوة لوحدة القوى السياسية التي ظلت قوى الحرية والتغيير تدعو لها منذ زمن مبكر، واعتبرها خطوة عملية في طريق إنهاء خلافات الكيانات والكتل الثورية والسعي لوحدتها، وبحسب مصعب في حديثه لـ(اليوم التالي) أن قوى الحرية والتغيير ظلت تدعو لوحدة القوى السياسية في بيانتها المختلفة ولا يكاد هناك بيان يخلو من الدعوة للوحدة، وتوقع تحويل المجلس الثوري لمجلس تشريعي مستقبلاً وتابع: ربما يُرفض من مكونات سياسية، وفي الوقت ذاته قال إن فكرة المجلس الثوري لن تحظى بترحيب وقبول القوى السياسية المشاركة في المجلس وذلك لاختلاف تقديراتها تجاه الوضع السياسي، فضلاً عن أن تحديد عدد 100 عضو للمجلس الثوري لا يتناسب مع تمثيل القوى السياسية المختلفة، وأردف أن تشكيل مجلس ثوري يحتاج لمزيد من التشاور والحوار بين قوى الثورة.
ومن جهته قال الخبير السياسي البروفيسور صلاح الدومة إن تشكيل مجلس ثوري خطوة صحيحة وحدة قوى الثورة وبداية إنهاء الانقلاب، وشدد الدومة في إفادة لـ(اليوم التالي) على ضرورة السير في هذا الاتجاه وتنفيذها الخطوة وأضاف: حتى إن لم يوحد المجلس قوى الثورة سيكون صاحب سلطة نافذه في البلاد إلى حين انتخاب رئيس وزراء وتعيين مجلس سيادة من خلال سلطته.
مجلس ثوري
وفي وقت سابق أعلنت قوى الحرية والتغيير وآلية وحدة قوى الثورة، عن توافقهما، حول العمل لتحقيق وحدة القوى الثورية لهزيمة الانقلاب وتأسيس سلطة مدنية كاملة، تعمل على تنفيذ مطالب الثورة وفق برنامج متفق عليه وصولاً لانتخابات عامة حرة ونزيهة، وكانت قد عقدت قوى إعلان الحرية والتغيير وآلية وحدة قوى الثورة اجتماعا مشتركا، ناقش وحدة قوى الثورة وتكوين المجلس الثوري الذي يهدف إلى إسقاط الانقلاب واستلام السلطة، وتشكلت “آلية وحدة قوى الثورة” خلال الفترة الماضية من مجموعة ناشطين ثوريين، بينهم الدكتور بكري علي، وهشام علي (ود قلبا)، وعمر أرباب، ودرة قمبو، وآخرون، بهدف التواصل مع القوى الثورية للوحدة حول إسقاط الانقلاب.
وتقترح الآلية تكوين المجلس الثوري من (100) عضو، منهم (51) من لجان المقاومة في العاصمة الخرطوم والولايات، على أن يُحل بمجرد تكوين المجلس التشريعي في السلطة الانتقالية، وطبقاً لتقارير إعلامية قدمت آلية وحدة قوى الثورة والحرية والتغيير، شرحاً لأنشطتها ومساعيها نحو توحيد قوى الثورة من خلال اجتماعاتها وتواصلها مع جميع قوى الثورة، كما طرحت التحديات التي تواجه إكمال تصورها لتكوين المجلس الثوري ليكون المنصة التي تجمَع قوى الثورة وتنطلق منها لإسقاط انقلاب 25 أكتوبر المشؤوم وتقديم تصور واضح يمهد لاستلام السلطة المدنية ومقاليد الحكم ومواصلة مسار التحول الديمقراطي، ورحبت قوى الحرية والتغيير بمساعي الآلية ودعمها لكل ما يمكن أن يؤدي إلى وحدة قوى الثورة، وأوضحت موقفها من مقترحات الآلية لتكوين المجلس الثوري، مؤكدة أهمية إفساح المجال للقوى المشاركة للتوافق على شكل ومسمى المنصة التي ستجمعها لتنسيق العمل الثوري سياسياً وميدانياً وإعلامياً وبناء منظومة حوار لمناقشة كل القضايا الخلافية بين قوى الثورة بمختلف كياناتها، وأشار إلى أن الآلية تقدمت بتصور محدد حول جمع قوى الثورة الحية لمناقشة القضايا الخلافية في طاولة حوار متعددة الأشكال تساهم فيها مع الآخرين في التمهيد للوصول إلى الوحدة المنشودة من الجميع.
وأكدت أستاذة العلاقات الدولية بمعهد الدراسات الدبلوماسية في جامعة الخرطوم د. تماضر الطيب نجاح المجلس الثوري في جمع صفوف ووحدة قوى الثورة وزيادة الضغط على الانقلاب وإنهائه.
وقالت الطيب لـ(اليوم التالي) إن قوى الثورة بحاجة إلى الوحدة وإن الشخصيات التي تقود المجلس عرفت بالجدية في مواقفها القوية في وجه السلطة الانقلابية.
ورهنت إنهاء الانقلاب باستمرار العمل على تشكيل المجلس الثوري ووضع استراتيجيات للضغط وصولاً إلى هدف الثورة حكم مدني ديمقراطي.
وأعلن رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة عبدالفتاح البرهان في 25 أكتوبر 2021م قرارات أسماها بالتصحيحية وصفت بالانقلاب على السلطة الانتقالية التي نصبتها ثورة ديسمبر بعد الإطاحة بنظام المخلوع عمر البشير، وواجه الشعب السوداني الانقلاب بمقاومة أبرز أشكالها المواكب الاحتجاجية التي نظمتها وتنظمها لجان المقاومة، وقابلتها السلطة الانقلابية بعنف وحشي.