القمة العربية الإسرائيلية… ماذا يستفيد السودان؟
عثمان الطاهر: السودان لن يشارك في القمة ولم يوقع على الاتفاقية
عبدالوهاب الصاوي: مشاركة السودان لحل العزلة الخارجية عبر التطبيع
البروف أبو صالح: السودان لن يحقق مصالح مع غياب الاستراتيجية
الخرطوم: محجوب عيسى
حالة من الترقب وسيل من التكهنات يكتنف انعقاد القمة العربية الإسرائيلية في المغرب خلال مارس الجاري، لمناقشة ملفات تتعلق بالصحة والتعليم والأمن الغذائي والمياه والسياحة والطاقة.
وإلى جانب المغرب، تشارك في القمة جميع الدول التي وقعت على اتفاقيات إبراهام مع إسرائيل، في ظل توتر شديد تشهده الضفة الغربية المحتلة.
واستبعد متحدثون، لـ(اليوم التالي)، مشاركة السودان في القمة لأنه لم يوقع على اتفاقية إبراهام وفي حال شارك يكون مراقباً، فيما يرى آخرون أن المشاركة استمرار حكومة الواقع لفك العزلة الدولية عبر التطبيع مع إسرائيل، وقالوا إن السودان لن يحقق مصالح من المشاركة في ظل غياب الرؤية الاستراتيجية، مشددين على ضرورة وضع خطة استراتيجية لاتخاذ قرارات كبيرة مثل التطبيع، موضحين، أن ما يعرف باتفاقية إبراهام جاءت لمواجهة مبدأ الأخلاق الذكي الذي يناقض الاتفاقيات الغربية مثل سيداو وحقوق المثليين.
هل وقع السودان على الاتفاقية؟
يوضح الخبير في الشؤون الإسرائيلية د. عثمان الطاهر حمدين، في إفادة (اليوم التالي) أنه في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قامت الإدارة الأمريكية برعاية اتفاقية إبراهام لتطبيع العلاقات بين إسرائيل وبعض الدول العربية مثل الإمارات العربية المتحدة والمغرب والبحرين، وكان من المفترض أن تشمل في المرحلة الأولى السودان ثم لاحقاً السعودية.
ويضيف: لكن لأسباب تتعلق بترتيبات الحصول على منافع اقتصادية وسياسية من التطبيع قام السودان بإرجاء إكمال التطبيع إلى ما بعد مصادقة البرلمان عليها الأمر الذي لم يتم بسبب عدم تكوّن البرلمان والاكتفاء بتوقيع اتفاقية إطارية وقع عليها وزير العدل في حكومة د. عبدالله حمدوك د. نصر الدين عبدالباري وتابع حمدين: في ذات السياق اجتمعت قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي وقامت بإجازة التطبيع مع إسرائيل بحسبانه أمر لا بد منه لأن أمريكا وضعته شرطاً غير معلن لإعفاء الديون الخارجية وسحب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وطلب السودان بالمقابل دعمه اقتصادياً وإعفاء الديون الخارجية.
وطبقاً لعثمان أن السودان لم يوقع على اتفاقية إبراهام بالرغم من أنه قطع شوطاً كبيراً في تطبيع العلاقات مع إسرائيل فإنه لم يشارك في قمة إبراهام السابقة، وربما لا يشارك في القمة القادمة لأنه رسمياً غير عضو في اتفاقات إبراهام وبالتالي في حال شارك سيشارك كعضو مراقب لأنه ما زال ينتظر تكوين حكومة توافق سياسي بقيادة مدنية وتكوين برلمان معين للتوقيع على اتفاقية إبراهام والمصادقة عليها في البرلمان.
وأردف: ظل العسكر بشكل عام والفريق أول عبدالفتاح بشكل خاص يتمتعون بعلاقات وثيقة جداً مع الحكومة الإسرائيلية.
هل تتحول الاتفاقية إلى تحالف؟
يقول السفير متقاعد عبدالوهاب الصاوي إن مشاركة السودان في القمة العربية الإسرائيلية تؤكد استمرار حكومة الواقع الحالية في محاولة لحل العزلة الخارجية عبر التطبيع مع إسرائيل والسير في مخطط الدول العربية الداخلة في إطار اتفاق إبراهام.
وبحسب الصاوي في إفادة لـ(اليوم التالي) أن ذلك يضاعف من انعزال الحكومة داخلياً لرفض التطبيع مع إسرائيل التي تمارس التقتيل وبناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأكد أن القمة لن تخرج من الوعود وتحسين صورة إسرائيل لدى الرأي العام العربي ولن تكون هناك فرصة للتحالف وسط أجواء التصعيد الإسرائيلي والعنف ضد الفلسطينيين.
غياب استراتيجية
فيما يقول خبير الدراسات الاستراتيجية البروف حسين أبو صالح، إن السودان واجه ملف إسرائيل دون رؤية استراتيجية، لا سيما وأن مثل هذا الصراع يدار باستراتيجيات لجهة أن التخطيط الاستراتيجي يسمى علم إدارة الصراع، والاستراتيجية تواجهها الاستراتيجية.
وقطع لـ(اليوم التالي) بعدم تحقيق مصالح دون رؤية استراتيجية وقدرة تفاوضية عالية، وتابع: نواجه صناعة الأزمات والفوضى الخلاقة، وإدارة الملفات الحمراء باستلاب الإرادة من خلال استخدام الملفات الأخلاقية ومصيدة الديون والعقوبات السياسية أو الاقتصادية أو التقنية أو الحرب النفسية وحرب الحدود والسيطرة على مركز الفعل السياسي وغيرها من الأدوات.
ويرى أن الثورة خلقت مشهداً غريباً والمشهد كأنما صنع لكي يتم استيقاظ التوجهات الاستراتيجية.
ووفق حسين، السودان لا يملك وثيقة مصالح وطنية، أهم وثيقة وجزء أصيل من الرؤية الوطنية للدولة وتضم المصالح السياسية والاقتصادية والأمنية، والعلمية والتقنية، تمكنه من اتخاذ قرارات استراتيجية بحجم التطبيع مع دولة الكيان الإسرائيلي.
وقال إن ما يجري أقرب للتطويع وليس التطبيع، لجهة أن الدخول في علاقات استراتيجية بحاجة إلى مؤسسات وبرنامج منتخب، ولا توجد دولة راشدة تتخذ قرارات كبيرة دون مؤسسات واستراتيجيات حقيقية وإرادة سياسية ووطنية.
مواجهة أخلاق
ويشير حسين إلى أن الخطوة لن تقود لتحقيق مصالح حقيقية للشعب السوداني، مشدداً على ضرورة وضع استراتيجية والتحام وطني حول المصالح.
إسرائيل عملت وفق منهج استراتيجي عميق بجانب امتلاك عناصر القوة السبعة، وسخرت كل الأشياء، الأمر الذي رجح كفتها، في ظل غياب عقل استراتيجي عربي.
وطبقاً لأبي صالح، ما يعرف بالإبراهيمية جاءت لمواجهة مبدأ الأخلاق الذكي الذي يناقض الاتفاقيات الغربية مثل سيداو وحقوق المثليين، وأردف: ما جرى في السودان مرحلة ابتزاز تمهيداً لما ينبغي أن يتم.
ويلفت إلى أن المنطقة العربية والأفريقية أغنى مناطق العالم بالثروات، بالإضافة إلى أنها موقع مهم يربط العديد من المناطق أوروبا وآسيا وأمريكا، وبها ممرات مهمة مثل الخليج العربي والبحر المتوسط والبحر الأحمر بجانب قناة السويس.
من نظريات الصراع الدولي من يسيطر على الموارد الطبيعية ويسيطر على المواقع الاستراتيجية يسيطر على العالم، ومن هنا جاء الاهتمام عبر التاريخ بالمنطقة، علاوة على أن المنطقة تقع في محاور الصراع الستة، الطاقة، المياه، المعادن، والصراع العقدي الثقافي، ويضيف: كل هذا موجود في السودان.
قمة إسرائيلية عربية:
وقد كشفت صحيفة تايمز أوف إسرائيل عن قمة أمريكية إسرائيلية مع دول اتفاقيات إبراهام بالمغرب خلال مارس الجاري برعاية واشنطن.
وقالت الصحيفة إن جميع الدول التي وقعت على اتفاقيات إبراهام مع إسرائيل مدعوة لحضور القمة التي ستناقش ملفات تتعلق الصحة والتعليم والأمن الغذائي والمياه والسياحة والطاقة.
ووفقاً للصحيفة أصبحت الإمارات العربية المتحدة والبحرين أول دول خليجية توقع اتفاقية لإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، كما أعلن السودان والمغرب تطبيع العلاقات مع إسرائيل في إطار اتفاق إبراهام فيما حافظت كل من مصر والأردن على علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل وفق اتفاقيات سابقة.