لقاء الوالي والإعلام.. الفشل قبل السلام..

هيثم السيد يكتب:

فشل لقاء والي الخرطوم بالإعلاميين والفنانين ظهر الأحد قبل أن يبدأ، ذلك بعد أن تأخر عن موعده المقرر بأكثر من 45 دقيقة، وسبق ذلك من دلائل الفشل غياب المراسم في مكتب الوالي، حيث لم يجد غالبية المدعوين من يستقبلهم ويوجههم الى مكان الاجتماع، وكان طبيعياً مع ذلك أن تغيب الضيافة عن مكتب رئيس جمهورية الخرطوم العاصمة، حتى اضطر البعض للبحث عن مياه الشرب في (مواسير) رئاسة الولاية، قبل أن يتم تقديم قارورة (صافية) صغيرة قبل نهاية الاجتماع لكل ضيف مع بضعة علب مياه غازية و(شوية) ساندوتشات لم تكفِ المصورين ناهيك عن الضيوف.. غياب رجال المراسم أدى للهرجلة في إجلاس الضيوف، ولم يخلُ الأمر من الإحراج، حينما اضطر بعض الموظفين لرجاء من جلسوا في قاعة الاجتماع لتغيير مكانهم وإفساح المجال لغيرهم، ونحمد الله على عدم وجود أجانب في اجتماع والي عاصمة السودان.
بدأ اللقاء بشرح مطول من والي الخرطوم المكلف أحمد عثمان حمزة حول التحديات التي تواجه الولاية خلال فصل الخريف وعن إشكالات البنيات التحتية للولاية وعن مشروعاتهم لتطوير الخرطوم، وهذا هو الموضوع الأساسي للاجتماع، لكن والي الخرطوم فاجأ الحضور بإتاحة فرصة الحديث لوالي سنار الذي حضر فجأة للحديث عن مشاكل ولاية سنار، وقد أسهب هو الآخر في الحديث بصوت غير مسموع، فقطع بذلك اهتمام الناس وفصلهم عن ما قاله والي الخرطوم فيما يتعلق بمشاكل ولايته، لذلك عندما فتح باب الأسئلة والمداخلات تشتتتِ الأفكار وخرج غالبها عن الموضوعات الآنية الى ما هو أبعد، ولم تجد سنار حظاً من التناول خلال التداخل.
غالبية الموضوعات المتناولة تعلقت بالخريف، ونسي والي الخرطوم أن هناك أزمات أصبحت على مدار العام وهي أولى بالاهتمام والمعالجة، على رأسها الاختناق المروري الذي كان في السابق يحدث في أيام وأوقات محددة من الأسبوع، لكنه أصبح الآن على مدار الأسبوع حتى أيام العطلات تكاد تكون الحركة فيها أصعب من الأيام العادية..
حديث والي الخرطوم عن الإصلاحات والخطط تركزت على المعالجات اللحظية، منها حديثه عن ترقيع الشوارع الخالية من الأسفلت، وفشلهم في محاربة الأسواق العشوائية والفريشة بحجج السيولة الأمنية وعدم وجود المعينات اللازمة.
في رأيي أن مشكلة الاختناق المروري هي الأخطر والأولى بالاهتمام من كل قضايا الولاية الأخرى، لأن الاختناق يؤثر على حركة الناس وعلى مساعيهم لتوفير قوت يومهم، وتأثير الاختناق يبدأ من زيادة استهلاك وقود السيارات الخاصة والمركبات العامة بسبب الوقوف لأزمان طويلة لأجل عبور مسافة لا تزيد عن المائة متر. المشكلة في المسؤولين أنهم دائماً يتحركون عبر مواتر تفتح لهم الطرق ويعبرون المسافات التي يقطعها المواطن العادي في ساعات، خلال دقائق قليلة لذلك هم أقل إحساساً بمعاناة الناس.
أعود وأقول إن مشاكل الاختناق المروري تحتاج لحلول جذرية، وهذا يتطلب قرارات شجاعة، لابد من الإشارة لبعض الأماكن التي تحتاج للمعالجة.. بداية من مدخل كبري الحرية من ناحية شارع الطابية الممتد من كبري الفتيحاب الى مستشفى الشعب، لابد من إزالة سور مدرسة النيل الأبيض سابقاً الواقعة غرب داخلية حسيب، وذلك لتوسيع الشارع حتى نفق الاستاد، كما يجب إزالة سور المباني الواقعة في محيط السكة حديد من مدخل كبري الحرية وحتى استوب شارع بيويوكوان وذلك لتوسيع مسارات الشارع الحيوي، وذات الحال ينطبق على ذات الشارع من بدايته بالاستوب الواقع جنوب موقف شروني ويتجه شمالاً الى مدخل شارع القصر.
وأنت في طريقك الى أمدرمان عبر كبري النيل الأبيض هناك زحام يومي يبدأ من مسجد الشهيد وحتى مدخل الكبري من ناحية أمدرمان، بعدها يتفاجأ الناس بخلو شارعي الموردة وبانت من الاختناق، كل ذلك بسبب المسار الفرعي المخصص لدخول المجلس الوطني والذي تتوسطه أشجار النخيل، ليس من المعقول أن يكون هذا المسار سبباً في الاختناق الدائم طوال العام لأجل طريق يستخدم مرة أو مرتين خلال العام.
شارع النيل أمدرمان أصبح هو الآخر دائم الاختناق بسبب وجود صالات الأفراح مثل الريفيرا ومتنزه البرير ومول الحوش وكافيه الراكوبة، في السابق كان هناك مقترح لإنشاء مسار جديد يبدأ من المنطقة ما بين المجلس الوطني ومسجد النيلين، ويتجه شمالاً شرق مسجد النيلين وجامعة القرآن الكريم وسوق السمك وصولاً الى مشتل محلية أمدرمان ليربط بشارع النيل من أسفل كبري شمبات، بحيث يصبح شارع الموردة الحالي اتجاهاً واحداً ناحية الجنوب.
هناك الكثير من مواقف المواصلات العشوائية نشأت تحت مرمى عين الولاية، منها موقف الشقلة أبوسعد، والشقلة هذه منطقة أصبحت عصية على ولاية الخرطوم وعلى محلية أمدرمان وعلى وحدة أبي سعد جنوب، بشهادة مسؤول المحلية الذي قال في ما معناه: (والله ديل ما قدرنا عليهم)، رغم أن بوابة المحلية تفتح على موقف الشقلة مباشرة، هل تصدق سيدي الوالي أن عبور هذه المسافة القصيرة يستغرق يومياً أكثر من ساعة..؟
السبب ليس الفريشة ولا فوضى الوقوف الخاطئ لأصحاب المركبات ولا أصحاب الأكشاك العشوائية الذين تحميهم المحلية، بل السبب هو غياب المحلية وتقاعسها عن القيام بدورها، أما سوق الشقلة الذي يقع شرق الموقف، فإن الصابون هناك يحتاج الى صابون، وما يحدث في الشقلة نجده بالكربون في جاكسون وفي الشهداء وفي السوق المحلي ومناطق أخرى كثيرة.
شارع الغابة بالخرطوم يحتاج معالجة وتوسعة، وهناك مسار يحتاج لتوسعة عاجلة وهو الشارع المتفرع من تقاطع السكة حديد بالغابة، ويتجه شرقاً الى المنطقة الصناعية ومنها جنوباً الى سك العملة سابقاً، هذا الطريق يمكن أن يستوعب أكثر من 6 مسارات، وهو متنفس لاختناق شارع الغابة ،شارع الحرية الذي أعيدت الحركة فيه لاتجاهين، لا يزال بدون تروتوار يفصل المسارين، رغم أن هناك مسار كامل يستغله باعة الفواكه، ومظاهر الفوضى في الشارع مؤسفة، لأن الحرية كان الشارع الأجمل والأمثل من كافة النواحي أيام الخرطوم قبل البوكو حرام.
قبل فترة كنا أكثر اطمئناناً لحال الولاية في ظل وجود الوالي أحمد عثمان حمزة الضابط الإداري وليس الوالي السياسي، الشخص المطلوب هنا تنفيذي خدمي، وهذا يتوافر في حمزة، لكن يبدو أن المحيطين به يريدونه أن يحكم بما يرون هم وليس هو.. غداً ينقضي الخريف وينحسر النيل وتنتهي جيوش الباعوض، ولكن يبقى الاختناق المروري هو الإشكال الأكبر في ولاية الخرطوم، سيادة الوالي.. سعر جالون البنزين يقارب الأربعة آلاف جنيه، أقل المواطنين حركة يستهلك في اليوم جالوناً، ومن يستغل المواصلات يحتاج لقيمة الجالون للوصول لمكان العمل أو الدراسة ، هذا سبب رئيس لمعاناة الناس..
هذه رسالتي لك بعد أن حرمتني زحمة المصورين ووقوفهم الخاطئ في قلب القاعة من توجيهها لك مباشرة خلال الاجتماع الفاشل، وهذه يحاسب عليها مسؤولو المراسم إن كانت لديكم إدارة بهذا المسمى.
أخي الوالي اخرج الى الناس بعيداً عن القاعات المكيفة، اقضِ يوماً في جاكسون أو في شارع الحرية أو شارع النيل أمدرمان قبالة حديقة الموردة، لتقف على المرسى الذي أصبح مكباً لنفيات المحلية، أما محلية أبي سعد فهذه، تحتاج لمراجعة عاجلة، فهناك الفشل بعينه، يجب السعي لأجل الحلول الجذرية، حتى وإن استدعى الأمر إزالة السكة حديد من قلب الخرطوم، أو بيت من بيوت الميرغني أو المهدي.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب