رئيس القطاع السياسي بحزب الأمة فتحي حسن عثمان لـ(اليوم التالي): الراهن نتيجة للتأسيس الخاطئ وتحويل الانتقالية إلى محاصصة حزبية 

الإطاري نادٍ محدود العضوية ليس له معايير وأسس منطقية

تكهن فولكر بتكوين حكومة قبل رمضان لا يستند على ساقين

حوار: الخواض عبدالفضيل

أكد رئيس القطاع السياسي بحزب الأمة فتحي حسن عثمان مادبو في حواره مع (اليوم التالي) أن أكبر مهدد للفترة الانتقالية ذهنية الإقصاء التي تسيدت الساحة السياسية السودانية ودخول ناشطين بالمطلق في الشأن السياسي وقطع بأن الإجماع السياسي الضمانة الوحيدة للتحول الديمقراطي والذهاب إلى تحديد الانتخابات وزاد: توافق الكتلة الديمقراطية والمجلس المركزي للحرية والتغيير لا يعني نهاية الأزمة وانتهاء الأزمة بحوار سوداني ـ سوداني.

في البدء كيف تقرأ الراهن السياسي السوداني؟

نحن في حزب الأمة نقرأ الراهن السياسي باعتباره نتيجة لمقدمات وتفاعلات وتقاطعات وأحداث يعتبر الراهن هو نتيجة طبيعية لها، ففي المنطق الرياضي (كل نتيجة مرتبطة بمقدماتها)، فالتأسيس الخاطئ للفترة الانتقالية وتغيير هدف وتركيبة السلطة الانتقالية وتحويلها من سلطة عبور وانتقال إلى سلطة حزبية عبر المحاصصات والتدافع والتشاكس حول السلطة وممارسة الإقصاء واعتماد مبدأ غريب ودخيل في السياسة السودانية وهو مبدأ الشراكة بين المكون العسكري وقوى الحرية والتغيير فتجارب الانتقال في السودان تقول إن المكون العسكري يكون في موقع السيادي بسلطات تشريفية محدودة مثل تجربة سوار الذهب ومن قبله الفريق عبود فحدث الصراع الماثل للعيان ثلاثي الأبعاد بين المدنيين والمدنيين والمدنيين والعسكريين، والعسكريين والعسكريين، هذه خلاصة التأسيس الخاطئ والثمرة المرة لممارسة الإقصاء التي انتهجتها جماعة المجلس المركزي.

ما هي أبرز التعقيدات والمهددات التي تواجه الفترة الانتقالية للعبور بالفترة الى الاستحقاق الانتخابي؟

أكبر مهدد للفترة الانتقائية ذهنية الإقصاء التي تسيدت الساحة السياسية السودانية ودخول ناشطين يتحدثون بالمطلق في الشأن السياسي ومعلوم أن الشأن السياسي يتداخل مع علم الاجتماع وتتفاعل فيه العادات والتقاليد والثقافات والمعتقدات، فكيف لناشط عديم الخبرة والمعرفة والتجربة أن يتحدث عن مصير أهل السودان وكأنه يتحدث عن عملية جمع أو ضرب أو طرح في مجال الحساب أو الرياضيات، فالوثيقة الدستورية التي تأسست عليها الفترة الانتقالية تقول بوضوح إن كل مكونات المجتمع السوداني السياسية والاجتماعية لها الحق في المشاركة في الشأن العام عدا المؤتمر الوطني فإن لم يقتنع هؤلاء بما كتبوه بأيديهم فإن الإقصاء يولد إقصاءً مضاداً..

هل تعنت المدنيين على توافق سياسي شامل نتاج من عدم الإرادة للعبور بالمرحلة في ظل معاناة اقتصادية وأمنية؟

أرجو أن تسمي الأشياء بمسمياتها الحقيقية وهي شلة ما تبقى من الحرية والتغيير كانوا أربعة وخرج منهم واحد، فأصبحوا ثلاثة هؤلاء يتحدثون وكأن السودان شهادة بحثه بيدهم وكأنه ملك حر مسجل باسمهم مع أنهم لا يملكون تفويضاً انتخابياً ولا يملكون سنداً شعبياً شلة أفندية سطوا على الثورة التراكمية وهم فقط يريدون أن يحكموا السودان لا تعنيهم المعاناة المعيشية التي يكابدها أهل السودان ودليلي أنهم لم يتفقوا على برنامج اقتصادي لتحسين معاش السودانيين، ففضحهم رئيس الوزراء المستقيل حمدوك بأنهم لم يسلموا برنامجاً وهؤلاء من العجز والتوهم بمكان للدرجة التي يظنون أن أقوالهم من تلقاء نفسها تتحول إلى أفعال، فهم لا تعنيهم حالة السيولة الأمنية في بعض الولايات فمعظمهم من حملة الجوازات الأجنبية متوقع خروجهم أو احتماءهم بسفارات بلدانهم تلك، هؤلاء مهتمون برضا السفارات عنهم وليس رضا أهل السودان..

ما هو موقفكم من العملية السياسية الجارية من خلال الاتفاق الإطاري؟

موقفنا واضح وهو أن الاتفاق الإطاري احتوى على عموميات تعتبر بمثابة قواسم مشتركة بين القوى السياسية السودانية، ولكن دخل في تفاصيل وقضايا تتجاوز الفترة الانتقالية لذلك قلنا إنه يجب أن يخضع للتعديل والإضافة والحذف فهو جهد بشري ليس بقرآن أو إنجيل أو توراة، ففيه أخطاء فادحة مثل تجاوزهم لمسألة اللغه العربية والنص على الدين ومصادر التشريع وتعريفهم الخاطئ للدولة السودانية بأنها دولة مدنية ديمقراطية برلمانية فيدرالية فمعلوم بداهة أن النظام الفيدرالي لا يتماشى مع النظام البرلماني، وإنما النظام الرئاسي. وغيرها من الملاحظات التي أجملناها في عشرين ملاحظة وقدمنا بها بياناً للمكون العسكري والثلاثية والرباعية والبعثات الدبلوماسية المعتمدة، فقلنا إذا تم قبول هذه التعديلات سنوقع على الاتفاق الإطاري، ولكن لم يحدث لا هذا ولا ذاك.

تقدمتم بطلب الانضمام للإطاري وتم رفضه بحجة تأييد إجراءات 25 أكتوبر في نفس الوقت الإطاري به أحزاب سقطت مع البشير كيف ترد على ذلك؟

نحن كتبنا حوالي عشرين ملاحظة وثغرة في الاتفاق الإطاري، ووجدنا لها المعالجات وكما أسلفت قلنا إذا تم قبولها والنقاش حولها سنوقع، ولكن الذي حدث هو أن الاتفاق الإطاري (مزاد مغلق) ونادٍ محدود العضوية وليست هناك معايير أو أسس تم الاستناد عليها لتحديد من يوقع ومن يتم رفضه فهم وأعني المركزي للحرية والتغيير وقعوا مع المكون العسكري الذي أزاحه من السلطة بإجراءات 25 أكتوبر والعجيب أنهم وقعوا مع المؤتمر الشعبي الذي قام بانقلاب الإنقاذ نفسها وقيادته تقبع في السجن.

الحرية والتغيير المجلس المركزي قالت إن العملية السياسية في الإطاري أطرافها محدود وقائد الجيش يقول غير ذلك ما تفسير هذا التناقض؟

جماعة المجلس المركزي للحرية والتغيير معذورون، فهم كالطفل الذي يعاني من البدانة والسمنة الزائدة فاشترى له أهله كرة قدم لكي يلعب بها مع أقرانه فيتخلص من وزنه بطريقة غير مباشرة فيخرج للشارع ليلعب فيجد من هم في عمره أجسامهم رياضية ويستطيعون ترويض الكرة والمرور منه بسهولة ويسر ويتبادلون الكرة في رشاقة وخفة فيبكي ويمسك بكرته ويقول فلان وعلان وفلتكان ما عاوزهم يلعبوا معي وما يلعبوا بكورتي فهؤلاء الجماعة لا فرق بينهم وروح هذا الطفل البدين المدلل يريدون احتكار الشأن العام السوداني دون أي مبررات أو مسوغات لجهة كونهم لا يمثلون إلا أنفسهم أما حديث قائد الجيش فهو الحديث الذي قالت به الوثيقة الدستورية أن لا عزل إلا للمؤتمر الوطني، وبضدها تتبين الأشياء..

وإذا نجحت أطراف الإطاري في تكوين الحكومة ما موقفكم منها؟

قوى ما يسمى بالاتفاق الإطاري عقدوا الورش وتحاوروا مع أنفسهم فجميع الورش لم تحقق الهدف المطلوب منها، بل حققت عكس مقاصدها تماماً، فورشة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو جاءت توصياتها مخالفة لما نصح به الخبراء الذين جلبتهم بقايا الحرية والتغيير وتعتبر توصياتها تعدياً صريحاً وتدخلاً سافراً من السياسيين في شأن السلطة القضائية والتي يفترض أن تكون مستقلة وأن إصلاحها يكون من داخلها عبر آليات تمتلكها الهيئة القضائية بعد تكوين مجلس القضاء العالي والنيابة العامة والمحكمة الدستورية، المركزي يريدون تعيين القضاة ووكلاء النيابة وقضاة المحكمة الدستورية أي عبث هذا الذي تنوي هذه المجموعات فعله؟ كما أن ورشة العدالة الانتقالية غاب عنها أهل المصلحة من دارفور وجنوب كردفان لغياب الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا وغاب أهل الشرق بغياب المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة فعن أي شيء يتحدثون هؤلاء يمارسون خداع الذات ولن يستطيعوا تكوين حكومة مدنية بمفردهم ولن ينجحوا في أي مسعى طالما أنهم مصرين على إقصاء أهل السودان.

ورش القاهرة ومخرجاتها هل تتوافق مع الإطاري وما الفرق؟

المقارنة معدومة بين الشحم والورم، مخرجات الحوار السوداني السوداني بالقاهرة جلس لها طيف واسع من أهل السودان فخرجت توصياتها شاملة لإدارة الفترة الانتقالية من حيث الأسس والمعايير الواجب الاستناد عليها لاختيار رئيس الوزراء والوزراء ومن حيث المرجعية الدستورية التي تستند عليها الفترة الانتقالية بتعديل الوثيقة الدستورية ومن حيث البرنامج الاقتصادي لتحسين معاش أهل السودان وحددت بوضوح كيفية استكمال هياكل السلطة الانتقالية وصلاحياتها والآلية الوطنية لاختيار شاغلي الوظائف الدستورية من رئيس الوزراء وزرائه والتشاور مع المكونات العسكري والتوافق على دوره في الفترة الانتقالية ومخرجات القاهرة مفتوحة لكل أهل السودان بعكس الإطاري الذي يراد به الإقصاء وتمكين مجموعة صغيرة محدودة السند والتأييد من مفاصل الدولة السودانية..

هل يمكن إدماج مخرجات القاهرة والإطاري في إعلان سياسي جديد؟

أطراف مخرجات الحوار السوداني السوداني بالقاهرة منفتحة على الجميع والطرف المتعنت ومنتفخ دون مبرر إذا أدرك خطأ تقديراته فيمكن الجلوس ومواءمة ما ورد في مخرجات الحوار السوداني بالقاهرة والإطاري يتم تجاوز حالة الانسداد السياسي الماثلة الآن.

شهدت الأيام الماضية تصريحات وتراشقات إعلامية من المكون العسكري ما تأثيرات التصريحات على المشهد السياسي؟

تعتبر سلبية بكل المقاييس وتترك أثراً سالباً على رجل الشارع العادي وتزيد من حدة الاستقطاب الموجود بالفعل لا سبيل لإلغاء طرف لآخر، فالحوار وحده هو المخرج الحقيقي والآمن لنا نحن أهل السودان.

ما تعليقك على التصريحات السياسية من القادة العسكريين وحديث الساسة في هيكلة الجيش؟

القادة العسكريون لم يكتمل خروجهم من المشهد السياسي السوداني لذلك ليس مستغرباً تحدثهم في الشأن السياسي باعتبار أن هناك شراكة تم فضها بإجراءات أكتوبر من العام قبل الماضي وهم الممسكون بمقاليد الأمور وحديث المدنيين عن هيكلة الجيش كمشروع وطني أمر حيوي فى ظل تعدد الجيوش وتوقيع اتفاقيات سلام مع جماعات اعتمدت الكفاح المسلح فالأصل أن يكون للسودان جيش نظامي واحد بعقيدة قتالية متوافق عليها، لكن الحديث في ظل الخلافات بين المكون العسكري وقوى الحرية والتغيير والخلاف بين المدنيين أنفسهم والخلاف بين الجيش والدعم السريع هو أمر مقلق ويضع البلاد في حافة الانهيار، فالمطلوب الحوار وليس بإمكان طرف إلغاء الطرف الآخر، لذلك لتجاوز هذه المعضلات لابد من حوار سياسي سوداني ـ سوداني لا يعزل أحداً عدا المؤتمر الوطني.

قال البرهان لا مكان التدخلات الخارجية وهناك تجاوزات من السفارات، تتدخل في الشأن السوداني كيف تبرر ذلك؟

العلاقات الخارجية قائمة على تبادل المصالح والمنافع وليس على المبادئ، فالعالم أصبح قرية صغيرة في ظل ثورة الاتصالات وحرية حركة البضائع والأفراد ورأس المال فتشابك العلاقات والمصالح جعل الحضور الدولي كثيفاً في الشأن السوداني والتدخل السالب مرفوض وتجاوزات السفارات مرفوضة جملة وتفصيلاً، والمحزن أن هناك ناشطين أصبحوا في خدمة السفارات، بل جاهروا بذلك بأنهم سيذهبون إلى السفارات سفارة سفارة وهو أمر مخزٍ ويتعدى مفهوم العمالة التقليدية ويرقى إلى مصاف الخيانة الوطنية.

صرح فولكر بيرتس أن الحكومة ستشكل قبل شهر رمضان ما هو رأيك في هذا التصريح؟

فولكر بيرتس دوره ينحصر في تسهيل الحوار بين السودانيين وتسهيل التحول الديمقراطي من خلال دعم البعثة الأممية المتكاملة لتوطين الثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان والتثقيف الانتخابي وتدريب الشباب على مراحل العملية الانتخابية، ولكن المتتبع لدور هذا الموظف الأممي يجده قد انغمس وأصبح طرفاً في الصراع السياسي بتحيزه الواضح لمجموعة المجلس المركزي وعدم وقوفه على مسافة واحدة من كافة المجموعات الاجتماعية والسياسية في السودان الأمر الذي جعله بمثابة رئيس فخري للمجلس المركزي فهو كثير التصريح قليل الفعل كل عملية حوار يقودها لا يستطيع تلخيصها وتقديم نتائجها، بل يدخل في حوار جديد ويقدم إحاطات كل ثلاثة أشهر لمجلس الأمن الدولي صاحب التفويض فقد فشل فشلاً ذريعاً في الوصول بالعملية السياسية في السودان إلى نهاية مقبولة لأهل السودان، فتصريحه الأخير بتكوين الحكومة المدنية قبل شهر رمضان تكهن سياسي لا يستند على ساقين..

تبرير شمولية العملية السياسية تعتبر إغراقاً من قبل الموقعين على الإطاري ألا يمكن أن يكون إجماع أفضل من كلمة إغراق؟

هؤلاء الذين يعتبرون شمولية العملية السياسية إغراق سياسي من قبل الموقعين هؤلاء يعانون من حالة حول سياسي وفجوة إدراكية، فالإجماع السياسي هو الضمانة الوحيدة للتحول الديمقراطي والذهاب إلى تحديد مواعيد الانتخابات وإنهاء أمد الفترة الانتقالية الذي تطاول كثيراً فالأصل في الفترة الانتقالية أن تقودها كفاءات مستقلة، فالأحزاب السياسية تذهب لتجهيز نفسها للانتخابات ويعود الجيش للثكنات..

هل باتفاق الكتلة الديمقراطية والمجلس المركزي الحرية والتغيير تنتهي الأزمة؟

الكتلة الديمقراطية والمجلس المركزي للحرية والتغيير كانوا كتلة واحدة وتفجرت الأزمة فعودتهما لبعض لا تعني انتهاء الأزمة وأقول تنتهي الأزمة بحوار سوداني ـ سوداني بالمرجعيات التالية مخرجات الحوار السوداني بالقاهرة والاتفاق الإطاري وورش تقييم تنفيذ اتفاق جوبا للسلام وأي مرجعية أخرى مناسبة.