المعز حضرة: يجب النظر في مقترح حكومة “تصريف أعمال” لحين التوصل إلى اتفاق نهائي
محلل سياسي: ليس من مصلحة مركزي الحرية والتغيير التبشير
صلاح الدومة : من يبشرون بتكوين حكومة تصريف أعمال يتبعون للفلول
فاطمة مبارك
تمر الأزمة السودانية بمختلف أبعادها السياسية الأمنية والاقتصادية والاجتماعية بأخطر مراحلها، وبدا واضحاً أن كل المساعي التي بذلت خلال الفترة السابقة لتحقيق التوافق الوطني وتكوين حكومة كفاءات وطنية قد اصطدمت بحائط التكتلات والاستقطابات السياسية، والتمترس في المواقف،
وتفاقمت المسألة بعد ظهور خلافات داخل المؤسسة العسكرية نفسها أي بين قائد الجيش والدعم السريع.
وفي هذا الجو المشحون، سيطر على المشهد الشائعات والتكهنات دون أن يكون لأي طرف قدرة على منعها، ونتيجة لذلك أطلق بعضهم تنبيهات من أن يقود هذا الوضع للانفلات، فيما حذر رئيس حركة تحرير السودان أركو مناوي أمس، من اقتراب ساعة الصفر، لافتاً للحشود العسكرية ونقل مقاتلين من الولايات للخرطوم.
البحث عن مخرج:
الموازنة يبدو كذلك أن عدم توقيع قوى السلام على الاتفاق الإطاري الموقع في الخامس من ديسمبر الماضي وخروج حزب البعث العربي الاشتراكي من تحالف مركزي التغيير من قبل، جعل رهان الموقعين عليه، في أن يصل لاتفاق نهائي ويمثل مخرجاً من الأزمة، أمراً مشكوكاً فيه، ويصعب البناء عليه، حتى بالنسبة لقيادات مركزي الحرية والتغيير نفسها.
وهذا قد يفسر أسباب مغادرة وفد من قيادات مركزي التغيير يوم الخميس الماضي إلى دولة الإمارات، إحدى دول الرباعية الناشطة في الملف السوداني، ولم يستبعد المراقبون أن يكون أمر مغادرتهم مرتبطاً بمناقشة الإشكالات التي تواجه الاتفاق الإطاري والعملية السياسية، خاصة أن هذه القيادات سبق أن نوهت أكثر من مرة إلى أن العملية السياسية تمضي نحو نهاياته ولم يتحقق ذلك الوصول . عموماً هناك حراك غير معلن لقوى مركزي التغيير داخلياً وخارجياً، قد يكون الهدف منه البحث عن خيارات وبدائل لتجاوز حالة الانسداد السياسي.
مقترح حكومة تصريف أعمال :
تاكيداً لاتجاه بحث تحالف مركزي الحرية والتغيير عن بدائل أخرى، قالت المتحدثة باسم قوى إعلان الحرية والتغيير، نائب رئيس حزب الأمة القومي مريم الصادق المهدي، في مقابلة مع الجزيرة مباشر (الأربعاء) الماضي، “يجب أن ننظر في بدائل موضوعية، بعد تطاول أمد العملية السياسية، وكشفت عن مقترح، قالت (لم نبحثه بعد)، يتعلق بتشكيل حكومة تصريف أعمال لوزراء”. لحين التوصل إلى توافق.
وبدوره اتفق المدافع عن حقوق الإنسان والمناصر لقوى مركزي الحرية والتغيير، المحامي المعز حضرة، مع ما قالته دكتورة مريم الصادق المهدي، بأن على ائتلاف الحرية والتغيير النظر في مقترح لتشكيل حكومة “تصريف أعمال” إلى حين التوصل إلى اتفاق نهائي بسبب تطاول أمد العملية السياسية.
وأشار حضرة لبرنامج (مع الأحداث) الذي تبثه قناة البلد إلى أن الحالة التي تمر بها البلاد، خاصة الصراع الناشب بين الأطراف العسكرية يفرض ذلك، إضافة إلى أن “هناك جهات معلومة تسعى لعرقلة مسار الورش المتبقية وأضاف أن هناك من يحاول أن يتنصل من الاتفاق الإطاري.
وبحسب حضرة، من الممكن أن تشكل الحكومة حتى من دون إشراك القادة الموقعين على اتفاقية جوبا للسلام، جبريل إبراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة ومني أركو مناوي، حاكم دارفور، رئيس حركة تحرير السودان،
وفي السياق؛ كشف، أمس، عضو مجلس السيادة السابق القيادي بحزب البعث الاشتراكي الأصل، صديق تاور؛ للحراك مساعي المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير إلى تشكيل حكومة مدنية تحت رئاسة عسكرية تكون بمثابة” حكومة تصريف أعمال”.
وأكد وجود تسريبات تشير إلى اتّفاق بتشكيل حكومة مدنية على رأسها البرهان ووزارات من مدنيين أشبه بوضعية حكومة المخلوع البشير”السابقة” ـ على حدّ تعبيره
إذن هناك ثمة مؤشرات تدل على وجود تحركات لتكوين حكومة تصريف أعمال، ويبقى السؤال هل سيتم تكوين هذه الحكومة، وحال تكوينها، مامدى قدرتها على إنهاء الأزمة المتداولة.
أمر مستبعد:
المحلل السياسي و الأكاديمي د. محمد ابراهيم، استبعد تكوين حكومة تصريف أعمال، وقال لليوم التالي؛ هذه الحكومة لديها مطالب سياسية و دستورية، وتساءل عن طبيعة مهامها إذا كونت و ما شرعيتها، واعتبر الحديث عنها يثير تساؤلات، ويشير إلى أن هناك اختلافات وأشياء غير مرئية، وأضاف.. تطبيق الفكرة فيه تعقيد، ويفتح نقاشات جديدة وقد تجد القبول كفكرة، لكن التأسيس لديه أدواته السياسية، ولم يستبعد محمد إبراهيم أن يكون المقصود صرف أنظار الناس عن التعقيدات السياسية، وقال: ليس من مصلحة مركزي الحرية والتغيير التبشير بهذه الفكرة، وحتى إذا كانت لديه قناعات، لاينبغي أن يصرح بها القيادات، لأن الحديث عن تصريف أعمال يدل على تعثر العملية السياسية.
خطوة للحل:
إلا أن الدكتور والمحلل السياسي. آدم أحمد قال: إذا جاء مقترح حكومة تصريف أعمال على لسان مريم الصادق، فهذا يعني أنها أول خطوة في اتجاه الحل، لأن مريم كانت جزءاً من الأزمة، حسب ماذكر، وأكد أن حزب الأمة من أكبر أحزاب مركزي التغيير وإذا استطاع أن يقنع مكونات التحالف الأخرى، فيمكن أن يتم ذلك، بيد أنه أبدى تفضيله لتكوين حكومة مستقلة ذات مهام محددة، تمنح فترة زمنية تمكنها من إنجاز الملفات المعقدة، بدلاً عن تصريف أعمال، آدم لفت إلى أن السودانيين، بمختلف توجهاتهم، أصبحت أولويتهم القصوى، أمن و استقرار البلد، لأنهم وصلوا لقناعة مفادها أن انفراط أمن البلد سيقود إلى ضياعه، ولن تقم له قائمة، وأوضح أن هذه القناعة تدل على أن الأزمة تمضي نحو العد التنازلي لتنتهي إلى توافق، قد يقود لحكومة مستقلة أو تصريف أعمال.
المحلل السياسي دكتور صلاح الدومة ذهب في اتجاه اتهام من يبشرون بتكوين حكومة تصريف أعمال، بتبعيتهم للفلول، واعتبر أنهم أصوات قليلة داخل مركزي التغيير وغير مؤثرين، وقال: حزب الأمة معروف بعدم الثبات على موقف، من زمن الراحل الإمام، هو مع وهو ضد، ويتخلى عن الحلفاء في أحلك الظروف. حسب تعبيره.
يجنب الفوضى :
وفي شأن تكوين حكومة تصريف أعمال يقول الخبير والمحلل السياسي الفاتح محجوب: لليوم التالي، تكوين حكومة تصريف الأعمال قد تمثل مخرجاً مقبولاً للأطراف السياسية السودانية على اختلاف مواقفها، وأضاف.. لأن الخطر بات عظيماً جداً على وحدة واستقرار الوطن نفسه، في ظل التوتر الحالي بين قيادتي الجيش والدعم السريع وتعثر العملية السياسية الجارية، ومضى في حديثه.. وإصرار قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، على رفض قبول كامل الكتلة الديمقراطية للحرية والتغيير بقيادة السيد جعفر الميرغني وإصرارها على رفض الأعضاء السابقين في قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي ، بمن في ذلك الناظر محمد الأمين ترك، رئيس نظارات وعموديات البجة المستقلة.
وتوقع الفاتح حال تكوينها أن تكون بمثابة المخرج السليم، الذي يمكن أن يجنب البلد الفوضى و يؤهلها للمضي قدماً نحو إعفاء الديون الخارجية.
قفز بالعملية السياسية :
في السياق توقع الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عثمان ميرغني أن تكون حكومة تصريف الأعمال هي الحل للقفز بالعملية السياسية إلى أفق جديد بعد طول توقف في محطة الإطاري. وقال لليوم التالي: فكرة حكومة تصريف الأعمال توفر بيئة أفضل للحوار السياسي لكونها تتسلم السلطة وتخرج المكون العسكري من الملعب السياسي، لتتولى حكومة تصريف الأعمال الإشراف على الحوار بين المكونات المدنية.
ورجح عثمان حال تكوينها أن تستعيد العلاقات مع المجتمع الدولي و تتعامل مع الأزمة الاقتصادية بصورة أفضل.
وفي ذات الفكرة مضى
المحلل السياسي والدبلوماسي عبد الرحمن ابو خريس، اعتبر في حديثه لليوم التالي، حكومة تصريف الأعمال، بمثابة فرصة كبيرة في ظل تراجع التقارب المدني المدني واشتداد الضغط الدولي على تكوين حكومة مدنية عريضة، وقال كذلك على خلفية رفض مركزي التغيير توسيع المشاركة والتعامل بندية مع القوى السياسية، يصبح اتجاه الجيش لتكوين حكومة تصريف أعمال وارداً وبشكل كبير، كذلك المجتمع الدولي نفسه عجز عن تكوين حكومة مدنية قوية، ويريد حكومة تعمل على تحقق التحول الديمقراطي، في نهاية المطاف تصبح فرصة عمل حكومة تكنوقراط واسعة أمراً غير مستبعد.