ادركوا إدارة المياه لزيادة فرص النجاح

ادركوا إدارة المياه لزيادة فرص النجاح

إبراهيم شقلاوي

تظل قضايا المياه في مجتمعاتنا من القضايا الملحة والمهمة التي تحتاج إلى حسن الإدارة وحسن التدبير بجانب السياسات الحاكمة، فهي ليست قضية اقتصادية أو تنموية فحسب، بل تكمن في محدداتها القضايا السياسية والأمنية والإنسانية لكل بلادنا، إنها بمثابة سلسلة وحلقات مترابطة ببعضها البعض، لذلك لابد من نهوض الإدارة الجادة لتعزيز المصادر المائية بما يضمن الاستقرار والتنمية المستدامة، فإن ازدياد المطامع في ثرواتنا يجعل لزاماً علينا الانتباه والعمل الجاد لأجل أن نمضي في هذا الواقع بحكمة وتدبر.. كما لابد من حشد الطاقات والموارد ورفع كفاءات العاملين في المجال من خلال التدريب وبناء القدرات والاستفادة من الخبرات السودانية ذات الإرث التليد.. كما لابد أن تنهض مؤسسات الدولة قاطبة الى جانب المراكز البحثية لتقديم الأفكار الخلاقة عبر الدراسات المعززة لأمننا القومي في هذا المجال المهم والحيوي، لأن الفكرة الذاتية الناضجة هي الوسيلة الوحيدة التي تجنبنا مخاطر الابتزاز والخضوع للمساومات.

فإن الفراغ وعدم الجاهزية في هذا الجانب يدفع بالأطماع لتصدر المشهد ويزيد الرغبة في التدخل في الشأن الداخلي للبلاد مما يؤثر على أمننا القومي في جانب الموارد المائية وثرواتنا الأخرى، فهل نستفيق من ثباتنا وانصرافنا عن قضيانا الاستراتيجية في هذا المجال..؟!.. إنه السؤال الذي يقودنا الى أهمية التدخل العاجل من الخبراء والأجهزة المعنية فكل ما كان إدارتنا لمواردنا المائية حكيمة وجادة وذات رؤية استراتيجية، كل ما كنا في مأمن من الأطماع وعلى دراية بالمطلوبات لأجل إنسان بلادنا الذي يتأمل كل هذا الواقع بعين الترقب والأمل والانتظار، عليه لابد أن ندرك تقاطع العوامل الجيوسياسية مع الجيو بولوتيكا والتي تعتبر عوامل حيوية بالنظر تأثيرها في دعم الاقتصاد ونهضته.

فإن ذلك يفسر الهجمة الشرسة التي يشهدها محيطنا الإقليمي وتشهدها بلادنا بالنظر الى موقعها المميز ومواردها المتعددة، ذلك الواقع الذي فرضه علينا موقعنا المميز والمركزي المطل على ساحل البحر الأحمر مع وجود عدد من الأنهار العذبة العابرة الى جانب تعدد المصادر المائية الأخرى سطحية أو جوفية.. لذلك لابد أن يساهم الجميع بمساهمات جادة وعاجلة من أجل إيجاد صيغة مثلى للاستفادة من هذه الموارد.

فإن السدود السودانية التي تمثل مصدراً مهماً من مصادر الاستفادة من المياه في كافة الجوانب ما زالت تعمل بنصف جدواها الاقتصادية التي صممت من أجلها، كما أن توقف العمل في مشروعات حصاد المياه أثر سلباً في إدارة هذه المشروعات هذا بجانب التعقيدات الاقتصادية والإدارية التي تشهدها هذه المشروعات التي تحتاج الى الإشراف الهندسي المستمر الى جانب الصيانة الدورية.

فإن بروز الصراعات الداخلية على المستوى الإداري والسياسي يجعل من الصعوبة القيام بأدوار مهمة تدرك أهمية هذه الموارد وأهمية اتساع الأفق للاستفادة منها كما يجب، عليه لابد من الأفق الجديد الذي يأخذ بعين الاعتبار البعد الاستراتيجي للتنمية المستقبلية حتى يحسن توظيف هذه الموارد لفائدة إنسان السودان الذي ظل يعاني من شظف العيش وقلة الغذاء والصراعات العدمية لذلك لابد من قوة دفع جديدة تنهض بقطاع التنمية في جانب الموارد المائية وتتبنى مواقف مهنية موحدة وملهمة للخروج من هذه الأزمة الماثلة حتي نحقق قوة الدفع الحقيقية لهذا الجانب المهم استجابة للمصالح القومية وحماية للمكتسبات المائية والموارد التي يشتد عليها صراع المصالح الإقليمي والدولي، كما لابد من نظرة مستقبلية شاملة للنهضة الاقتصادية التنموية، تستوجب العناية بهذه المعطيات ضمن استراتيجية التنمية الاقتصادية للبلاد من خلال الدور الفاعل للخبرات السودانية التي تقف متفرجة في هذه الأثناء دون مبرر غير أنها لا تعرف المطلوبات لغياب الرؤية المفضية الى الاستقرار والنهوض.

خلاصة القول، إننا في هذه المرحلة لابد لنا من الانصراف للعمل الجاد وفقاً لرؤية استراتيجية أخذه بمبدأ الاستغلال الأمثل للموارد مع ضرورة إرساء مبدأ حاكمية الأجهزة المعنية في التخطيط والإدارة والترشيد وهذا يجعلنا في وضع مريح في التخطيط لتوفير الأمن الغذائي والتوسع في الزراعة والثروة الحيوانية، تلك هي بإيجاز مظاهر التنمية الاستراتيجية لتنمية الاقتصاد من أجل الدخول في شراكات منتجة مع الدول الشقيقة والصديقة التي ظلت تعين السودان في عدد من مشاريع التنمية ذات الأثر الجيد على المواطنين حيث أنها ساهمت في مكافحة الفقر وزيادة فرص العمل للشباب بجانب عودة النازحين وتوطين المرعي وفض النزاعات فما تزال التجربة شاهدة للصندوق السعودي وصندوق أبو ظبي للتنمية وبنك التنمية الأفريقي ودولة الصين وغيرها من الدول الشقيقة، في المساهمة في استقرار بلادنا من خلال الدعم الاقتصادي التنموي الذي شهدته الفترة الماضية، لذلك لابد للسودان وهو يتحدث عن الأمن الغذائي العربي أن يستصحب هذه التجارب الناجحة التي نحتاجها أن تستمر وتثمر من جديد في وجود الخبرات التي تستطيع العمل وتقدم الجديد، فإن الفرص التي يستطيع السودان أن يوفرها لشعبه وللأشقاء والأصدقاء من خلال الأراضي الزراعية والثروة المائية لقادرة أن تجعل الجميع في مأمن من تحديات توفر الغذاء خلال السنوات القادمة التي يمثل الجفاف والتغيرات المناخية وعدم الاستقرار التي يعانيها العالم، لفرص كبيرة أمام السودان اذا أحسن القيام بدوره الحقيقي بعيداً عن التجاذبات، والصراع الماثل، لذلك دعونا نمضي الى تصور وطني شامل يحسن استقلال المورد والحاكمية عليها عبر الضبط الإداري وتنظيم القوانين والسياسات ووضع الخطط الاستراتيجية لأجل اقتصاد ناهض موفور بالفرص متجاوز للتحديات لذلك نقول ادركوا إدارة المياه في هذا التوقيت المهم لزيادة فرص النجاح وتطور البلاد التي أعيتها الخلافات المقيتة.

دمتم بخير..


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب