مصر أخت بلادي
نهى محمد الأمين أحمد
nuha25@yahoo.com
زرت قاهرة المعز بعد غيبة، هالني التغيير الذي حدث، نهضة معمارية، تطور ونمو في البنية التحتية، والأهم من ذلك النظافة، تغيير كبير في المنظر العام، شوارع منظمة وساحات نظيفة، ليس هناك أثر لأكوام القمامة التي كانت ترزح تحتها شوارع نص البلد، تسير العاصمة المصرية بخطوات سريعة لاحقة بركب التطور والمدنية،
يأخذ شمال الوادي وضعه في الريادة بين الدول، بينما يسير جنوب الوادي إلى الوراء!!
كلمة حق سأقولها للتاريخ، يد السيسي واضحة في كل شيء، وقد نختلف معه في الكثير من الأشياء، ولكنه عمل جاداً وبذل مجهوداً جباراً في بناء بلده، استهدف كل القطاعات ووقف بنفسه على ترقيتها والنهوض بها، وبالرغم من الاحتجاجات، والكلام الكثير عن انهيار قيمة الجنيه المصري إزاء العملات الحرة، ما زالت السلع الاستهلاكية مدعومة للمواطنين، التعليم والصحة من حق الجميع، متطلبات الحياة اليومية سهلة الوصول، الخدمات بشتى أنواعها متوفرة في كل زمان ومكان.
عندما حاول عسكرنا نسخ ولصق التجربة السيسية، أغفلوا جزئية مهمة، وهي أن النسخ واللصق يكون للحزمة كاملة، والجنرال السيسي رجل محنك، عرف أنه ليستمر لا بد أن يسلك منهجاً إصلاحياً تنموياً، جماعتنا أخذوا منه الجزئية التي تخص الاستيلاء على السلطة بالقوة، وأهملوا تماماً كل شيء خلاف ذلك، وبالطبع لم يرد ذكر المواطن المسكين في قائمة أولوياتهم، ولم يفكروا قيد أنملة في الإصلاح وإعادة الترميم، لوطن امتصت حكومة المؤتمر اللا وطني الآثمة كل خيراته لصالحها، وتركته في وضع مأساوي، انهيار اقتصادي ومقاطعة من العالم، ثم جاءت بعد الثورة حكومة حمدوك بما احتوته من (كفوات وليس كفاءات)، وضاع هذا الوطن الجميل ضحية الأجندات الخاصة والأهداف الرخيصة، وبالمحاولة الفاشلة للنسخ واللصق للتجربة المصرية وصلنا إلى الدرك الأسفل الذي نعيشه اليوم، الفقر والجهل والمرض، هذا الثالوث القاتل، أصبحت الحياة عبئاً ثقيلاً أرهق كاهل الغالبية، أبسط متطلبات الحياة تقع في نطاق المستحيلات.
تفشت الجريمة وانعدم الأمان وهو أكثر ما كان يميز بلدنا، الانهيار والانحطاط طال كل شيء، فقدنا القيم والمثل والأخلاق الكريمة، ذهبت جميع الفضائل التي كنا نتحلى بها إلى غير رجعة…
كمية مهولة من السودانيين انتقلوا للعيش في مصر، ولا ألومهم، فالحياة الكريمة حق أصيل، والمقارنة مليئة بالمفارقات، فبينما ما زلنا نعاني من انقطاع الكهرباء
وإمداد المياه، والخدمات الأساسية نتكبد ما نتكبد من المشاق للحصول عليها،
الحياة هناك سهلة ويسيرة، الخدمات متوفرة في كل مكان وزمان..
في جانب آخر، جميعنا ممتلئون بالوجع من تفريط حكومة الإنقاذ الآثمة في حلايب وشلاتين، هنا يفرض سؤال نفسه: أهلنا في حلايب وشلاتين، هل من الأفضل لهم الانتماء إلى بلد تتوالى عليه النكبات؟ أم إلى بلد يسير قدماً إلى الأمام؟؟!!!