ايهاب مادبو يكتب: لقاء الجنرالات والدواس

أما حكاية

لقاء الجنرالات والدواس

ايهاب مادبو

* أمس الأول حملت الأنباء عن لقاء جمع كل من الفريق أول البرهان بنائبه في مجلس السيادة الفريق أول حميدتي بعد توترات حبس فيها الشعب السوداني أنفاسه وفق مؤشرات باندلاع حرب بين الجيش والدعم السريع.

* وخلال الأيام الماضية انتشرت الشائعات عن حشود عسكرية وصلت الخرطوم في ظل تنامي خطاب الكراهية الذي مهد لميدان المعركة بانتظار الطلقة الأولى التي تفجر الأوضاع بالسودان وتحيله إلى كرة من اللهب والموت والدمار.

* انتظر السودانيون كثيراً أمل يلوح في الأفق يبطل مفعول الحرب ويبث الطمأنينة وسط المواطنين حتى جاءت الأخبار بلقاء جمع واجهتي الأزمة بيت الضيافة وكان قبل هذا اللقاء قد أصدرت القوات المسلحة تعميماً صحفياً أعلنت فيه التزامها بمجريات العملية السياسية الجارية والتقيد الصارم بما تم التوافق عليه في الاتفاق الإطاري.

* كما حذر البيان من مزايدة من أسماهم بالبعض بمواقف القوات المسلحة من العملية السياسية والحديث عن عدم رغبتها في إكمال مسيرة التحول الديمقراطي في محاولة مكشوفة للتكسب السياسي والاستعطاف.

* ومساء السبت تفاجأ الجميع بلقاء غير معلن بين البرهان حيث استعرض الرجلان الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد، كما قرر اجتماع الجنرالات تكوين لجنة أمنية مشتركة من القوات النظامية وأجهزة الدولة ذات الصلة وحركات الكفاح المسلح، لمتابعة الأوضاع الأمنية بالبلاد.

* والنقطة الأكثر أهمية حول ما خرج به الاجتماع التزام الطرفين بسير العملية السياسية وضرورة المضي قدماً في الترتيبات المتفق عليها في الاتفاق الإطاري، وهذه النقطة تحديداً هي جوهر الخلاف الذي كاد يعصف بوحدة البلاد في جحيم الحرب الأهلية.

* ومن خلال بيان القوات المسلحة ومخرجات الاجتماع الأخير بين البرهان وحميدتي كان الاتفاق الإطاري هو العنوان الأبرز للجانبين وأعني هنا القوات المسلحة والدعم السريع، ففي لقاء سابق للبرهان في إحدى المناسبات الاجتماعية كان قد اشترط للاستمرار في الاتفاق الإطاري بموقف واضح عن عملية دمج الدعم السريع بالقوات المسلحة.

* وهو التصريح الذي أشعل نيران الخلاف بعد تأكيدات لعضو مجلس السيادة الفريق ياسر العطا في مناسبة أخرى عن أهمية الدمج معللاً أنه لا توجد دولة محترمة بها جيشان، وبعدها نشطت العديد من الأقلام المحسوبة للجيش والدعم السريع في تسميم المناخ بخطاب الحرب والكراهية.

* ولكن السؤال المهم: ماذا بعد لقاء الرجلين؟ وهل يستمر الجيش في التزاماته في العملية السياسية أم هي محاولة ذكية لامتصاص حالة التوتر التي شهدتها البلاد مؤخراً لحين الترتيب لسيناريو آخر خصوصاً وأن التعبئة للحرب قد وصلت ذروتها بانتظار ساعة الصفر.

* يبدو أن هناك تحركات إقليمية قد جرت تحت المياه بعد تحركات الصين الأخيرة الذي انهى، سبع سنوات من القطيعة الدبلوماسية، بين السعودية وإيران ليعلن الطرفان استئناف العلاقات الدبلوماسية الثنائية في بيان ثلاثي صادر عن بكين الجمعة الماضية بعد ختام مباحثات استمرت أربعة أيام.

* ويفتح هذا التطور المفاجئ في العلاقة ما بين الرياض وطهران باب التساؤلات عن أسباب وتداعيات “المصالحة” الإيرانية السعودية وتداعياتها على الملفات الإقليمية، وخاصة الحرب في اليمن التي يشارك فيها السودان بقوات ضمن قوات عاصفة الحسم.

* وبالتأكيد فإن الاتفاق قد ينهي فصول الحرب العبثية بين الطرفين في اليمن وسوريا والعراق وهذا ما قد يلقي بآثاره على الأوضاع العسكرية والسياسية بالبلاد خصوصاً وأن الدعم السريع يعتمد في الأساس على مبالغ مالية نظير مشاركته في القتال باليمن وهو المحفز الرئيس لقطاعات كبيرة من الشباب في الانضمام للدعم السريع.

* أمام البرهان وحميدتي فرصة تاريخية بالعبور بهذه البلاد نحو تحقيق تطلعات الشعب السوداني في التحرر والانعتاق لتأسيس الدولة المدنية وإلا فإن التاريخ سيسجل اسميهما كأسوأ رجلين في التاريخ السياسي والعسكرىيساهما في إشعال الحرب الأهلية بالبلاد.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب