الشيوعي: البيانات المقصود بها المجتمع الدولي والإقليمي
عبدالقادر محمود: البيانات جاءت في لحظة حاسمة وتحمل دلالات
اسمهان إسماعيل: الترحيب مؤشر إيجابي ويفتح الباب لتكوين الحكومة المدنية
الخرطوم: محجوب عيسى
عقب إعلان القوات المسلحة التزامها التام بالعملية السياسية ومخرجاتها، محذرة من مزايدات هدفها التكسب السياسي واستدرار العطف عبر إطلاق سلسلة اتهامات للقوات المسلحة بعدم رغبتها في التنازل عن السلطة.
وتأتي التصريحات بعد حديث قائد الدعم السريع عن عدم وجود خلافات بين قواته والجيش، إنما مع من وصفهم بـ(المكنكشين في السلطة).
وفي الوقت ذاته وجدت تصريحات الجيش ترحيباً واسعاً من القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري وقيادتها، واعتبر متحدثون لـ(اليوم التالي) في أحاديث منفصلة، أن البيانات جاءت في لحظة حاسمة وتحمل دلالات ذات مسؤولية، البعض يرى المقصود بها المجتمع الدولي والإقليمي، والبعض الآخر يرى أنها مؤشر إيجابي بين طرفي الإطاري ويقود لفتح الباب لتكوين الحكومة المدنية.
اللعبة الكبرى
ويرى الحزب الشيوعي أن البيانات والتصريحات ليس المقصود بها الرأي العام السوداني، ولكن المقصود بها المجتمع الدولي والإقليمي، ويقول الناطق باسم الحزب فتحي الفضل لـ(اليوم التالي) إن أهمية البيانات ليست في السودان، بل عند الذين يلعبون اللعبة الكبرى أو الذين في أيديهم كل خيوط اللعبة.
وتساءل: لماذا تصدر البيانات الآن من قوى مختلفة؟ وحول التسوية السياسية، في ظل حرص الأطراف الثلاثة على أهمية استمرار العملية السياسية.
وبحسب الفضل هذا يؤكد وجود خطر يحدق، ويضيف: واضح من قرار مجلس الأمن الأخير هناك تردد وسط بعض الأطراف التي تلعب دوراً أساسياً، وأشار إلى بحث القوى الدولية عن مصالحها مستشهداً بزيارة الوفود الدولية إلى البلاد خلال الأسابيع الماضية، ويضيف: الأمر الذي أدى إلى اختلاف الرؤى، ولا سيما وأن هناك من يؤيد القوات المسلحة بجانب من يدعم الفرصة الديمقراطية، ما يؤكد وجود أزمة بين أطراف العملية السياسية، وتقاطع مصالح مع المجتمع الدولي والإقليمي.
وأكد فتحي أن تقاطع المصالح سبب الأزمة في السودان وأن المخرج منها عبر إسقاط النظام وإقامة سلطة مدنية ديمقراطية كاملة.
لحظة حاسمة
ومن جهته اعتبر المحلل السياسي عبدالقادر محمود في إفادة لـ(اليوم التالي) بيان القوات المسلحة غاية في الأهمية خاصة وأن البلاد قاب قوسين أو أدنى من الانهيار الكامل، لذلك البيان جاء في لحظة حاسمة يحمل الكثير من الدلالات ذات المسؤولية وله ما بعده في مقبل الأيام، وأعتقد أن البيان أشار إلى أن الحل يكمن في الاتفاق الإطاري ما يعجل نهاية العملية السياسية الجارية.
ونوه إلى قرار مجلس الأمن، وتمديد العقوبات الاقتصادية على السودان وآثارها السلبية على الوضع الاقتصادي المتردي، ويضيف أن تمديد العقوبات جعلت من هم في دائرة صنع القرار يعيدون حساباتهم فيما يتعلق بالمناورة والمراوغة لكسب الوقت حتى يتمكن الفلول من العودة إلى حكم البلاد بشكل كامل.
ويرى محمود أن بيان القوات المسلحة الأخير مهم لإعادة بناء الثقة مع القوى الثورية المنخرطة في تحالف قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، ومن ثم المضي قدماً في استكمال هياكل الحكم المدني والشروع في إجراء الإصلاحات الهيكلية لمؤسسات الدولة المدنية والعسكرية وفق الاتفاق الإطاري الذي اكتسب مزيداً من الرضا والقبول بعد البيان الأخير.
وبحسب عبدالقادر أن ترحيب قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي بالبيان من منطلق أن القوات المسلحة أصبحت حريصة على نقل السلطة إلى المدنيين وأن الجيش لا يمانع في الابتعاد تماماً عن المشهد السياسي، فضلاً عن وجود عوامل قادت المؤسسة العسكرية إلى إعادة قراءة المشهد السياسي، أبرزها المتغيرات الإقليمية الجديدة في المنطقة بشكل عام والاتفاق السعودي الإيراني الأخير بصفة خاصة، الاتفاق الذي ستكون له انعكاسات كبيرة على المشهد الاقتصادي والسياسي المحلي والدولي، بجانب الضغوط المتزايدة على المؤسسة العسكرية من قبل بعض الدول مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، التي يبدو أنها أتت أكلها لإنهاء الوضع المتأزم في السودان وتعجيل العملية السياسية الجارية.
مؤشر إيجابي
وفي السياق ذاته اعتبرت الباحثة في العلوم السياسية في جامعة الخرطوم، اسمهان إسماعيل، في إفادة لـ(اليوم التالي) ترحيب القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري ببيان الجيش الذي أكد فيه الالتزام بالاتفاق الإطاري وابتعاده عن الحياة السياسية بعد تكوين حكومة مدنية تفضي لانتخابات حرة نزيهة، مؤشر إيجابي بين طرفي الإطاري تفتح الباب أمام تكوين الحكومة المدنية المرتجاة.
ونوهت إلى أن المشهد محاط بتعقيدات سياسية قد تقود إلى عرقلة الوصول لاتفاق نهائي، رغم إعلان الجيش موقفه من الإطاري الذي يعتبر حكراً على جماعة مركزي وبعض الجماعات إلا أن رئيس مجلس السيادة يطالب بتوسيع مظلة المشاركة في الاتفاق السياسي الإطاري وعدم حصره على قوى بعينها وذلك لتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد، وتضيف: من ناحية أخرى ما زالت هناك تحديات حول انضمام قحت الكتلة الديمقراطية حيث ترى الأخيرة التوقيع على الإطاري ككتلة واحدة، بينما ترى قحت المركزي أن يكون التوقيع كل حزب أو قوى منفردة وتخندق كل طرف على موقفه ما قد يكون حجر عثرة أمام التوقيع النهائي أو قد يؤخر التوقيع.
وطبقاً لأسمهان أنه حتى تصل الأطراف إلى اتفاق ينهي الأزمة يتوقف على ما اشترطه الجيش بتوسيع مظلة المشاركة في الإطاري والتوافق بين الكتلة الديمقراطية والمركزي على التوقيع، عدا ذلك اقتراب التوقيع النهائي سيكون موضع شك طالما لم تزل هناك عقبات تحول دون ذلك.
التزام وترحيب
وفي بيان صادر عن القوات المسلحة، قال العميد ركن نبيل عبد الله: تؤكد قواتكم المسلحة وقيادتها، التزامها بمجريات العملية السياسية الجارية، والتقيد الصارم والتام بما تم التوافق عليه في الاتفاق الإطاري.
ويطالب البيان قادة الجيش بإنفاذ اشتراطات تضمن توسعة مظلة المشاركة للاستمرار في العملية السياسية التي ترعاها جهات دولية، ما عدّه البعض محاولة للتنصل عن الاتفاق المبرم مع القوى المدنية لتمرير السلطة للمدنيين.
حظيت تصريحات الجيش بتأكيد الالتزام بالعملية السياسية، بترحيب واسع من القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري وقيادتها.
وقالت قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، الموقعة على الاتفاق الإطاري في بيان منفصل حصلت (اليوم التالي) على نسخة منه إن التزام الجيش بالعملية السياسية يُعزز التزام كل أطرافها للمضي قدماً وتجاوز ما يعترضها من تحديات بروح وطنية مسؤولة.
وأشارت التغيير إلى أن الاتفاق الإطاري وضع أساساً سلمياً لقضايا استرداد الانتقال الديمقراطي تحت قيادة مدنية ووحدة الجيش وابتعاده عن السياسة وإصلاح قطاع الأمن والدفاع وتحقيق العدالة.
وشددت على أن هذا الأساس يضع على عاتق أطراف الاتفاق إكمال مناقشات المرحلة النهائية، بما يؤسس لمرحلة انتقال مستقرة تقود في نهايتها إلى انتخابات.
وقالت إنها ستعمل مع قوى الثورة لتأسيس وإدارة فترة الانتقال لضمان استقرار وإنجاز مهامها، خاصة إصلاح المنظومة العسكرية وتحقيق العدالة ومعالجة الأزمة الاقتصادية والإصلاح المؤسسي وتفكيك دولة النظام السابق.
ومن جهته وصف القيادي في الحرية والتغيير ورئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، حديث الجيش عن التزامه بالعملية السياسية، بأنه إيجابي يستحق الترحيب.
وقال إنهم يسعون للوصول إلى الاتفاق النهائي الذي يضع حداً للأزمة السياسية في البلاد ويسترد مسار التحول الديمقراطي عبر سلطة مدنية تمثل الثورة وتعمل على تنفيذ أهدافها.
رد فعل
غير أن الباحث في العلوم السياسية في مركز الأيام للدراسات مصعب عثمان في حديثه لـ(اليوم التالي) قال إن البيانات صدرت رد فعل بين قيادات المؤسسة العسكرية، وتناقضات المصالح والأهداف والرؤى التي أظهرتها العملية السياسية، التي قد تقود إلى تفكيك القوات المسلحة، وانهيارها، خصوصاً بعد أن أعلى الاتفاق الإطاري من شأن قوات الدعم السريع، علاوة على تحالف المجلس المركزي معها من أجل استعادة المسار الديمقراطي، ويضيف مصعب: هذا الوضع يشعر البرهان بالتهديد، لجهة أن القوات المسلحة تسعى لقيادة العملية السياسية والسيطرة.