النائب الأول لرئيس الحركة الشعبية القائد جوزيف توكا لـ(اليوم التالي): الشارع لن يقبل عملية لن تقود إلى انتقال حقيقي وتحقق شعارات الثورة

النائب الأول لرئيس الحركة الشعبية القائد جوزيف توكا لـ(اليوم التالي): الشارع لن يقبل عملية لن تقود إلى انتقال حقيقي وتحقق شعارات الثورة
العملية السياسية صارت مطية لقوى الهبوط الناعم وقوى الثورة المضادة
قوات درع الشمال وكيان الوطن مسميات جديدة لكتائب الظل
في حوار مع النائب الأول لرئيس الحركة الشعبية – بزعامة عبد العزيز الحلو- القائد جوزيف توكا علي، قال لـ(اليوم التالي) إن العملية السياسية صارت مطية لقوى الهبوط الناعم وقوى الثورة المضادة، وأشار إلى أن الشارع لن يقبل عملية سياسية لن تقود إلى انتقال حقيقي وتحقق شعارات الثورة، وأكد أن تعدد الجيوش يقود إلى انهيار الدولة، وأضاف أن قوات درع الشمال وكيان الوطن مسميات جديدة لكتائب الظل، فإلى مضابط الحوار..
حوار: أنس آدم
# هل ستفضي العملية السياسية الجارية إلى انتقال سياسي حقيقي؟
من الواضح أن الأوضاع السياسية صارت أكثر تعقيداً خاصة بعد انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٢ والذي قطع الطريق أمام الانتقال، وقاد إلى انسداد الأفق السياسي لدى الأحزاب والسلطة الانقلابية التي اتخذت من العملية السياسية التي انتظمت بتسهيل من الآلية الثلاثية فرصة للمناورة السياسية وكسب الوقت بهدف تكريس قبضتها وهيمنتها على مفاصل الدولة، وفي ذات الوقت تتصارع القوى السياسية التقليدية فيما بينها حول كراسي السلطة، إلا أن هنالك قوى ثورية حية لم تبارح الشارع حتى الآن، فإذا كان الهدف من العملية السياسية وضع حد لمعاناة الشعوب السودانية المهمشة ومعالجة أزمات البلاد المستفحلة فلماذا يتهرب المركز من مواجهة قضايا التغيير الجذري كعلاقة الدين والدولة وأزمة الهوية الوطنية، وغيرها من أمهات القضايا التي تشكل جذور المشكلة السودانية؟ الشارع السوداني لن يقبل بأي عملية سياسية لن تقود إلى انتقال سياسي حقيقي وتحقق شعارات الثورة حرية.. سلام.. وعدالة. في الواقع وحسب متابعتنا للأوضاع لا توجد رغبة حقيقية في مخاطبة ومعالجة جذور المشكلة السودانية بدليل الاستقطاب الحاد والتجاذبات السياسية هنا وهناك بين الأحزاب وحتى بين قادة الانقلاب. الدولة الآن تحت قبضة سلطة انقلابية لا تمتلك الشرعية، فقد صارت العملية السياسية مطية لقوى الهبوط الناعم وقوى الثورة المضادة وأداة لتمرير أهدافها وأجندتها السياسية، وبهذه الطريقة ستظل الأوضاع المختلة كما هي ما لم تعالج جذور المشكلة، وللأسف أغلب القوى السياسية ترى أن الأزمة السودانية بدأت مع استيلاء الجبهة الإسلامية القومية على السلطة – فهذا فهم خاطئ ونظرة قاصرة ومشوهة، ومحاولة للهروب من مخاطبة جذور المشكلة ومواجهة الأزمة التى باتت تهدد البلاد بالتلاشي والتشرذم. وبحسب تشخيصنا وتوصيفنا للأزمة فقد بدأت بالتأسيس الخاطئ للدولة السودانية – فما يجري الآن في الساحة السياسية لا يعدو كونه إصرار على فرض ثوابت الدولة القديمة وهذا ما يدفعنا للاعتقاد في أن العملية السياسية لن تحقق شعارات الثورة، كما لن تلبي تطلعات الشعوب السودانية التواقة للحرية والسلام والعدالة.
# التقت الحركة الشعبية مع الآلية الثلاثية في ديسمبر من العام الماضي، ما القضايا التي تمت مناقشتها بينكم والآلية؟
نعم، اللقاء الذي تم بين الحركة الشعبية والآلية الثلاثية ممثلة في البعثة الأممية – اليونيتامس والاتحاد الأفريقي والإيقاد في ديسمبر الماضي من العام ٢٠٢٢ بمدينة جوبا، جاء بطلب من الآلية الثلاثية. فقد تلقينا تنويراً من الآلية الثلاثية حول العملية السياسية كما اطلعت الآلية الثلاثية بدورها على موقف الحركة الشعبية من العملية السياسية باعتبارها قوة رئيسية في المشهد السياسي – ومن جانبنا أوضحنا للآلية الثلاثية رؤيتنا لمعالجة الأزمة السودانية وأكدنا لها تمسكنا بمواقفنا المعلنة المتمثلة في معالجة أزمة البلاد من جذورها.
# لوحت الحركة الشعبية في الآونة الأخيرة بخيار استقلال جبال النوبة والفونج، هل تخلت الحركة الشعبية عن رؤيتها في وحدة الدولة السودانية؟
الحركة الشعبية لم ولن تتخلى عن رؤيتها في وحدة الدولة السودانية على أسس جديدة، ليست الوحدة التي تعنيها نخب المركز، فتلك وحدة قسرية وغير عادلة – نعمل لبناء سودان جديد موحد طوعياً يسع الجميع، سودان ليس فيه مواطن درجة ثانية، سودان جديد يجد الكل نفسه فيه، ففي ظل تعنت المركز وغياب الرغبة السياسية في مخاطبة ومعالجة جذور الأزمة السودانية، فلدينا خيارات كثيرة سنلجأ إليها وسنفصح عنها في وقتها، الحركة الشعبية تجدد مرة أخرى تمسكها برؤية القائد – الشهيد دكتور جون قرنق وهي رؤية السودان الجديد، لذلك نقول – يجب على السودانيين بقواهم السياسية والمدنية استلهام الدروس والعبر من التاريخ، وتجربة استقلال جنوب السودان ليست بعيدة، وبسبب الوحدة غير العادلة قرر شعب جنوب السودان الانفصال والمركز هو التي أرغمت شعب جنوب السودان للجوء إلى خيار الاستقلال – لذا ففي حال استمرار الدولة المركزية في سياساتها العنصرية وتوجهاتها الإسلام عروبية الإقصائية حتماً سيقرر شعب جبال النوبة والفونج الاستقلال، بالطبع من حقهم أن يقرروا مصيرهم ومن المؤكد ستتجه شعوب شرق السودان ودارفور في ذات الاتجاه.
# كيف تصفون الصراعات الدامية التي شهدتها مناطق سيطرة الحكومة (لقاوة والدمازين وبرأيك من يقف ورائها؟
النيل الأزرق لم يعرف في تاريخه الصراعات القبلية وكل الدلائل تثبت تورط السلطة الانقلابية وأذيالها من مجموعة سلام جوبا في المواجهات الدامية والمؤسفة التي وقعت في إقليم الفونج، فقد زعمت مجموعة سلام جوبا أن صفقتها ستحقق سلاماً، لكن في حقيقة الأمر ليس هناك أي سلام على أرض الواقع، بل تفاقمت الأوضاع الأمنية وشهدت مدن وقرى الإقليم تفلتات أمنية بلغت أقصى درجاتها بالمواجهات العرقية الدامية التي أودت بحياة المئات من الأبرياء وتشريد الآلاف من السكان الأصليين مناطقهم وقراهم التاريخية، فهذه الأحداث أكدت بما لا يدع مجالاً للشك فشل ما يسمى باتفاق سلام جوبا في تحقيق الأمن والاستقرار، كما تسبب في أسوأ اقتتال قبلي شهده الإقليم، ومن ناحية أخرى تابعنا الاتهامات الجزافية من قبل مجموعة سلام جوبا ضد الحركة الشعبية بالضلوع في تلك الأحداث المؤسفة ونعتقد أن هذا الاتهام جاء بقصد التغطية على جرائمهم البشعة في حق شعب الإقليم، ولتشويه صورة الحركة الشعبية وتضليل الرأي العام، إلا أن الحقائق على الأرض تكذب هذه الاتهامات، ونعلم أن السلطة الانقلابية تستخدم مجموعة عقار التي أيقنت أن شعب الفونج رافض لسلام المحاصصات، وهي من تقف وراء مخططات التغيير الديموغرافي في الإقليم وتشريد وإزاحة السكان الأصليين من مناطقهم وقراهم الأصلية توطئة لنهب الموارد ومصادرة الأراضي، وكما قال الراحل د. جون قرنق إن حكومات المركز تقوم بالتطهير العرقي والإبادة الجماعية ضد شعبها ولا ندري في نهاية المطاف أي شعب سيحكمه وهذا يعني أن السلطة المركزية تريد الموارد فقط دون الإنسان، فما حدث في لقاوة لا ننظر إليه بمعزل عن مجازر الفونج، لأن المركز نفسه هو الذي يقف وراء انتهاكات لقاوة واستهداف شعب النوبة – وكذلك ما زالت سياسة الأرض المحروقة مستمرة في دارفور، ما يعني أن هنالك استهداف ممنهج ضد الشعوب الأصيلة والمهمشة في أرضها وهويتها ومواردها – لذلك قال دكتور جون قرنق إن مشكلة السودان في الخرطوم، وشدد على ضرورة قطع رأس الأفعى.
# تكونت جيوش في الفترة الماضية وظهرت باسم قوات درع الشمال وكيان الوطن، كيف تنظرون لهذه التطورات؟
لا شك أن تعدد الجيوش سيقود إلى انهيار الدولة، ولذلك ظللنا ننادي بضرورة بناء جيش وطني واحد، قوات درع الشمال وكيان الوطن هي مسميات جديدة لكتائب الظل ومعلوم أنها مليشيات عرقية وعنصرية صنعها النظام البائد، وقد برزت إلى السطح مجدداً لتحقيق مشروع دولة النهر والبحر، تؤكد كل المؤشرات أن هذه القوات مدعومة رئيس مجلس السيادة وقيادات نافذة في القوات المسلحة ما زالوا في الخدمة، بالإضافة إلى ضباط في المعاش، وحديث البرهان في نهر النيل ليس ببعيد، بل يؤكد ما أقوله الآن أن هنالك خطر يحدق بالسودان لذلك قلنا مراراً وتكراراً إنه لا توجد رغبة لمعالجة أزمات البلاد، وإلا، فلماذا يهرب العسكر من استحقاقات إصلاح القطاع الأمني وبناء جيش وطني واحد؟ بل يرى البرهان أن الجيش ملك له شخصياً حسبما ورد في حديثه بنهر النيل – فهو بهذا الجيش يتشبث بالسلطة ويحتكر أدوات العنف، وهو ما دفعه لتكوين جيوش ومليشيات أخرى تحت مسميات قوات درع الشمال وكيان الوطن، لهذه الأسباب دعت الحركة الشعبية في مفاوضات جوبا إلى إصلاح القطاع الأمني كشرط ومدخل ضرورى للترتيبات الأمنية وتكوين جيش وطني واحد، وفيما عدا ذلك يبقى الحديث عن السلام والتحول الديمقراطي والانتقال السياسي محض أكذوبة وفهلوة سياسية.
# برزت أصوات كثيرة ناقدة للإعلان السياسي الذي وقعه رئيس الحركة الشعبية مع الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية، ما تفسيركم لهذه الانتقادات؟
كل من يقرأ الذي وقعناه مع الكتلة الديمقراطية قراءة موضوعية لا بد أن يتأكد من حقيقتين، أولاً: نحن لم ننضم إلى الكتلة الديمقراطية ولم نوقع على مواثيقها، وإنما أقنعنا الكتلة الديمقراطية بالتوقيع على موقف الحركة الشعبية وشروط السودان الجديد.
ثانياً: من ينتقدون الإعلان السياسي الموقع بين الحركة الشعبية وقحت – الكتلة الديمقراطية هم أنفسهم من وقعوا الوثيقة الدستورية التي حافظت على قوانين الترابي وشرعنة قوات الدعم السريع سيئة السمعة، وأصروا على تكرار ذلك في الاتفاق الإطاري والإعلان السياسي السري الذي وقعته قحت المركزي وهو إعلان معيب ولم يعالج أياً من جذور الأزمة – فهؤلاء غير صادقين وغير مؤهلين أخلاقياً وسياسياً للمزايدة على الحركة الشعبية وقيادتها.