اما حكاية
الرياض وطهران: تاريخ مشحون من التوتر
ايهاب مادبو
* أنهى الاتفاق الإيراني السعودي، الجمعة الماضية بواسطة الصين، سبع سنوات من القطيعة الدبلوماسية، بين السعودية وإيران ليعلن الطرفان استئناف العلاقات الدبلوماسية الثنائية في بيان ثلاثي صادر عن بكين بعد ختام مباحثات استمرت أربعة أيام استضافتها الصين من 6 إلى 10 من الشهر الجاري.
*المباحثات الجديدة التي توجت باتفاق المصالحة، جاءت بمبادرة من الرئيس الصيني شي جين بينغ، كما ورد في البيان الثلاثي، أدارها رئيس مكتب الشؤون الخارجية في الحزب الشيوعي الصيني الحاكم، وزير الخارجية السابق وانغ يي، وشارك فيها من إيران أمين المجلس القومي الإيراني علي شمخاني، ومن السعودية عضو مجلس وزراء ومستشار الأمن القومي السعودي مساعد بن محمد العيبان.
*ونجحت الصين، من خلال جمع الطرفين على طاولة حوار واحدة مثمرة أفضت خلال أيام إلى استئناف العلاقات الثنائية، في ما أخفق فيه الوسطاء الآخرون، أي العراق و سلطنة عمان. وكانت بغداد قد احتضنت منذ إبريل/نيسان 2021 خمس جولات حوار بين الطرفين، لكنها لم تؤد إلى تحقيق نتيجة لعودة العلاقات بين طهران والرياض إلى سابق عهدها، ما يعني أن بكين بحكم علاقاتها القوية مع الطرفين، استخدمت نفوذها وثقتها لدفعهما نحو اتفاق لاستئناف العلاقات.
*على ما يبدو أن الاندفاع الصيني بهذه السرعة لجمع الطرفين على طاولة حوار تفضي إلى استئناف العلاقات بينهما، مدفوع بحسابات واعتبارات صينية شرق أوسطية ترى أن السبيل الأمثل لتحقيق المصالح الصينية في المنطقة يكمن في إنهاء القطيعة بين طهران والرياض التي تربط بكين بكل منهما علاقات صداقة قوية، حاول كل من الطرفين خلال الفترة الأخيرة استخدامها في سياق المبارزة الثنائية والاستقطابات الإقليمية
*إيران والسعودية قوتان إسلاميتان كبيرتان ومصدران كبيران للنفط، تحظيان بموقع جيوبولوتيكي واستراتيجي مهم في الشرق الأوسط والخليج. مرت العلاقات بين البلدين بمراحل تاريخية مختلفة، تشوبها توترات واضطرابات مستمرة وتحسن وتقارب لفترات لم تستمر طويلاً.
*فقبل الثورة الإيرانية، كانت إيران والسعودية حليفين رئيسيين للولايات المتحدة الأميركية، والأخيرة كانت الناظم والضابط للعلاقات بينهما، غير أن ذلك تغير تماماً بعد الثورة الإٍسلامية في إيران، إذ انتقلت طهران أولاً من مربع الحلفاء إلى صف أعداء الولايات المتحدة الأميركية، وثانياً أصبحت ترسم سياساتها وعلاقاتها الخارجية على أساس هذا العداء المدفوع بإيديولوجيا تعتمد تصدير الثورة الإسلامية ومنازعة السعودية على زعامة العالم الإسلامي.
*فى عام 1987 وقعت حوادث حج مكة، والتي أحدثت فجوة عميقة بين البلدين الإسلاميين بعد اشتباكات عنيفة وقعت أثناء موسم الحج بين حجاج شيعة، غالبيتهم إيرانيون، وقوات الأمن السعودية سقط على أثرها المئات من الضحايا وقبل هذه الأحداث بعام، اتهمت السعودية إيران بشحن متفجرات في حقائب الحجاج عام 1986.
*وأدت حوادث حج 1987 إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وتقليل الرياض عدد الحجاج الإيرانيين، ثم قيام طهران بمقاطعة الحج لثلاث سنوات قبل أن يتفق الطرفان على استئناف العلاقات عام 1991، لكن مع ذلك، ظلت تداعيات حوادث 1987 قائمة ولم يؤد استئناف العلاقات إلى انفراجة سياسية حقيقية بينهما.
*استمر التوتر بين البلدين على الرغم من استئناف العلاقات السياسية بينهما آنذاك، لكنها بدأت تتحسن نوعاً ما مع تولي الرئيس الإيراني الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني الرئاسة الإيرانية (من 1989 إلى 2005). تمكن رفسنجاني من نسج علاقات صداقة مع الأمير عبد الله بن عبد العزيز والذي أصبح لاحقاً ملك السعودية. وهذه العلاقات ساهمت في ضبط إيقاع التوتر وتحسين العلاقات الثنائية بعض الوقت.
*ومع تزايد الدور والنفوذ الإيراني في المنطقة، اشتبكت السياسة الإيرانية مع السياسات السعودية المتهمة إيرانياً بأنها استكمال للسياسات الأميركية، في أكثر من ساحة في المنطقة، من العراق إلى اليمن ولبنان وسورية وساحات أخرى. وعليه، شهدت تلك الساحات، خاصة بعد انطلاق الربيع العربي عام 2011، حروباً بالوكالة بين إيران والسعودية، وخاصة في اليمن، ذلك الفناء الخلفي للسعودية والذي أصبح لإيران نفوذ قوي فيه بعد سيطرة حليفها اليمني جماعة (الحوثيين) على صنعاء عام 2015.
* ولكن هل ياترى ينهى هذا الاتفاق الحرب على اليمن بما سميت بعاصفة الحسم، والتى كانت عبارة عن ساحة للحرب المعلنة بين الرياض وطهران، شاركت فيها العديد من الدول ومن بينها السودان الذى ساهم فى تمزيق اليمن إلى أشلاء ودماء.
* دائماً ما تعبث مصالح الحكام بأمن واستقرار الشعوب فى المنطقة فبعد التوقيع على استئناف العلاقات بين البلدين تكون قد أصبحت لاعباً منافساً وشرساً لأمريكا فى المنطقة؛ مما قد يحول بوصلة العالم هذه المرة شرقاً .
*سوف أعود لاحقاً على تأثير استئناف العلاقات الإيرانية السعودية على السودان.