الأمن الغذائي محددات ومهددات.. 

الأمن الغذائي محددات ومهددات..

إبراهيم شقلاوي

إن مفهوم الأمن الغذائي من المفاهيم القديمة المتجددة حيث جاء التعريف حسب الخبراء (بأنه وضع يتحقق عندما يتمتع جميع الناس في جميع الأوقات إمكانية الحصول المادي والاقتصادي على أغذية كافية وسليمة ومغذية تلبي احتياجاتهم الغذائية وأفضليتهم الغذائية من أجل حياة نشطة وصحية) وفقاً لهذا المفهوم وهذا التعريف يظل السودان من الدول الواعدة في تحقيق الأمن الغذائي لشعبه ولشعوب العالم بالنظر الى ما يتمتع به من ثروات في هذا الجانب الذي يحتاج الى نهوض الخبراء والمختصين الى العمل الجاد وصولاً لتحقيق هذا الهدف.. في ظل المتغيرات المناخية وشح الأمطار والنداءات المتكررة الذي تبعث بها المنظمة الدولية في مجال الغذاء والكفاية من كافة المنتجات.. المهمة للإنسان لتحقيق الاستقرار وإنعاش الاقتصاد.. فإن وفورات الغذاء تحتاج الى الأرض والمياه والخبرات الفنية والإدارية بجانب الدعم المادي من خلال رؤوس الأموال الرسمية على مستوى الدول والخاصة على مستوى المستثمرين.

في هذا الصدد نجد أن السودان يعد من أكثر الدول العربية تضرراً من الجفاف منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي الى الآن حيث تأثر حوالي ستة ملايين سوداني من آثار هذه الظاهرة حسب المراكز البحثية ونتج عن ذلك نزوح حوالي مليوني سوداني من مناطقهم في الريف التي كانوا يعيشون فيها وأصبحوا لاجئين في مناطق أخرى خاصة حول المدن الكبيرة كالخرطوم وما جاورها، فجميعنا نذكر نداء السودان الذي بعثت به الحكومة في العام 86 للعالم لإغاثة المتأثرين بظاهرة الجفاف والنزوح.. وربما لم تتعافَ بلادنا منذ ذلك الحين من الآثار التي شكلت ضغطاً على الخدمات وزادت نسبة الفقر إذ أنهم معظم النازحين كانوا قد فقدوا ثرواتهم الحيوانية أو الزراعية وكانت تلك هي مهنهم التي يجيدونها لذلك فشلوا في الحصول على عمل يناسب إمكاناتهم وخبراتهم.. كما أفرز ذلك الواقع أزمات كبيرة كان جزءاً منها الصراع على المياه والمرعى، كما أن خروج هذا العدد الضخم من دائرة الإنتاج الزراعي والحيواني أحدث فجوة لاحقاً في توفير الغذاء..

الآن من المؤسف ربما تتجدد هذه السيناريوهات من خلال توقعات الجفاف وانصراف المزارعين والرعاة عن مهنتهم الأصيلة التي أصبح العائد منها ضعيفاً دون محفزات من الحكومة.. واتجاههم الى مهن أخرى ذات عائدٍ مجزٍ، كالتعدين أو التجارة البسيطة أو النشاطات الأخرى التي تُأمن المعاش اليومي.

عليه لا بد أن تتجه الحكومة خلال هذه الفترة لتعزيز العمل في زيادة المساحات الزراعية واستمرار مشروعات حصاد المياه بجانب الاستفادة الكاملة من مشروعات السدود القائمة في زيادة فرص الإنتاج والدخول في شراكات منتجة مع الدول الصديقة والشقيقة والمستثمرين للتحوط لأي تغيرات محتملة في المناخ تؤدي الى شح الأمطار أو الموارد المائية الأخرى، فلابد من إجراء الدراسات اللازمة وزيادة فرص التدريب لاكتساب المهارات اللازمة في الزراعة والري والثروة الحيوانية هذا بجانب مراجعة السياسات الاقتصادية والاستثمارية وصياغة القوانين الجاذبة للمستثمرين.. هذه هي المحددات المطلوبة التي إن لم نسارع في إنجازها حتماً سنقع في فخ المهددات وحينها ستفشل كل الخطط لأن الأوان قد فات لعمل التدابير اللازمة.

في ذات الخصوص فقد أكدت وزارة المالية مؤخراً أن السودان تم تصنيفه كواحد من أكبر أربع دول في العالم توفر لها الفرص بأن تقدم الأمن الغذائي للإقليم ودول العالم أجمع بعد اكتفاء مواطنيه.

وقال وكيل التخطيط الاقتصادي بالوزارة حسب “الانتباهة” محمد بشار: (إن الموارد متاحة والخبرات موجودة والتحدي هو تحويل الموراد لمنتجات يمكن أن تصل للأسواق العالمية بفوائد كبيرة للمنتج، وجزم طبقاً لـ”سونا” بأن المنتج الصغير لا يستفيد من إنتاجه لأن سلسلة الإمداد بها كثير من المطبات التي تسحب من الفوائد الحقيقية له، في وقت أقر فيه بوجود فجوة كبيرة في التصنيع الغذائي)، بلا شك هذه بشريات طيبة بمثلها شعور الحكومة بأهمية التدابير.. تحتاج أن تنهض بموجبها على مستوى كافة المؤسسات المعنية الوزارات ذات الصلة لتقديم الخطط العاجلة والبرامج الجاذبة حتى نؤكد صحة هذا الواقع الذي يحتاجنا جميعاً الى التكاتف والعمل بجد وتناسي الخلافات السياسية وإعلاء روح الانتماء للسودان بجانب روح المهنية المبدعة التي ينتظرها شعبنا وننتظرها جميعاً لأجل العبور الآمن الى فضاء تأمين الغذاء لنا ولجيراننا والعالم قاطبة..

دمتم بخير.