بيت الشورة
عمر الكردفاني
لا أحب المعارك الانصرافية، خاصة تلك التي ينظمها البعض على علم أو جهل ولكن هنالك معارك لابد منها؛ خاصة حينما يكون الوطن هو المستهدف عمداً أو جهلاً، والكثير من المعارك يدخلها الزملاء الصحافيون عن حسن نية وقد تردهم معلومات مضللة؛ لذا فأنا أجد لهم العذر، ولكن من حق شرطتنا السودانية أن نقول القليل من أجلها وأول هذا القليل هو أن كل مجتمع به الفاسد والصالح لأن هذه الشرطة ليست (روبو كاب) تلك الشرطة المكونة من روبوتات؛ بل هم أبناء هذا الشعب بكل طبقاته وسحناته وأعراقه؛ لذا فقد تجد هنا وهناك من يقدم نموذجاً سيئاً وهذا النوع لا يستمر طويلاً في سلك الشرطة؛ لأن نظامها يلفظه في أول منعطف، أما الحديث عن قادة الشرطة فهو محض استهداف ممنهج، خاصة عندما يصل إلى مدير عام الشرطة، الرجل الذي توضح سيرته الذاتية الناصعة معدنه السوداني الأصيل، وإذا عدنا إلى الاتهامات التي طالته في الأيام الماضية فإن
تعيين ابنته في شرطة الجمارك شيء طبيعي، إذ أي شخص يحب أن يعمل في مهنة أبيه والقانون يكفل له ذلك، وابنة السيد الفريق أول عنان دكتورة صيدلانية تخرجت وتقدمت ضمن المتقدمين، وتم تعيينها بناءً على مؤهلاتها العلمية واجتازت بنجاح كل المعاينات
فما المشكلة في ذلك!؟ وهل من الإنصاف أن يحرم ابن أي مسؤول من العمل؟
كان يمكن أن يكون الهجوم ذا مصداقية لو كانت غير مؤهلة وتم تعيينها.
أما عن إلحاق زوج ابنة الفريق أول عنان الرائد نبيل حسن خالد محمد احمد بالسفارة في واشنطن
أولاً الرائد نبيل هذا غير متزوج وهو من أبناء الجزيرة ولا تربطه أي صلة قرابة بسعادة الفريق عنان والذي هو من نهر النيل، وقد تم اختياره وفق الأسس القانونية والشروط المطلوبة، وتقول سيرته الذاتية إنه التحق بكلية علوم الشرطة والقانون عام ٢٠٠٨ وتخرج منها عام ٢٠١٢ ومؤهلاته العلمية هي بكالريوس قانون وعلوم الشرطة جامعة الرباط الوطني وماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية أكاديمية السودان للعلوم، وعمل بشرطة ولاية الخرطوم ٢٠١٢ إلى ٢٠١٤ وعمل بولاية غرب دارفور القوات المشتركة السودانية التشادية من ٢٠١٤ إلى ٢٠١٧ وعمل بالإدارة العامة للسجل المدني والجوازات من ٢٠١٧ حتى ٢٠٢١ وعمل بالإدارة العامة لتدريب الضباط من ٢٠٢١ إلى ٢٠٢٢ وعمل بالمكتب التنفيذي لرئاسة الشرطة من ٢٠٢٢ إلى ٢٠٢٣ ومكتب الجوازات والمسجل المدني بواشنطن ٢٠٢٣ وقد حصل على وسام الشرف العسكري من السيد رئيس الجمهورية عام ٢٠١٥ القوات المشتركة السودانية التشادية، وحصل على وسام الإنجاز للشرطة ثلاث مرات، كما أن الإحالات والترقيات والنقليات ليست حكراً على المدير العام للشرطة، لأنها تتدرج من الوحدات في شكل تقارير إلى أن تصل للمدير العام، الذي لا يحق له أن يرفض أو يعدل إلا وفق الضوابط واللوائح، فمثلاً إذا أحيل له مجلس تحقيق عن ضابط مع توصية بإحالته للمعاش فهل يحق له الرفض؟
ثم ماذا بعد ؟
إن القوات النظامية السودانية، كما أسلفت من قبل، مكونة من أبنائنا أبناء هذا الشعب، ولها قوانينها ولوائحها وانضباطها الذي يتحول إلى ضبط للشارع العام وضرباً لأوكار الجريمة والمخدرات وحكاية للأرض والعرض، لذا فإننا يجب أن نتعامل معهم وفق اللوائح والقوانين، وأن نقول للفاسد أنت فاسد بالأدلة والبراهين ونقول للصالح أحسنت حتى يجود أداءه.
أنا أكتب هذا العمود وأكثر من خمسة من أعز أصدقائي تمت إحالتهم للمعاش خلال الشهر الماضي، ورغم الغصة التي تخنقني فإنني أنظر إلى الجانب الإيجابي أنهم نزلوا في قمة عطائهم ودون أي شبهة فساد، لذا فأتمنى لهم كل الخير في حياتهم المدنية، ولكني لا ألوم قيادتهم التي لها نظرتها إلى منسوبيها وأقول ختاماَ: عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم.