خارطة الطريق الميرغنية، عند من تصرف فاتحة السيد علي ؟

 

تباينت رؤى مراقبين حول مبادرة نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل جعفر الميرغني، أمس الأول، فيما عرف بخارطة الطريق الميرغنية، بين من اعتبرها مناورة سياسية ومن وصفها بخارطة طريق كاملة الدسم، لكن مهتمين أجمعوا على تفاصيل أشمل من المبادرات المطروحة من قبل، تضمنتها تصريحات الميرغني
و رأى محللون أن مبادرة الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل مثلها مثل مبادرة الشيخ الجد، ومسلسل المبادرات الأخرى التي ظلت تدور في ذات دائرة (الانتخابات المبكرة) ولم تفلح في إيجاد مخرج لأزمة الدولة والمجتمع.
. مهما يكن فإن إفادات الاتحادي الأصل، بما له من تاريخ في الساحة السياسية لها أصداؤها، لا سيما بعد حالة الصمت في المشهد السوداني بعد مبادرة الطيب الجد، ومؤتمر قضايا الشرق المصيرية.
الميرغني دفع بملف جديد في طاولة المبادرات ليظل مع غيره من الملفات بانتظار التوافق الوطني والإرادتين السياسية والوطنية.
الخرطوم _ إبراهيم عبد الرازق

خارطة طريق:
قال نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل السيد جعفر الميرغني، إنه يجب أن يكون هناك وفاق وطني بين الجميع حتى لو على الحد الأدنى.
وأعلن جعفر في اللقاء السياسي الذي نظمه الحزب بجنينة السيد علي مساء أمس(الاثنين) عن خارطة طريق لخروج البلاد من الأوضاع الهشة الحالية، تفضي لقيام الانتخابات.
وتتركز خارطة الطريق على “قيام المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء والمجلس الأعلى للنيابة ومفوضية مكافحة الفساد تحال إليه الفساد وفقاً للقوانين للنظر في القضايا وتحيلها إلى المحاكم دون تشفٍ،
وأضاف جعفر: “يجب أن تؤول شركات الجيش الى وزارة المالية عدا شركات الصناعات الدفاعية والشركات التكافلية للجيش، وأيلولة شركات الدعم السريع لوزارة المالية وفقاً للقانون، ووضع رؤية اقتصادية تقوم على الموارد الذاتية للبلاد بالتركيز على الزراعة والثروة الحيوانية والتعدين”.
وناشد المجتمع الدولي والإقليمي لإغاثة ضحايا السيول والفيضانات في السودان، كما ناشد الدولة السودانية على بذل المزيد من الجهود في إغاثة شعبها
وأوضح جعفر أن موقفهم ثابت في الحريات، وحرية التظاهر وحرية الإعلام. وترحم على أرواح الشهداء وضحايا العنف وأبطال النضال،
وقال: “يجب أن نمضي إلى انتخابات حرة ونزيهة، فلا معنى لتقاسم السلطة دون شرعة انتخابية، وللوصول إلى الانتخابات نحتاج إلى وفاق وإلى تنازلات.
ودعا لاستعادة المحكمة الدستورية للبت في الخلافات الدستورية وفقاً للقانون. كما يجب ضبط مؤسسات الدولة المالية وفقاً لما كان قبل عام 89، مع قيام مفوضية مكافحة الفساد للنظر في القضايا وإحالتها للقضاء، وإعطاء أولوية لملف الضحايا والشهداء وتعويضعم وفقاً للقانون”.

خلوها مفتوحة :
خبير إدارة الأزمات والتفاوض اللواء د. أمين إسماعيل مجذوب ان ما ورد من الميرغني (
مناورة سياسية …. ومغازلة للكتل المتراصة في الساحة السياسية ….)
والابتعاد خطوات من المكون العسكري بعد خروجه من الحوار الوطني.
وحول المزيد من التوضيح عن مرامي المناورة أجاب بقوله ( خلوها مفتوحة).
الإرادة الوطنية:
من جهته.. وصف استاذ العلوم السياسية د راشد محمد علي الشيخ؛ المبادرة بخارطة طريق انتقالية ووطنية كاملة الدسم ، وأضاف ل ( اليوم التالي ) إن الميرغني أو نائب رئيس الحزب سرد مسائل مهمة بالنسبة للفترة الانتقالية بصورة خاصة وللقضايا الوطنية بصورة عامة؛ وتصبح هذه هي التحديات الإفتراضية التي يمكن التعامل معها وإيجاد حلول لها، وأهمها الإشكالات التي تعيق التعامل مع هذه الملفات، وواحدة منها توفير الإرادة الوطنية للوفاق والتوافق الوطني .بحيث تكون القوى السياسية ممثلة في الأحزاب والمجموعات السياسية لها القدرة على تقديم التنازلات لصالح المصلحة الوطنية العليا، وهذا سيكون المسار الآمن الذي تتبلور فيه كل النقاط التي تحدث فيها نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل .
وحول علاقة تصريحات الميرغني بالمبادرات المطروحة قال راشد : أعتقد أن تصريحات الميرغني تتجاوز المبادرات التي طرحت في الساحة ، لأنها كانت تتحدث في موضوع محدد وهو تجاوز الأزمة السياسية بتوفير حل لإدارة الحكم الانتقالي في السودان ، ولكن ما وضعه السيد الميرغني هو خارطة طريق مكتملة الأركان للمسار الآمن للدولة.
وحول إمكانية تنفيذ خارطة الطريق الميرغني؛ قال راشد يمكن تنفيذها إذا توفرت الإرادة السياسية والإرادة الوطنية التي تحقق تلك الغاية الكلية، وهي العبور الآمن بالوطن من المطبات والتحديات الكبيرة التي ذكرها نائب رئيس الحزب وأشار راشد إلى مقدرة فائقة في التعامل مع هذه استناداً إلى تجارب تاريخية ثرة في البلاد.
القديم المتجدد:
وإعتبر اسناذ العلوم السياسية عبد القادر محمود صالح؛ تصريح السيد جعفر الميرغني بضرورة إيجاد خارطة طريق لمعالجة الأوضاع الراهنة لا يخرج من سياق المبادرة القديمة الجديدة التي دعا إليها الحزب الاتحادي الأصل والتي أكدت على ذات النقاط الواردة في تصريح السيد جعفر الميرغني.
وأضاف.. صالح ل ( اليوم التالي ) هذه المبادرة لن تجد الأذن الصاغية من قبل القوى الثورية الحية ذات التأثير العميق في الشارع ولن تقبل هذه القوى بأقل من محاكمة الذين اقترفوا جرائم القتل والقمع والانقلاب على ثورة ديسمبر.
وتابع… إإن الدعوة المتكررة من قوى اليمين والوسط لإقامة انتخابات مبكرة يمكن من خلالها تجاوز واقع الأزمة الراهن، هي دعوة للمراوغة السياسية واستعادة الحلم الضائع، ولا تخفى أجندتها المرتبطة بالمحافظة على الأوضاع القديمة كما يصورها الراديكاليين في الثورة، وهذه الأوضاع القديمة تتمثل في شكل نظام الحكم القائم على أسس الطائفية والإدارة الأهلية وبعض النخب السياسية المرتبطة – بشكل أو بآخر – بعقلية ما بعد الاستعمار، في تقديري، هذه القوى قد تجاوزها الزمن الثوري الراهن وصنفها في خانة السودان القديم الذي يجب هدمه وبناؤه بأسس جديدة تقوم على هدى الأهداف والآمال العريضة لثورة ديسمبر.
أعتقد أن مبادرة الحزب الإتحادي الديمقراطي الأصل مثلها مثل مبادرة الشيخ الجد ومسلسل المبادرات الأخرى التي ظلت تدور في ذات دائرة (الانتخابات المبكرة) ولم تفلح في إيجاد مخرج لأزمة الدولة والمجتمع.
الثورة والمجتمع والدولة كلها متكاملة ولا يمكن توصيف ما يحدث بالأزمة العارضة التي يمكن تشخيصها وعلاجها بمبادرة من هنا أو هناك، وإنما ينبغي على جميع القوى التقليدية وقوى الوسط واليمين، فهم خصوصية ثورة ديسمبر التي تعتبر في تقديري ذروة التغيير والوعي الاجتماعي المتراكم منذ صبيحة الاستقلال والمعبر عن حقيقة الإرادة الصلبة لتثوير البنى السياسية والاقتصادية والثقافية القديمة بشكل راديكالي (جزري).
ومضى صالح، يبدو أن تكامل أدوار مبادرات (الانتخابات المبكرة) يتجه إلى الاصطفاف في تحالف عريض يضم كل المكونات التقليدية وقوى الوسط واليمين؛ لمقاومة وهزيمة تيار الثورة الراديكالي الذي ما زال حيا في الشارع الجماهيري، وفي ذات الوقت هذا الاصطفاف يمكن أن يشكل حاضنة سياسية واجتماعية لسلطة الأمر الواقع، وبمباركة إقليمية ودولية لفتح أفق جديد لحاضر چ إن حدثت تلك الفرضية، فإن الأوضاع في السودان ستتجه إلى المزيد من الاستقطاب والاستقطاب المضاد، وحينها سوف يصبح ما تبقى من هذه الدولة في مهب التقسيم والتفكيك كما هو مخطط له بشكل استراتيجي يحقق الأهداف الكبرى لخطة إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط الكبير بما يخدم مصالح الدول الكبرى في تراتبية النظام الإقليمي والدولي.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب