ما في مليشيا بتحكم دولة

أما حكاية

إيهاب مادبو
* من الشعارات ذات الفسلفة السياسية العميقة هي تلك التي ظلت ترددها لجان المقاومة بعد انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر والتي طالبت فيها بعودة الجيش للثكنات
يا برهان ثكناتك أولى
ما في مليشيا بتحكم دولة
* وعودة الجيش للثكنات يعني تسليم السلطة للمدنيين والالتزام الصارم من الجيش بحماية الحكم المدني لتتهيأ البلاد بعدها لمرحلة مهمة للغاية فيها يقرر الشعب من يحكمه وكيفية حكمه.
* والخميس الماضي انهارت السلطة تماماً بالخرطوم حيث امتلكت لجان المقاومة زمام المبادرة وأجبرت السلطات على قفل كل الكباري خصوصاً كوبري الفتيحاب الذي تعطلت فيه حركة السير واضطر المواطنون للعودة قطع مسافات طويلة بأرجلهم.
* وشاهدت العديد من أعضاء لجان المقاومة وقد قاموا بتسهيل حركة سير المواطنين بفتح طرق جانبية شمال الكوبري حتى لا يدخلوا منطقة الاشتباك، كما أسموها وهي منطقة كر وفر بين الشرطة ولجان المقاومة.
* وبسؤالي لأحدهم وقد لاحظت فيه إصراراً وعزيمة بفتح الترس بمقدار ما يسمح ذلك بمرور المواطنين وسيارات الإسعاف، سألته بعفوية مستلهماً نصاً للشاعر يحي فضل الله.
لمتين وكيف ولوين؟؟
فأجابني: إسقاط الانقلاب وعودة الجيش للثكنات وحل الدعم السريع.
* إذن فإن الشارع تتسع خياراته وتختلف على ما هو يجري الآن بين الفاعلين السياسيين وهذا مؤشر لطريق ثالث يختلف تماماً عن تقديرات السياسيين والعسكريين حول الأزمة التي كادت تفجر الأوضاع بالسودان.
* والخميس الماضي عادت المواكب إلى زخمها الجماهيري وهذا يعني أن مساحات الحراك الشعبي والجماهيري في ازدياد وهو ما يعقد من الأزمة السياسية، فلجان المقاومة سقفها هو إسقاط الانقلاب وحل الدعم السريع بخلاف قوى الإطاري ومركزي الحرية والتغيير، الكتلتان اللتان تناصر كل منهما طرفاً عسكرياً مختلفاً.
* ويبدو أن لجان المقاومة استشعرت بالخطر المحدق فضاعفت من جرعاتها التعبوية هذه المرة بقصاصات ورقية كانت توزع للجماهير تطالبهم بضرورة رفض التسوية القائمة على فرضية إعادة سيناريوهات الفترة السابقة بذات الذين صوبوا أسلحتهم إلى صدورهم.
* ومنذ الانقلاب فقط سقط أكثر من (200) شهيد برصاص القوات الأمنية التي استخدمت عنفاً مفرطاً تجاه الثوار والثائرات الذين كانت أسلحتهم التي يستخدمونها هي “اللاعنف” في مقابلة عنف السلطة وجبروتها.
* ومن المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة حراكاً كبيراً من واقع موكب الخميس الماضي الذي أسمته اللجان “بخم الرماد” وفي ظل التوترات الأمنية المتصاعدة فإن الأوضاع قد تتجه إلى كارثة لا تحمد عقباها باستغلال تلك التحركات واستخدامها كما حدث ليلة فض الاعتصام التي ما زالت دماء الشهداء تحاصر رقاب المجرمين.
* ويوم الخميس الماضي انتشرت الإشاعات بتحركات عسكرية متزامنة مع تلك المواكب وهي حرب إعلامية تديرها غرف استخباراتية تسعى من خلالها لزعزعة الأمن والاستقرار بإحداث الفوضة الخلاقة وإشعال فتيل الحرب الأهلية.