عمر الكردفاني
سفر المسؤولين السودانيين.. طرائف ومواقف بسبب الفساد الذي استشرى في مفاصل الدولة السودانية أصبح هناك فساد مقنن حتى ظن البعض أنه ليس بفساد، بل أصبح الكثير من المطبلاتية يرون أنه حق أصيل للمسؤول وإذا تحدثت عنه تصبح من المغضوب عليهم، وأول أنواع هذا الفساد هو رئاسة اللجان والحوافز، فقد تجد مسؤولاً ينال في الشهر الواحد ما يزيد عن راتبه بأكثر من عشر مرات بسبب أنه القاسم المشترك الأعظم لكل اللجان وكل قوائم الحوافز حتى ولو كانت حوافز (رضاعة)، أما قصة سفر المسؤولين وخاصة الوزراء فتلك قصة أخرى، ولكن للأسف يكون تركيز الوزير وطاقمه من التنابلة على الحوافز أكثر من التركيز على موضوع الرحلة ذاته، بل يكون أكثر حتى من معرفة الوجهة التي سيسافر إليها الوفد، ففي أواخر عهد الإنقاذ سافر وزير اتحادي إلى دولة أخرى غير الدولة التي تقام بها الفعالية التي كان يقصدها الوزير ووفده الميمون والسبب بالطبع أن الوزير المعني لم يوظف بمكتبه ذوي الكفاءة، بل جمع حوله المطبلاتية وبعض من أقربائه ممن تعثروا في الدراسة والعمل فإنهم جميعاً لم يميزوا التشابه بين الدولة المعنية والدولة التي حطوا رحالهم فيها خطأ حتى فاتهم المؤتمر ومرّ الحدث مرور الكرام، وقبل أسابيع قلائل كاد وفد وزاري يسافر إلى دولة غير الدولة المعنية، إذ كاد الوفد أن يسافر إلى دولة اسم عاصمتها مشابه لاسم الدولة المعنية، ولكن هذه المرة ولأن الوزير كان مصطحباً ذوي الكفاءة فقد انتبه أحد أعضاء الوفد إلى الخطأ وقام بتصحيحه.
إن السفريات المكوكية ليست ضرورية في بلد يعاني ثلث مواطنيه من أمراض الجوع ويعيش أكثر من نصف سكانه تحت خط الفقر، ولكن لأن الوزارات والمناصب السياسية والسيادية تمنح كمكافأة أو تقرباً أو حتى لكف الأذى فإن من يتسنم منصبا ًلا يفكر إلا في نفسه وأن يعيل أسرته ومقربيه وماسحي جوخه من التنابلة، فتجد موظفي الوزارة يتشابهون كأنك في سيرك لا في وزارة عليها أن تخدم الشعب المسكين، وللأسف الشديد أصبح الفساد الواضح مبرراً لأن الجميع يلغ في المال الحرام، فلا أحد يستنكر على الآخر ما دام (دابي جراداي في خشمو ولا بعضي) أي أن الثعبان الذي في فمه جرادة لا يستطيع اللدغ أو نفث السم .
إن الكتابة عن الفساد المخفي أو ذلك الذي تم تجييره يحتاج إلى مجلدات خاصة وأن الجميع أصبح يتحجج أن (العيشة بقت صعبة)، ولعمري إنه لتبرير فطير لوضع مزرٍ في بلد إذا تم توجيه اقتصاده توجيهاً صحيحاً نحو الإنتاج لأصبح في مصاف الدول الأغنى عبر العالم بلا شك.
ثم ماذا بعد؟
قبل شهر كتبت منتقداً كثرة السفريات الخارجية لوزير التنمية الاجتماعية وتحدثت بكل أدب أن على السيد الوزير أن يولي اهتماماً أكثر لما يليه من مهام الا أنني جوبهت بخطاب مسيء اتهمني كاتبه بأنني ربما طلبت شيئاً من الوزير، ولكنه لم يوفه لي ولكن للأسف كاتب المقال لا يدري أنني أصلا ًلست ممن يتزلفون إلى الوزراء أو يقفون على أبواب المسؤولين ويشهد لي الجميع بالـ(فقر) المدقع بعد ثلاثين عاماً في بلاط صاحبة الجلالة خرجت بلا منزل أو سيارة أو أي مقتنى ذا قيمة أكبر من (كرامتي) ولله الحمد، لذا أطلب من كاتب ذلك المقال أن يبرر للرأي العام السوداني لمَ سافر وزيره إلى مؤتمر قضايا المرأة؟