بقلم : علي يوسف تبيدي
مصر تتعرض لعقلية سودانية ظالمة تشن هجوماً منتظماً على المحروسة بلا كوابح، بحجة وجود نظرة مصرية فوقية على السودان لاتقدر وزنه وقيمته على جميع المستويات، فضلاً عن ذلك يتحدث هؤلاء عن وجود ممارسات مصرية تقع في دائرة الاستغلال والانتهازية على السودانيين، بل النظرة السودانية التي تهاجم مصر لاتنظر إلى الجزء الأخير من الكوب تقفز على جوانب المساوي والتصرفات حتى لو كانت من شرائح فردية، دون النظر والاعتبار إلى ماهو أعمق وأهم من ذلك!! ماذا قدمت مصر فى مجال التعليم.. أليست جامعة القاهرة فرع الخرطوم خرجت الآلاف من السودانيين وصاروا يحملون شهادات جامعية استفادت منهم بطارية الخدمة المدنية؛ يوم كانت الجامعات السودانية محدودة إلى وقت قريب.. ماهو سر التدفق السودانى نحو مصر الذي تجاوز العشرة ملايين سودانى منهم من ذهب للعلاج أو السياحة أو العلم أو التجارة أو المكوث في أرض الكنانة فضلاً عن شراء الأراضي والعقارات.
أيضاً هنالك من يتحدث عن ذهاب المنتجات الزراعية واللحوم وبعض السلع السودانية إلى مصر عن الطريق البري، معتبرين ذلك بأنه استغلال للسودانيين وسرقة خيراتهم دون التفكير بأن هذه المعطيات جاءت ارتكازاً للسياسات الاقتصادية المتوحشة في السودان التي جعلت البنك الزراعي – على سبيل المثال – يعجز عن شراء القمح الوطني السوداني فكان من الطبيعي قيام التاجر المصري بشرائه؛ الشيء الذي عالج إشكالية المزارع السوداني.. ماذنب مصر فى ذلك؟! سلع سودانية متعددة تذهب إلى مصر فى وضح النهار برضاء التجار السودانيين!!
العلاقة السودانية التي لاتحبذ التماهي مع مصر من منطلقات نفسية وتاريخية وسياسية كان موقفها في البداية مع إثيوبيا في قضية مشروع سد النهضة، فقد كانت الخرطوم في عهد البشير وحمدوك ضد مصر لكن رويداً رويداً تغير الموقف السودانى وأصبح يتكامل مع الرؤية المصرية.
وبذات القدر هنالك رموز سودانية كثيرة ارتبطت بعلاقة وثيقة مع مصر كان لها دور متعاظم في دفع التواصل بين الخرطوم والقاهرة إلى الأمام، عندما تظهر البلايا والخطوب.
أيضاً مر على السودان مجموعة من الدبلوماسيين والقنصليين المصريين قاموا بدعم العلاقة الوجدانية، منطلقين من أهداف مبنية على تقدير كبير للمسؤولية المهنية والسياسية؛ هؤلاء القنصليين كانوا لصيقين بالمجتمع السوداني يعرفون أوجاعه وملامحه وحوجته في النماء والتطور من وحي بعض هذه المعطيات، جاء الامتياز المصري للطلاب السودانيين في الجامعات المصرية، حيث يجدون التسهيلات والخدمات الكبيرة في مجال الدراسة لا تتوفر للطلاب من الدول الأخرى .
بل هؤلاء القنصليين والدبلوماسيين كانت لهم مواقف كثيرة تخدم العلاقة مع الخرطوم في عالم التجارة والبيزنس والحماية للجالية السودانية من الاستهداف والعراقيل.
بقدر ماتوجد عقلية سودانية تهاجم مصر يوجد مثلها في مصر.
غير أن فضاء العلاقة الأزلية ومايحفه من نماء وقيم تاريخية وتبادل مصالح وساسة أماجد في شمال الوادي وجنوبه استطاع تقزيم الإفرازات السالبة هنا وهنالك.