ورشة العدالة والعدالة الانتقالية.. هل تحقق أهدافها؟

جمعة الوكيل: ورش العدالة لا تسمن ولا تغني من جوع
المعز حضرة: الورش ناجحة والوقوف ضدها يعني أجندات أخرى
محمد عبدالله: غياب أصحاب المصلحة لن يقود لنجاح الورش
تقرير: الخواض عبدالفضيل
خلال الأيام الماضية انطلقت، ورش العدالة الانتقالية بالإقليم الأوسط الذي يضم ولايات الخرطوم، الجزيرة والنيل الأبيض وإقليم كردفان الذي يضم ولايات جنوب وغرب وشمال كردفان ضمن ست ورش مخصصة لقضية العدالة الانتقالية، تغطي أقاليم دارفور الكبرى والنيل الأزرق. وتشارك الآلية الثلاثية مع التحالف المدني للعدالة الانتقالية المكون من “تحالف المجتمع المدني، الخبراء الوطنيين والموقعين على الاتفاق الإطاري” في تنظيم حوارات العدالة مع أصحاب المصلحة.
العدالة الانتقالية ضمن القضايا الخمس التي خضعت لمزيد من النقاش، وأقامت قوى الإطاري التي تقود العملية السياسية ورش عن تفكيك نظام الثلاثين من يونيو واتفاق جوبا للسلام، علاوة على قضية شرق السودان فيما تبقى قضايا الإصلاح الأمن والعسكري.

استطلاع آراء
قال عضو اللجنة السودانية العليا للعدالة الانتقالية عبد السلام سيد أحمد إن انعقاد ورشة العدالة الانتقالية تتزامن بمختلف أقاليم السودان.
وقال سيد أحمد خلال مخاطبته فعاليات ورشة العدالة الانتقالية للتحالف المدني للعدالة الانتقالية التي نظمت بالتعاون مع الآلية الثلاثية بالخرطوم، إن الورشة بمثابة بداية لنقاش حول موضوع العدالة الانتقالية واستطلاع آراء أصحاب المصلحة من أسر ومجموعات الضحايا الذين عانوا من الانتهاكات، بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني ومختلف فئات الشعب السوداني من لجان مقاومة وتجمعات ومجموعات مختلفة مهنية وغيرها.
وأشار سيد أحمد إلى أن الهدف من قيام الورشة استطلاع آراء تلك المجموعات فيما يلي موضوع العدالة الانتقالية لبلورة فهم متكامل يمكن أن يقرر فيه المؤتمر القومي المزمع عقده في موضوع العدالة الانتقالية.
من جانبه قال رئيس منظمة أسر الشهداء فرح عباس فرح لـ(سونا): أتينا هنا لنوصل رأينا في العدالة الانتقالية وما حدث في تجربة الحكومة الانتقالية الماضية.
وشدد عباس على ضرورة تضمين العدالة الانتقالية في أي دستور قادم لجهة أنها قضية أخلاقية ووطنية وحقوقية تعبر عن كل أطياف الشعب السوداني.
وأضاف: دار بين أقسام المجتمع المدني ورجال المقاومة وقوى مختلفة من المجتمع المدني ابتدار حوار وطني لدستور يحكم البلاد لمدة عامين ورأت منظمة أسر الشهداء ضرورة إيجاد العدالة والاعتراف بحقوق الشهداء، ولا بد من أن تسمع صوتها، فضلاً عن تضع القوالب المناسبة للعدالة الانتقالية ترى بعيون المنظمة لا بعيون غيرها.
واستعرضت الورشة تقديم مبسط للإطار المفاهيمي للعدالة الانتقالية قدمها دكتور نصر الدين عبد الباري عن ماهية العدالة الانتقالية والمعايير الدولية التي تؤسس للعدالة الانتقالية إضافة إلى مكونات العدالة الانتقالية.
كما تخللت الورشة مداخلات ورؤى لمختلف مجموعات الضحايا والناجين، أسر شهداء 28 رمضان، سبتمبر 2013م، ثورة ديسمبر 2018، تجمع الأجسام المطلبية، المفقودين، ضحايا التعذيب الجرحى والمصابون.

منع ورشة
غير أن سلطات ولاية كسلا منعت التئام ورشة العدالة الانتقالية للإقليم الشرقي، لدواعٍ أمنية، وأرسل مدير شرطة ولاية كسلا ومقرر لجنة الأمن سليمان عبد الوهاب خطاباً لمفوض العون الإنساني قال فيه إنه تقرر عدم إقامة ورشة العدالة الانتقالية بمدينة كسلا في الفترة من 12 – 14 مارس الجاري نسبة للظروف الأمنية بالولاية”، وطالبه بتنفيذ الأمر.
وتعيش ولاية كسلا منذ العام 2019 استقطاباً حاداً وتأثرت بالصراعات القبلية التي اندلعت شرق البلاد عقب التوقيع على اتفاق جوبا للسلام لتشهد هي الأخرى نزاعاً خلف أعداداً من القتلى والجرحى وحرق عشرات المنازل في أوقات متفرقة خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
وقال عبد الرحمن سليمان الناشط الحقوقي بولاية كسلا لـ(سودان تربيون) إن قرار لجنة أمن الولاية الخاص بمنع ورشة العدالة الانتقالية يمثل تعدياً على حق التعبير وتكميم للأفواه لأسباب قال إنها واهية، ورأى أنها تمثل استهدافاً مع سبق والإصرار والترصد لحركة الفاعلين والناشطين السياسيين في الولاية.

عمل غير مسنود
ويقول القيادي الناطق الرسمي باسم الكتلة الديمقراطية وحركة جيش تحرير السودان جمعة الوكيل لـ(اليوم التالي) إن ورش العدالة الانتقالية لا تعنيهم بشيء لا من بعيد ولا من قريب وإن لديهم وجهة نظر واضحة من الاتفاق الإطاري، واعتبر جمعة أن الاتفاق الإطاري في حد ذاته خلق أزمة كبيرة الى أن وصلت ذروتها إلى العسكريين وزاد: الورش لا تسمن ولا تغني من جوع ولا يستفيد منها الشعب السوداني خاصة أنه عمل ناقص لم يجمع عليه الشعب السوداني ولا القوى السياسية والمدنية يعني أنه عمل غير مسنود من قاعدة عريضة وأردف قائلاً: إن المجموعة التي تعقد الورش غير مفوضة ومن المفترض أن يكون هناك حد أدنى للتوافق بين كل القوى السياسية ومن يقومون الورش مجموعة صغيرة من الناشطين السياسيين ومضى: لا تعويل على الورش لأن الاتفاق الإطاري غير معترف به خاصة وأنه لم يخاطب جذور الأزمة السودانية المستمرة ونحن واثقين من فشل الإطاري والعدالة الانتقالية لا تناقشها فئة صغيرة لذلك ورش العدالة الانتقالية أشبه بالورشة التي عقدت بقاعة الصداقة بالخرطوم الخاصة لتقويم وتقييم اتفاقية جوبا وورش العدالة الانتقالية ستواجه نفس مصير هذه الورشة وأضاف: الحركات المسلحة قاتلت الإنقاذ ما يزيد عن العشرين لذلك لا يستطيع أحد أن يزايد عليها وقدمنا أرتالاً من الشهداء في سبيل تحقيق العدالة لأبناء الشعب السوداني.

متاجرة الحركات
ومن جهته يرى القيادي بالحرية والتغيير المجلس المركزي القانوني المعز حضرة في حديثه لـ(اليوم التالي) أن مفوضية العدالة الانتقالية هي من استحقاقات الوثيقة الدستورية وقطع: هذه الاستحقاقات يجب أن تصحبها ورش وتابع: هناك قانون العدالة الانتقالية كان من المفترض رئيس الوزراء السابق أن يقوم بتعيين مفوضية العدالة الانتقالية وهذا ما لم يحدث وزاد: عدم مشاركة حركات الكفاح المسلح ورفضها هو من باب المتاجرة من المفترض على هذه الحركات أن تكون من أولوياتها البحث عن العدالة والعدالة الانتقالية وعدم الإفلات من العقاب وأردف: الوقوف ضد الورش يعني أن لديهم أجندات أخرى خاصة أن غالبية حركات الكفاح المسلح تعمل مع العسكر، بل أيدت انقلاب 25 أكتوبر، لكنهم إن كانوا محقين في تحقيق مبدأ العدالة لأنه لم يوجد شخص يرفض العدالة أو ورش العدالة أو قانون العدالة الانتقالية وجزم بأن الإجماع في العمل السياسي غير متوفر في كل الأشياء وقطع: ستجد هناك من يرفض ومن يقبل وقال: لكن السؤال هل الورش مفيدة أم لا؟ وأضاف: حسب المشاركات الآن في عدد من الولايات وجدنا أناساً لديهم رأي ووزن وشاركوا في هذه الورش ومضى حضرة: الا أن وجود آخرين يرفضون هذا العمل شيء طبيعي خاصة وأن حركات الكفاح المسلح لديها مصلحة في عدم قيام هذه الورش مؤكداً أن ورش العدالة أنها ستنجح لأنها تجمع أصحاب المصلحة، يجب على جميع أهل السودان أن يكونوا مشاركين في هذه الورش.

تأثير بالوضع السياسي
واعتبر الخبير القانوني في قضايا العدالة الانتقالية محمد عبدالله ود أبوك في إفادة لـ(اليوم التالي) أن ورش العدالة الانتقالية المعلن عن قيامها في ولايات البلاد المختلفة تتأثر بالوضع السياسي المعقد وحالة الانقسام وستكون مثل ورشة تقييم اتفاق جوبا وبعدها تم عقد ورشة التقييم في جوبا، وتابع: العدالة الانتقالية من خلال آلياتها المختلفة القضائية وغير القضائية هي من تخاطب مشكلة العدالة وإنصاف الضحايا وتحقيق المصالحة الوطنية من خلال كشف الحقيقة وجبر الضرر وتعويض الضحايا وحفظ الذاكرة حتى لا يتكرر ارتكاب الجرائم والإفلات من العقاب، وزاد ود أبوك: استصحاب أصحاب المصلحة مسألة أساسية في الحوار لأن العدالة الانتقالية تستهدف الإنسان ولذلك أي غياب لأصحاب المصلحة لن يقود لنجاح الورش ويضر بمحاولات تطبيق العدالة والعدالة الانتقالية.

تقنين إفلات من العقاب:
وقالت هيئة محامي دارفور في بيان صحفي إن مؤتمرات العدالة والعدالة الانتقالية التي أطلقتها الوساطة الدولية مع قوى الاتفاق الإطاري لا تخدم أغراضها لغياب طرفين أساسيين، هما الجناة والضحايا، وأضافت: إن مؤتمرات العدالة الانتقالية بصورتها الحالية “تبديد للأموال والجهود وتقنين لظاهرة الإفلات من العقاب، وأعلنت الهيئة أنها تضم صوتها إلى صوت المنسقية العامة للنازحين واللاجئين، وضحايا جرائم حرب دارفور، مؤكدةً عدم سلامة هذه المؤتمرات لتحقيق أهداف العدالة الانتقالية بحسب بيانها، وقال بيان هيئة محامي دارفور إن هذه المؤتمرات تصلح فقط لتكون غطاءً لأهداف سياسية مستترة وتقنين ظاهرة حالات الإفلات من العقاب، وأكد البيان أن هيئة محامي دارفور ليست على صلة بالمؤتمرات التي تنظم الآن باسم تحالف العدالة الانتقالية، وزاد بيان محامي دارفور: “المؤتمرات بصورتها الحالية لا تصلح لمخاطبة قضايا العدالة الانتقالية لأن شروطها غير متوافرة فيها ولا في الأوضاع الحالية القائمة بالبلاد.