القوة التي تكمن طي المصائب

إبراهيم أحمد الحسن
أتلقف القصيدة المكتوبة بلغة إنجليزية صائبة بلا أخطأ، أشاهدها بالصوت والصورة والفعل الرصين، تلتمع الترجمة عندي أتوه في أتون المفردات الباذخة، يتحدث معي أمين حسن عبداللطيف نتدارس القصيدة، تتقمصه روح الشاعر وكنت أراها حين تتلبسه لن تفعل سوى ما فعله الحب بالشاعر أبو قطاطي (سوات العاصفة بساق الشتيل الني / وفعل السيل وقت يتحدر يكسح ما يفضل شيء).. وكانت عاصفة عبداللطيف عاطفة مشبوبة أودعها ثنايا الترجمة فصرعتني من فرط رهافة روحها بلا أدنى رحمة. وأمين حسن عبداللطيف حين يترجم فإنه كعصفور حميد (من رهافة حسيسو إلا يطبقه طبقة/ ومن نحافة نفيسو إلا يدلي طفقة) من منكم رأى عصفور صغير يتنفس.. إنه أمين عبداللطيف عندما يتناول الترجمة بروح النص.
أمسكت بالنص الإنجليزي أدحرجه فوق سطح الشاشة التلفون جيئة وذهاباً، أذهب معه حزيناً وآتي به مع دمعة يمنعها الانحدار دثار صبر أتشبث به.. أهرع الى الصوت والصورة والحضور الطاغي الذي يجسده صاحبه بصوته، أتنقل بين الصوت والصورة والنص الرصين ويعمق عبداللطيف فيّ الجراح بالترجمة الصميم. (دعهم يقولون إنني نزفتُ صراحةً..) وقد قالوا نزف، نزف حد الشهادة. قالوا إن (نور قلبه خفت) وقال: (يخفت أحياناً / ولكن لن يُخرس!) يخفت ولن يخرس قالها بجسارة قلبه وبكل شجاعة (وهذا هو ما أقدمه لهذا العالم..) أجل يا نجل الحبيب هذا ما قدمته لهذا العالم.. لربما وصلت سدرة المنتهى وكأنك تذكرت شيئا قد نسيته، لم تأخذه معك فعدت لتقول: (ولكن الحب الذي أُشاركه سيعيشُ أبداً) نعم سيعيش أبداً، واذا لم يشيروا الى أي شيء البتة فحتماً سيقولون: (إن حبي خالد) وقبل أن يميط لثام حبه الخالد، ويريح لهاثنا خلف القصيد يقول: (حبٌ يلامسُ الجميع بلا استثناءٍ ليحتضنهم برفقٍ ويلمسهم بحنية..)، أما حوار قلبه النابض أبداً بالحب وعقله الراجح الرزين فقد حسمه لصالح الحب الذي احتضن به الجميع حين قال: (دعهم يقولون إن قلبي خفق رقصاً مع النسيم وأن عقلي تبعه بحذرٍ..)، خفقان قلبه يرقص مع النسيم وحذر قلبه لم ينجه من القدر، كان يدرك قوة عقله وكان يعلم رقة قلبه الحاني خفاقاً بالحب للجميع، إذاً فقد كان يخاف المآسي وكان يعلم القوة التي (تكمن طئ المصائب).. تلكم أعزائي كانت آخر الكلمات التي نظمها شعراً الشهيد محمد مجدي محمد عبدالله طه.. فقد صدح بها بإنجليزية فصيحة:
If they ever tell my story, let them say I bled openly. That my heart’s influence was boundless; it’s light, at times dimm’d but never silenced. Let them speak of my love in all it’s lionheartedness for if nothing else that is what I offer this world my actions will not echo across the centuries my name will be lost to memory but the love I share, will live on endlessly. And if they mention nothing at all let them say my love was immortal it’s reach blind, embrace kind, touch gentle; let them say my heart danced with the wind and that my mind followed, cautious afraid of tragedy but fully aware of the strength to be found in calamity.
وترجمناه بلسان جعله عبداللطيف مبيناً:
(إذا ما تلوا حكايتي دعهم يقولون إنني نزفتُ صراحةً.. وأن نفوذ قلبي بلا حدود، وأن نوره، وقد يُخفتُ أحياناً، لكن لن يُخرس!. دعهم يتحدثون عن حُبي، وبكل شجاعة وجسارة قلبي، وإن كان ذلك كل ما فيه.. وهذا هو ما أقدمه لهذا العالم.. إن أفعالي لن يتردد صداها عبر القرون، ولسوف يُنسى اسمي من على الذاكرة، ولكن الحب الذي أُشاركه سيعيشُ أبداً.. وإذا لم يُشيروا إلى أي شيء البتةَ فدعهم يقولون إن حبي خالدٌ.. حبٌ يلامسُ الجميع بلا استثناءٍ ليحتضنهم برفقٍ ويلمسهم بحنية.. دعهم يقولون إن قلبي خفق رقصاً مع النسيم وأن عقلي تبعه بحذرٍ.. خوفاً من المآسي ولكن على وعيٍ تام بالقوة التي تكمن طي المصائب..


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب