توقف شركات التمويل الأصغر عن تمويل زراعة القمح

د/ عادل عبد العزيز الفكي
adilalfaki@hotmail.com
أعلنت شركة الفأل للتمويل الأصغر عن أنها لن تقوم بتمويل المنتجين لزراعة القمح في الموسم الشتوي القادم، وذلك بسبب تضارب السياسات الحكومية فيما يتعلق بدعم مزارعي القمح، وعدم التزام الحكومة بشراء القمح بالسعر الذي حددته قبل بداية الموسم.
ستقلص الشركة بدءاً من هذا الموسم المساحات المستهدفة في تمويل زراعة القمح. ومن واقع ما أعرف ليست الفأل وحدها، ربما تتوقف بقية الشركات التي تنشط في هذا النوع من التمويل، والسبب هو السياسات الحكومية، النقدية والمالية.
لقد تبين عدم قدرة أو عدم جدية من بيدهم الأمر من المسؤولين الحكوميين، حيث استمرت الجهات المختصة في مضايقة الشركات الممولة بالضرائب والرسوم بدون أي اعتبار لخصوصية من تقوم هذه الشركات بخدمتهم من المنتجين.
من ناحية أخرى حولت السياسات الحكومية زراعة القمح الى نشاط به مخاطر عالية، خاصة حينما أعلنت سعر تركيز ولم تتدخل بالشراء به، في نفس الوقت وعندما أوجدت الشركات قنوات لتصدير جزء من القمح المنتج لتحقيق توازن في قيمة تكلفة إنتاجه بسبب سياسات تحريك سعر الصرف، وعدم توفر السماد في وقت الإنتاج، مُنعت من ذلك بحجة أن القمح محصول استراتيجي.
إن تبني وزارة المالية وبنك السودان لسياسة التشديد النقدي بهدف السيطرة على سعر الصرف، وتحجيم السيولة بهدف تحجيم التضخم، لم تتم بطريقة ذكية، وستؤدي لنتائج عكسية حينما تضطر الحكومة بعد شهر أكتوبر للبدء في استيراد القمح، بل وحسب المعلومات المتوفرة فإن باخرة تحمل شحنات من القمح أبحرت من أوكرانيا في طريقها لبورتسودان هذا الأسبوع.. إن مستوردي هذه الشحنة سيتجهون للسوق الداخلي لتوفير النقد الأجنبي، وسيرتفع نتيجة لذلك سعر الصرف، الذي سيتطلب بدوره زيادة المقابل لقيمته بالنقد المحلي فتتصاعد معدلات التضخم.
يضاف للعاملين المذكورين ضعف التشغيل الناجم عن خروج الكثير من المزارعين عن العملية الإنتاجية، بما يؤدي كنتيجة حتمية لتباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي.
ستغير الشركات العاملة في مجال التمويل الأصغر استراتيجيتها حيث ستتجه نحو تمويل المنتجات التي تحقق أكبر ربح ممكن للمزارعين وأقل مخاطرة، بغض النظر عن استراتيجية هذه المنتجات، قد تتجه لزراعة العدسية لأن سوق الهند مفتوح أمامها، أو تتجه لزراعة الذرة الشامية أو الأعلاف بغرض التصدير.
ندعو الحكومة ممثلة في وزارة المالية والوزارات الإنتاجية وبنك السودان المركزي لرسم السياسات التي تدعم انتاج السلع الاستراتيجية، وعلى رأسها القمح، مع تخفيف الالتزامات الضريبية على الشركات التي تقوم بتمويل المنتجين، والسعي نحو الحصول على قروض تفضيلية لاستيراد مدخلات الإنتاج من أسمدة ومحروقات، وتقديمها للمنتجين بأسعار مدعومة تحت رقابة مشددة من دائرة الأمن الاقتصادي. والله الموفق.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب