أما حكاية
ايهاب مادبو
* تشكل ظاهرة الدعم السريع واحدة من أكثر الأزمات الوطنية بالغة التعقيد وأصبحت بالتالي مهدداً خطيراً على النظام البنيوي للدولة مما قد يعرضها للحرب الأهلية أو حرب الكل ضد الكل بتوافر معطيات الحرب العبثية.
* ومن الأخطاء الكارثية لنظام الإنقاذ هو قيامه بمنح العشائر وزعماء القبائل توفيضاً سلطوياً ليقوموا بمهام وظيفية للدولة مما ساهم ذلك في تنامي سلطة القبيلة وفي مقابله تأقزم سلطة الدولة وأصبحت بذلك القبيلة هي المحدد والمهدد في ذات الوقت لصيرورة الدولة.
* وقرار إنشاء الدعم السريع جاء في سياق تحالفات السلطة والقبيلة بعد أن مزقت الإنقاذ ورقة موسى هلال وسجنته ببورتسودان فعملت الإنقاذ على ترميز محمد حمدان دلقو وصنعت له آلة إعلامية لتسويقه بديلاً لهلال وسط مجتمعاته وحقله الثقافي، ثم لاحقاً أوكلت له مهام قتالية بإشراف جهاز الأمن والمخابرات.
* وفي هذا الإطار يجب الإشارة الى أن الدعم السريع خليط متنوع ومتعدد من كم هائل من الفئات الاجتماعية والطبقية بحيث يشمل أمراء حرب قبليين وبعض أسر زعماء وقادة الإدارة الأهلية، بجانب العديد من الأجانب من دول الجوار السوداني
* ونتيجة الخلل البنيوي للدولة توسعت طموحات حميدتي من الظل إلى الواجهة بعد أن ضمن ولاء قادة وجنود الدعم ذات العقيدة الثقافية وأيضاً نتيجة أطماع سياسية في حمل المزيد من أعباء وظيفة الدولة واختزالها في قواته مما نتج عن ذلك توظيف وتوصيف خاطئ قاد إلى تعبئة سالبة انعكست على أمن وحياة المواطنين.
* والعديد من أحداث العنف التي شهدتها مدن البلاد كانت نتيجتها هو التوصيف الخاطئ لتلك القوات بحيث جعلها فوق القانون والقيم الإنسانية ويأتي سلوكها الذي ترتكبه ضد الأبرياء تعبيراً عن حالة تعبوية خاطئة صورت لهم الدولة في حدود جغرافية القبيلة وسلطتها الثقافية.
* من مصلحة الدولة إعادة توصيف الدعم السريع أولاً كقوات غير قانونية مهددة للأمن والاستقرار قبل التفكير في قضية الدمج والإصلاح العسكري وذلك توطئة لمعالجات ناجحة تستئصل في المستقبل الدواعي والأسباب التي تقود الدولة للتنازل عن وظيفتها لصالح القبيلة.